بينما ينشغل بعض عرب الخليج بصفقات شراء إبراهيموفيتش
وتياغو سيلفا وتسمية ملعب سانتياغو برنابيو باسم ملعب الإمارات، وما يرافق ذلك من
التقاط صور تذكارية مع "إبرا" ورونالدو الذي يبدو في بعض صوره مع العرب
متحسرا على مقاسمتهم له الكوكب نفسه.. وفي الوقت نفسه ينشغل خليجيون آخرون بإشعال
الحرائق في بلدان مجاورة، ثم التظاهر بمحاولة إطفائها..
وبينما ينشغل بعض عرب آسيا بأزماتهم الدموية الرهيبة
التي سقط ضحية له حتى الآن آلاف المدنيين وغير المدنيين.. وما يرافق ذلك من
"تخلاط" داخلي وخارجي، يقوم بجزء منه عرب الخليج المنشغلين بشراء
اللاعبين وإشعال الحرائق..
وبينما ينشغل بعض عرب إفريقيا بمواجهة الفوضى التي أعقبت
سقوط أنظمتهم السابقة، ينشغل عرب آخرون بالتهاب الأسعار وندرة بعض السلع في شهر
رمضاني قيل الكثير عن حرارته هذه السنة، والقليل عن فضله وأجر الصائمين والقائمين
إيمانا واحتسابا..
وبينما تنشغل أوروبا بأزماتها المالية التي بدأت تأخذ
طابعا اجتماعيا عسيرا تارة وبالألعاب الأولمبية تارة أخرى..
بينما يحصل ذلك كله، يواصل وحوش دولة بورما تعذيب
إخواننا المسلمين وتذبيحهم وإحراقهم وتقتيلهم بكل السبل.. دون أن نسمع أميرا من
أمراء البترو دولار، أو سياسيا كبيرا من ساسة المشرق والمغرب "يتبرع"
بعقد مؤتمر لأصدقاء مسلمي بورما، أو حتى يتبرع بتصريح لا يكلفه سنتا واحدا..
ومن المخجل كثيرا أنه في الوقت الذي لا نسمع للعرب
والمسلمين، عموما، حسيسا، ماعدا بعض صفحات الفايسبوك المحتشمة والمقالات الخجولة
هنا وهناك، أدانت المفوضية الأوروبية المجازر التي ترتكبها جماعات بوذية متطرفة ضد
المسلمين في بورما، والتي أودت بحياة الآلاف.
المفوضية الأوروبية أظهرت أنها أشرف من كثير من العرب
والأعراب فكثفت جهودها الدبلوماسية من أجل الحد من المذابح التي ترتكب ضد المسلمين
في منطقة "روهينغا" ببورما..
وقال مايكل مان الناطق باسم المفوضة السامية لشؤون
السياسة الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون: "إن الاتحاد
الأوروبي يتابع عن كثب أحداث العنف التي تستهدف الأقلية المسلمة في بورما"..
تصريح لم نسمع له مثيلا، للأسف الشديد، بين ما تبقى من حكام ومسؤولين عرب وأعراب..
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لا شك أن ما يجري في سوريا العربية عار لـ"عرب
العار" الذين مازالوا مختلفين في تحديد هوية القاتل والمقتول، وما يجري في
بورما عار للمسلمين المختلفين حول حكم مشاهدة مسلسل عمر، والعاجزين عن تغيير
المنكر ولو بألسنتهم التي طالت على بعضهم وقصرت على الأعداء فأصبحوا أذلة، لأن
الله أعزهم بالإسلام، فلما طلبوا العزة في غيره أذلهم الله..