-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

قسما.. هذه قصة نشيد الجزائر

يا فرنسا قد مضى وقت العتاب..

قسما.. نشيد زلزل فرنسا وأثار أكثر من جدل


عاد النشيد الوطني الجزائري قسما إلى الواجهة، بمناسبة الضجة التي أثارها بمناسبة الضجة التي أثارها تطاول صحيفة التليغراف البريطانية عليه، ووصفها له بالسيئ والعدوائي، وهي ضجة تذكرنا بضجة أثيرت قبل سنوات حين تم حذف مقطع "يا فرنسا قد مضى وقت العتاب" من الكتاب المدرسي في فضيحة زلزلت الساحة السياسية والإعلامية في الجزائر، قبل الساحة التربوية. ووسط الضجتين، نسي كثيرون القيمة التاريخية لـ"قسما"، هذا النشيد الذي زلزل فرنسا، وما يزال يشكل غصة في حلقها.


ليس من قبيل المبالغة القول بأن نشيد "قسما"، نشيد جبهة التحرير الذي سرعان ما تحول إلى نشيد الجزائر الوطني، والذي كتبه الشاعر مفدي زكريا عام 1956، ولحّنه الملحّن المصري محمد فوزي كان له أثر يشبه أثر "الزلزال" على الاستدمار الفرنسي، فقوة كلمات قصيدة مفدي زكريا التي تتألف من خمسة مقاطع وخمسة عشر بيتا مع لازمة "فاشهدوا" التي تتكرر في نهاية كل مقطع، ساهمت، بشكل أو بآخر، في تغذية الحماس الثوري لدى الجزائريين الذين كثّفوا في نهاية خمسينيات العقد الماضي من هجماتهم وعملياتهم ضد جنود الاحتلال وألحقوا به خسائر فاقت كل التوقعات، الأمر الذي دفع في النهاية بفرنسا الاستعمارية إلى الاعتراف بقوة الثورة وتنظيم استفتاء تقرير المصير الذي أعقبه استقلال الجزائر بعد 132 سنة من الاستدمار.






مفدي زكريا يتحدى فرنسا من بارباروس



كتب شاعر الثورة قصيدة "قسما" بالزنزانة رقم 69 في سجن بارباروس سابقا (سركاجي حاليا) بالعاصمة الجزائر، عندما كان مفدي زكريا معتقلا سنة 1956، أي سنتين فقط بعد اندلاع الثورة التحريرية المسلحة، وقد كانت القصيدة بمثابة رسالة تحدي لسجّانيه، ولم يكن يدري يومها أن كلمات قصيدته ستتحول إلى نشيد وطني، بلحن رائع للموسيقار المصري محمد فوزي، يحفظه الملايين عن ظهر قلب، يدوي كل يوم في سماء الجزائر والعالم، ويثير أكثر من ضجة، ومن المعلوم أن شاعرنا تعرض للسجن خمس مرات كاملة، ابتداء من 1937، وقد نجح في الفرار من السجن سنة 1959.


وشاعر الثورة، واسمه الكامل زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى، من مواليد يوم الجمعة 12 جوان 1908، ببني يزقن، أحد القصور السبعة لوادي ميزاب، بغرداية من عائلة تعود أصولها إلى بني رستم، الذي أسسوا دولة الرستميين في القرن الثاني للهجرة، لقّبه زميل البعثة الميزابيّة والدراسة الفرقد سليمان بوجناح بـ: "مفدي"، فأصبح لقبه الأدبيّ الذي اشتهر به، وكان، إضافة إلى ذلك، يوَقَّع أشعاره بـ"ابن تومرت"، تعبيرا عن إعجابه بمؤسس دولة الموحدين.


وفي بلدته تلقّى دروسه الأولى في القرآن ومبادئ اللغة العربيّة، وبدأ تعليمه الأول بمدينة عنابة أين كان والده يمارس التجارة بالمدينة، ثم انتقل إلى تونس لمواصلة تعليمه باللغتين العربية والفرنسية وتعلّم بالمدرسة الخلدونية، ومدرسة العطارين، قبل أن يدرس في جامعة الزيتونة حيث نال شهادتها.


وقد انضم مفدي زكريا إلى صفوف العمل السياسي والوطني منذ أوائل الثلاثينات، حيث كان مناضلاً نشيطاً في صفوف جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين، ثم في حزب نجم شمال إفريقيا، كما كان عضواً نشيطاً في حزب الشعب وكذا في جمعية الانتصار للحريات الديمقراطية، قبل أن ينضم إلى صفوف جبهة التحرير الوطني.


من أبرز دواوينه الشعرية: تحت ظلال الزيتون، صدرت طبعته الأولى سنة 1965، اللهب المقدس، صدر في الجزائر سنة 1983، وصدرت طبعته الأولى سنة 1973، من وحي الأطلس، إلياذة الجزائر، وله عدد من دواوين الشعر لازالت مخطوطة تنتظر من يقوم بإحيائها.


وهو حامل لوسام الكفاءة الفكريّة من الدرجة الأولى من عاهل المملكة المغربيّة محمد الخامس، بتاريخ 21 أفريل 1961، ووسام الاستقلال، ووسام الاستحقاق الثقافيّ، من رئيس الجمهوريّة التونسيّة الحبيب بورقيبة، ووسام المقاوم من الرئيس الشاذلي بن جديد بتاريخ 25 أكتوبر 1984، وشهادة تقدير على أعماله ومؤلفاته، وتقديرا لجهوده ونضاله في خدمة الثقافة الجزائرية من الرئيس الجزائريّ الشاذلي بن جديد في 08 جويلية 1987، ووسام الأثير من مصفّ الاستحقاق الوطنيّ من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتاريخ 04 جويلية 1999.


وقد توفي شاعرنا الكبير يوم الأربعاء 02 رمضان 1397هـ، الموافق ليوم 17 أوت 1977 م، بتونس، ونقل جثمانه إلى الجزائر، ليدفن بمسقط رأسه ببني يزقن.






ليست المرة الأولى..



الجدل الذي أثاره تطاول التليغراف على "قسما"، وكذا الضجة التي أثارها حذف مقطع "يا فرنسا" من النشيد الوطني، ليس الجدل الأول من نوعه، إذ سبقته عدة "زوابع" في سنوات سابقة، فقد كان محل عدة محاولات لتغييره، أو على الأقل تعديله، إلى حد تقديم مشروع قانون لإدخال تعديلات عليه، كما أنها ليست المرة الأولى التي "يختفي" فيها مقطع "يا فرنسا" من نشيدنا الوطني، فقد سبق أن غاب هذا المقطع في فترة من فترات الجزائر المستقلة، كما تعرض ذات المقطع إلى "الزبر" سنة 1983 حين خلا ديوان "اللهب المقدس" لمفدي زكريا، الصادر آنذاك عن هيئة رسمية، والذي احتوى على قصيدة النشيد الوطني في الصفحتين 71و 72 من "يا فرنسا"، رغم أن الديوان تولى تصديره وكتابة مقدمته سليمان الشيخ نجل مفدي زكريا، ووزير الثقافة السابق.


ويبدو من المثير بحق أن يتركز عمل "المقص" على حذف هذا المقطع بالذات، ومن الواضح أن الذين عمدوا إلى ذلك إنما يتقاطعون في توجه مشبوه، ولا يمكن رد الأمر إلى محض الصدفة أو الخطأ البريء.


وإذا كان الهدف من ذلك هو محاولة إرضاء بعض الدوائر الفرنسية، أو على الأقل العمل على عدم إغضابها، فحري بنا القول بأن هذا الهدف لم يتحقق، بدليل تمسك فرنسا الحالية بعدم الاعتذار عن جرائم فرنسا الاستدمارية، وتعثر توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين.





النص الكامل للنشيد الوطني قسما



قـــسما بالنازلات الـماحقات والـدماء الـزاكيات الطـــاهرات


والبــنود اللامعات الـخافقات في الـجبال الشامخات الشاهقات


نحن ثــرنـا فحــياة أو مـمات وعقدنا العزم أن تـحيا الجـزائر


فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا






نحن جند في سبيل الـحق ثرنا وإلى استقلالنا بالـحرب قـــمنا


لـم يكن يصغى لنا لـما نطــقنا فاتــخذنا رنة البـارود وزنـــــا


وعزفنا نغمة الرشاش لــــحنا وعقدنا العزم أن تـحيا الجزائر


فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا






يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كــما يطوى الكـــتاب


يا فرنسا إن ذا يوم الـحــساب فاستعدي وخذي منــا الجواب


إن في ثــورتنا فصل الـخطاب وعقدنا العزم أن تـحيا الجزائر


فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا






نحن من أبطالنا ندفع جنــــــدا وعلى أشـلائنا نصنع مجــــدا


وعلى أرواحنا نصعد خـــــلدا وعلى هامــاتنا نرفع بنــــــدا


جبهة التـحرير أعطيناك عـهدا وعقدنا العزم أن تـحيا الجزائر


فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا






صرخة الأوطان من ساح الفدا اسـمعوها واستجــيبوا للنــــدا


واكـــتبوها بـــدماء الــشهــداء واقرأوهــا لبني الـجـيل غــــدا


قد مددنا لـك يا مـــجد يــــدا وعقدنا العزم أن تـحيا الجزائر


فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا




شعر: شاعر الثورة مفدي زكريا


تلحين: الموسيقار المصري محمد فوزي
  1. وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر

    ردحذف
  2. ... أمّـا من هُنـا أخي الشيـخ.. و حينَ وقعتُ لأوّل مرّة على ذلك الخبر الذي تناقلتهُ مختلف الصُحُف حيال تعليقات الصحف الغربية و البريطانية على وجه الخصُوص حول نشيدنا الوطني..

    صدّقنـي..؟ و أنا أقرأ الخبر.. ارتَسَمَت بسمةُ فخـر و فرح عارم على مُحيّاي...؟؟؟ بل و إذا بقُشعريرة تسري في جسدي.. و قلبي يضطربُ خفقانه..؟ فخراً و اعتزازاً و فرحاً.. بنشيدنـا المُبجّـل.. و بذاكَ الخبر و في آنٍ واحد..!

    -------------

    ردحذف
    الردود
    1. رحم الله الشهداء، بفضل الله ثم بفضلهم نعيشاليوم أحرارا على هذا الوطن، ونملك هذا النشيد الذي أزعجتهم صراحته فاعتبروه سيئا، وهو ما يثبت جودته، ولو قالوا فيه كلاما طيبا لكان علينا أن نراجعه..

      حذف
  3. رحم الله الشهداء حر بو من اجلنا انا جزائري افتخر بلادي عندما اقول قسمااشعر تزلزل قلبي

    ردحذف

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020