عون أمن "مشبوه" يصنع الحدث
"الهواري".. شخصية السنة
في الجزائر!
* من هواري بومدين.. إلى "الهواري مول لومبيلونص"!
الشيخ بن
خليفة
"يا الهواري قولّي واش راه صاري"، أغنية
يرددها كثير من شباب الفايسبوك، وكثير من المنتديات بالجزائر هذه الأيام، ومع
اقتراب سنة 2013 من نهايتها، فرض عون الأمن المشبوه بأحد
الأحياء الجامعية، المسمى الهواري "مول لومبيلانص" نفسه نجما
فوق العادة، ورجلا لهذه السنة الميلادية، منتزعا الريادة من الوزير الأولى عبد
المالك سلال الذي كان أبرز المسؤولين نشاطا وإثارة للجدل هذه السنة، وسارقا الأضواء
من مجيد بوقرة، صاحب الهدف الذي أوصل "الخضر" ـ بإذن الله ـ إلى مونديال
البرازيل، وواضعا شكيب خليل المتهم في أكبر فضيحة مالية بالجزائر بعيدا عن
الأضواء..
وبعد 35 سنة على رحيل "الموسطاش" هواري بومدين
الذي مازال يشغل الناس إلى يومنا هذا، ظهر هواري جديد ليصنع الحدث والأحاديث، وإذا
كان هواري "الموسطاش" رمزا للجزائري الحر النظيف الذي لديه الاستعداد
لأكل التراب بدلا من الذل والتودد لفرنسا، فإن "هواري 2013" من طراز آخر
مغاير تماما لديه الاستعداد لفعل أي شيء للحصول على المال، فالهواري الجديد ظهر في
التقرير الذي بثته قناة النهار الفضائية الخاصة شخصا بلا أخلاق يتولى نقل فتيات
منحرفات إلى عشاقهن في سيارة الإسعاف التابعة للإقامة الجامعية، ببنزين يعبّأ من
خزينة الدولة، ليحصل على 5000 دينار مقابل "الرأس الواحد"، والرقم قابل
للزيادة تبعا لـ"سخاء" عشاق "طالبات العلم اللائي تحولن إلى طالبات
هوى"، علما أن القناة المذكورة ارتكبت، في تقديرنا، خطأ فادحا رغم أن ما جاء
في البرنامج ليس جديدا ولا غريبا على مجتمعنا المفلس أخلاقيا للأسف في مختلف
القطاعات والمجالات.. غلطة القناة المذكورة هي التعميم الوارد في عنوان التقرير
وكان الأصح أن تكتب "عندما تتحول طالبات علم إلى طالبات هوى"، بدلا من
طالبات العلم..
"الهواري" في كل مكان..
"هواري 2013"، أو "الهواري مول
لومبيلانص" الذي يتولى ترتيب عملية "الهروب الماكر" لمنحرفات لم
يترددن في خيانة أمانة وثقة أهاليهن، مستغلات حالة التسيب التي تشهدها العديد من
الإقامات الجامعية، على غرار مؤسسات أخرى كثيرة، ليس إلا ورقة على شجرة ضمن غابة
الفساد الذي عم، للأسف الشديد، أرجاء الجزائر، حتى بات ما يقوم به الهواري
والآخرون أمرا عاديا جدا، يصنف في خانة "النورمال"، فالهواري، برأي
البعض، لم يقم بشيء سوى "تأمين مستقبل أولاده" ـ ولو بالمال الحرام ـ
ولو وُضع كثيرون آخرون في مكان الهواري "مول لومبلانص" ما كانوا
ليترددوا في القيام بما قام به..
"الهواري مول لومبيلانص" ليس في النهاية سوى
رمزا كبيرا صريحا وواضحا للفساد والإفساد بالجزائر، والحديث عنه بكل هذا التركيز،
و"اختياره" من طرف فايسبوكيين شخصية للسنة، لا ينبغي أن ينسينا
"الهواريات" الآخرين، فهناك "هواري مول الجامعة" يعيث فيها
فسادا، ويسمح بالعبث في أحيائها وكلياتها، وهواري آخر "مول البلدية"،
يخون الأمانة، وهواري آخر "مول الميناء" يتصرف خارج القانون، وقد لا
نبالغ إن قلنا أن الهواري موجود في كل مكان.. وربما كان "الهواري مول
لومبيلانص" أقل ضررا من هواريات آخرين.. كما أن الهواري المذكور هو نتاج
مجتمع أفلس أخلاقيا أنتج الكثير من "الهواريات" ومن الفتيات اللائي
يستنجدن بالهواري لإخراجهن نحو الضياع..
الخبيثات للخبيثين
لم يمر مضمون تقرير قناة النهار بردا وسلاما على عدد كبير
من العائلات الجزائرية التي شعرت بأنها معنية بشكل مباشر بمحتوى التقرير الذي قدّم
صورة بالغة السوء عن الطالبات المقيمات في بعض الأحياء الجامعية بالعاصمة، حيث بدا
كأنهن انتقلن من مقام "طالبات علم" إلى درك "طالبات هوى"،
والعياذ بالله، الأمر الذي أغضبهن وأغضب عائلاتهن، وقد تنقل أولياء عدد من
الطالبات القادمات من ولايات مختلفة إلى الجزائر العاصمة تحت تأثير ما جاء في
التقرير في محاولة لاستيضاح الحقيقة.
وإن كان ما لا شك فيه أن جامعانا والأحياء الجامعية
ببلادنا، على غرار كثير من الأماكن والمؤسسات، تغرق في الفضائح والفساد بكل
أشكاله، فإنه من الظلم رمي جميع الطالبات بالفساد، واتهام كل طالبة جامعية بالفسوق
والعصيان، فـ"بنات الفاميليا" موجودات وكثيرات، وكثيرات جدا لا يعرفن في
مشوار تواجدهن بالجامعة غير العلم والدراسة، أما ما يحدث من انحلال وتفسخ فهو يحدث
في كل مكان.. والمسؤولية تقع على عاتق مختلف هيئات ومؤسسات المجتمع..
وما ينبغي أن يتذكره المتجادلون دائما ـ خصوصا أولئك
الذين يخوضون في مسألة الزواج من الجامعيات وتراجع أسهم المقيمات بأحياء الجامعة
السيئة السمعة ـ هو القانون الإلهي الثابت الذي جاء نصه في قوله تعالى:
"الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات
والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرّؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم".