دروس من الحياة
أي حياة تريد، وأي حياة تعلم، وأي حياة تدرس،
وأي حياة تربي؟
أهي حياة اللهو واللعب؟ أهي حياة العبث
واللعب؟ أهي حياة الضياع والتيه؟
لا والذي رفع السماء بلا عمد، إنها الحياة في
ظل العقيدة الإسلامية..
إنها الحياة التي تجعلك متفاعلا مع هذا الكون
تتدبر فيه وتتفكر.
حياة على الحق نعم الحياة.. وبئس الحياة إذا
لم نحق إنها الحياة الحقيقة، حياة تحت ظل الإسلام، تعلم وتربي وتدرس.
حياة على الهدى والنور، حياة الحبور والنعيم
والسرور، من عاش تحت ظلها عاش في نور
وعلى نور ومات على نور ولقي الله بنور وعبر
الصراط ومعه النور:
(نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ
لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) (النور35)
إذا جاء يوم القيامة وقسمت الأنوار بين
المؤمنين والمنافقين، عندما توضع الأقدام على الصراط يتبين من بكى ممن تباكى.
سرعان ما تنطفئ أنوار المنافقين فهم في ظلمات
لا يبصرون، ينادون:
"انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ
قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ
لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ"
في تلك اللحظات وفي هذه الساعات يكون
المؤمنون قد عبروا بنورهم:
"يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم" (الحديد12)
فلا يرضى المؤمنون إلا بجوار الرحمن في جنة
عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.
(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ
وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي
الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا)
كلا وألف كلا.
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ،
وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ، وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ، وَمَا يَسْتَوِي
الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ)
لا يستوي عاقل كلا وذي سفه....... لا والذي
علم الإنسان بالقلم
هل يستوي من على حق تصرفه.... ومن مشى تائها
في حال الظلم
لا يستوون أبدا.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن....
لا
أيأس وأن لا أقنط.
وأن أعمل وأدعو إلى الله ولا أستعجل النتائج
وأن أبذر الحب قطفت ديناراأم لم أقطف دينارا،
(فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.)قَالَ
وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) (الحجر:56)
** لو تأملت قصة نوح عليه السلام الذي طالما
دعا بالليل والنهار بالسر والإعلان، ولم يزدهم دعائه إلا فرارا، جعلوا أصابعهم في
آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا، والدعوة لمدة تسع مائة وخمسين
عاما،
ومع ذلك ما آمن معه إلا قليل:
قيل اثنا عشر وغاية ما قيل أنهم ثمانون بمعنى
أنه في كل خمس وثمانين سنة يؤمن واحد أو في كل اثنتي عشرة سنة يؤمن واحد، ولم ييئس
صلوات الله وسلامه عليه وما كان له أن ييأس.
يقول (صلى الله عليه وسلم) كما في الصحيح:
(يأتي النبي ومعه الرجل، ويأتي النبي ومعه
الرجلان، ويأتي النبي ومعه الرهط، ويأتي النبي وليس معه أحد).
ولم ييأسوا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
**وهاهم أصحاب قرية إنطاكية يرسل الله لهم
رسولين فكذبوهما فعززنا بثالث فكذبوه..
ثلاثة رسل إلى قرية واحدة ثم يقوم داعية من
بينهم قد آمن بالله الذي لا إله إلا هو، فما كان منهم إلا أن قتلوه، فما النتيجة:
"قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا
لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ" (يّـس:26)
**النملة... تلكم الحشرة الصغيرة تعمل وتجمع
الحب في الصيف لتأكله في الشتاء،
ينزل المطر فتخرجه من جحورها ومخازنها لتعرضه
للشمس، ثم تعيده مرة أخرى،
وتحاول صعود الجدار مرة فتسقط، ثم تحاول أخرى
فتسقط، ثم تحاول مرتين وثلاثا وأربعا
حتى تصعد الجدار.
أفيعجز أحدنا أن يكون ولو كهذه الحشرة؟.
(بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين).
إن الله جل وعلا يقول:
"أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ
كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ
نُصِبَتْ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) (الغاشية:20)
ثم ماذا قال بعدها؟
"فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ"
(الغاشية:21)
وكأن الله عز وجل يريد من الذين يدعون إلى
الله:
أن يأخذوا صبر الأبل، وسمو السماء، وثبات
الجبال، وذلة الأرض للمؤمنين،
ثم
بعد ذلك: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ"
ليس لليأس مكان عند المؤمن، وليس للقنوط مكان
عند المؤمن.
** هاهو رجل يركب البحر وتنكسر به سفينته،
فيسبح إلى جزيرة في وسط البحر ويمكث ثلاثة أيام لم يذق طعاما ولا شرابا، ويئس من
الحياة فقام ينشد:
إذا شاب الغراب أتيت أهلي... وصار القار
كاللبن الحليب
لا يمكن أن يكون القار كاللبن، ولا يمكن أن
يشيب الغراب
ومعنى ذلك أنه يئس وأيقن بالموت.
وإذا بهاتف يهتف ويقول:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه.. يكون ورائه فرج
قريب
وبينما هو يسمع هذا النداء وإذ بسفينة تمر
فيلوح لها فتأتي وتحمله
وإذ على
ظهر السفينة أحدهم يردد منشدا:
عسى
فرج يأتي به الله إنه.............له كل يوم في خليقته أمر
إذا لاح عسر فأرجو يسؤ فإنه.........قضى الله
أن العسر يتبعه اليسر
ولن يغلب عسر يسرين، فأعمل أخي لا تيئس وأبذر
الحب.
فعليك بذر الحب لا قطف الجنى..........والله
للساعين خير معين
ستسير فلك الحق تحمل
جنده.............وستنتهي للشاطئ المأمون
بالله مجراها ومرساها
فهل.................تخشى الرد والله خير ضمين
ولنا بيوسف أسوة في صبره..............وقد
ارتمى في السجن بضع سنين
لا يأس يسكننا فإن كبر الأسى...........وطغى
فإن يقين قلبي أكبر
في منهج الرحمان أمن مخاوفي.............
وإليه في ليل الشدائد نجأر.