هل يكفي تغيير الرأس؟

النظام سيتغير.. ولكن..

النظام سيتغير، ما من شك في ذلك، حتى ولو تُرك الأمر لملك الموت منفذا الأجندة الإلهية، ولكن ماذا بعد التغيير، وهل يمكن لمجتمع مفلس أخلاقيا أن يُنتج في المستقبل نظاما سياسيا صالحا؟

كثير من الجزائريين يدعون ويتداعون للتغيير، نحو الأفضل، وهو نداء جميل، فليس هناك عاقل يمكن أن يبغض التغيير نحو الأفضل، وليس هناك من عاقل يرضى باستمرار الفساد الذي زحف على مختلف القطاعات..

بعد "الخليفة".. فساد في سوناطراك، وآخر في نفطال، وفساد في سونلغاز، وفي قطاع الأشغال العمومية، واختلاسات هنا وهناك، عشرات الأميار وراء القضبان، ومئات المسؤولين مهددون بالسجن.. وماذا بعد؟..

في المقابل لدينا مجتمع يغرق بدوره في الفساد، والمخدرات وقضايا الفواحش والمنكرات والاغتصاب والقتل والاعتداءات والرشوة و"الحقرة الأفقية"..

المواطن يشكو "حقرة" الحكومة وبيروقراطية الإدارة، لكنه لا يتوانى في أن يمارس "الحقرة" ـ وبكثير من السادية أحيانا ـ على أخيه المواطن، وتعذيبه بممارسات تبدو البيروقراطية "نعمة" مقارنة بها..

كثير من الجزائريين يتمنون الموت ساجدين، وهم لا يصلون أصلا.. يتمنون أن يُدفنوا في مقبرة البقيع مع الصحابة وهم يأكلون أموالهم بينهم بالباطل..

صحيح أن الجزائريين ليسوا جميعا سواء، فبقدر انتشار الفساد بقوة، هناك صالحون ومصلحون كثيرون، والحمد لله، ولكن هل يكفي "مليون مواطن صالح" ـ إن وُجدوا ـ لدرء فساد الملايين؟!

صحيح أن "الناس على دين ملوكهم" وإذا فسد الرأس فسد الجسم.. لكن الصحيح أيضا أنه "كما تكونوا يوّلى عليكم"، وليس كافيا تغيير الرأس والقلب فاسد..!

رفض الفساد واجب، والدعوة للتغيير نحو الأفضل ـ بعيدا عن التقاتل والتناحر والتخوين ـ أمر مطلوب، ولكن ينبغي أن ندرك جميعا أن تغيير الرأس لا يكفي إذا كان القلب فاسدا، والجسم بحاجة إلى صيانة أخلاقية عميقة، تعيد للمجتمع الجزائري أخلاقه التي ضاعت ولن ينفع معها ربيع عربي، ولا صيف إفرنجي!..

الشيخ بن خليفة