-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

شهادة الشاعر غيث شحادة عن معاناة اللاجئين السوريين بمصر



حوار خاص مع الشاعر غيث شحادة

"هذا ما فعله الإعلام بالسوريين في مصر"
توفيق عكاشة ذبحنا.. وباسم يوسف دافع عنا
سوريا بحالة دمار كامل.. ولكن يبقى الأمل

في الأسابيع الأولى لسنة 2013 أجرينا حوارا مع الشاعر السوري غيث شحادة الذي كان يومها يشعر بكثير من الراحة وهو في ضيافة مصر التي قصدها شأنه شأن الآلاف من بني جلدته، بعد أن اشتعل لهيب نار الفتنة في سوريا.. ولم يكن شحادة، وبنو وطنه، يشعرون أنه سيأتي يوم يجدون فيه أنفسهم مجبرين على حزم أمتعتهم "على مضاضة" لمغادرة مصر.. صحيفة "أخبار اليوم" الجزائرية ـ التي يتولى صاحب هذه المدونة رئاسة التحرير بها ـ سألت "غيث" الذي استقر بتركيا قادما من مصر، عن ظروف وأوضاع اللائجين السوريين بمصر، فقال أنها لا تسر الخاطر، مشيرا إلى أن التحريض الإعلامي الدنيئ قد تسبب في انتقال كراهية البعض من الصدور والأفواه إلى الأفعال، حيث لم يتردد بعض المصريين في حرق محلات للسوريين الذين بدأوا عملية "هروب جماعي"، "فبعدما ضاقت عليهم القلوب ضاقت عليهم الأرض".. على حد تعبير الشاعر غيث شحادة الذي ننقل شهادته في هذه الدردشة..

ـ حاوره: الشيخ بن خليفة ـ

 لجأت قبل شهور إلى حضن مصر وكتبت لها "يا مصر جئتك حاملا ً أحزاني ومواجعي فاضت عن الكتمانِ..بعض الجراح من النساء وعشقهن وبعضها من فرقة الأوطان".. ولكنك جمعت رحالك لتغادر مصر.. هل لك أن تطلعنا على خلفيات هذا القرار الصعب؟ وما هي وجهتك الجديدة، وعلى أي أساس اخترتها؟
صحيح كان قراراً صعباً أن أغادر مصر مجبراً لا مختاراً ولقد لجأت إليها طامعاً بالاستقرار فلقد تعبت من الترحال ومراكبي تعبت معي.ولقت قلت بنفس القصيدة التي كتبتها بمصر بأواخر الأبيات.
يامصر ضميني ولا تترددي
فمراكبي سئمت من الخلجانِ
ولكن ربما مصر لم تسمعني فقد كانت ومازالت منشغلة بالخلافات السياسية والاقتتال. ووجهتي الجديدة هي تركيا، واخترتها نظراً للتسهيلات الكثيرة للسورين التي لم توفرها العديد من الدول العربية كالخليج ومصر والأردن ولبنان والعديد من الدول الأخرى.

 شهدت مصر في الأيام الأخيرة تطورات متسارعة جدا، وبعد قيام العسكر بعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي شنت بعض وسائل الإعلام المصرية حملة شعواء ضد اللاجئين السوريين، وكذا الفلسطينيين، بمصر..من يقف وراء هذه الحملة، وما أهدافها في تقديرك؟
بالفعل هي حملة شعواء وبشعة جداً وبعضها من إعلامين لهم متابعيهم ومن أبرزهم وعلى رأسهم توفيق عكاشة، ولن أقول الإعلامي، لأن الأعلام قبل كل شيء هي مهنة أخلاق ومهنة نزيهة.
وقد قام توفيق عكاشة بالتهديد العلني والمباشر للسورين في مصر ونسى أو تناسى أهمية مصر بالوطن العربي وكيف جاء إليها السوريون لحبهم لمصر واعتبارها وطننا ثاني ونسى الوحدة العربية التي كانت بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية العربية المصرية، ولكن لننقل الوجه الآخر والموضوعي للإعلام فقد قام الإعلامي باسم يوسف بالدفاع عن السورين بعدة لقاءات وحوارات وعبر حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي وأشاد بالعلاقات والتاريخ والمصير المشترك بين البلدين، ومن هنا أشكر كل من وقف بجانب اللاجئين السورين بجمبع أماكنهم وبمختلف مهنهم، وأعتقد أن من يقف وراء هذه الحملة قلة من الناس بسبب جهلهم وقلة وعيهم أو بسبب مصالح، وأهدافها تشوية صورة المواطن السوري والفلسطيني على وجه سواء وبث روح الفرقة والعداوة بين الشعوب العربية بعدما بثت هذه الروح بين أبناء الشعب الواحد.

  كيف تفاعل المواطن المصري البسيط مع حملة الكراهية ضدكم، وكيف قضيتم الأيام التي أعقبت بدء تلك الحملة الدنيئة؟
التفاعل كان مختلفا، فمنهم من لم يصدق هذه الحملة ورفضها ورفض كل من يصدقها ومن يروج لها بغض النظر إن كان مؤيدا للرئيس محمد مرسي أو معارضا له مع دعم للجالية السورية، وهناك من تأثر بها تأثراً كبيراً وتطور هذا العداء حتى أن بعض ممن تأثر بها تطور كرهه إلى فعل، وقد قام البعض بحرق محلات تجارية ومطاعم ومقاهي خاصة للسورين، وبكل صراحة الفترة التي أعقبت هذه الحملة فترة مريرة والكثير من السورين يقومون بترك مصر، فبعدما ضاقت عليهم القلوب ضاقت عليهم الأرض.

 كمواطن سوري، ما ردك على الاتهامات الموجهة للسوريين اللاجئين بمصر؟ وهل صحيح أنهم "انحازوا" إلى صف الإخوان؟
أعتقد أنها اتهامات كاذبة لحد بعيد، ولو كانت هناك حالات انحياز، فهي حالات فردية بسيطة ولا تمثل النسيج السوري فالمواطن السوري المقيم بمصر لم ولن ينحاز لأي طرف على حساب أخر.

 في ظل ما حصل ويحصل للاجئين السوريين والفلسطينيين بمصر. هل مازال ممكنا الحديث عن القومية العربية وعن الأخوة.. وما إلى ذلك؟
لأكون صريحا معك، فهذه الأخوة بدأت أشعر أنها شعارات وغير موجودة بالدرجة المطلوبة على أرض الواقع. فكما ذكرت سابقاً فالعديد من الدول العربية أغلقت أبوابها ومن هذا المنطلق فلا أستطيع لوم البلدان الأوربية على إغلاق أبوابها..
وتحضرني أبيات للشاعر السوري نزار قباني عن العروبة يقول فيها:
أنا يا صديقةٌ مُتعبٌ بعروبتي
فهل العروبة لعنةٌ وعِقابْ؟

أَمشي على وَرقِ الخريطةِ خائفاً
فعلى الخريطةِ كُلنا أَغْراب!

  كنت مرتاحا في مصر ولكن ألم الغربة من جهة، وآلامك المشهد السوري الدامي من جهة أخرى كانت تقض مضجعك، هل ضاعف التضييق عليكم في مصر من أحزانكم، أم أنكم قد تجاوزتم الحزن بمراحل؟
نعم التضييق كان مؤلماً وزاد من أوجاعنا كثيراً ولم أعد أدري إن كانت كلمة حزن تصف الحال فهي أحزان متراكبة، وأقول (من جرب الكيَّ لا ينسى مواجعهُ) ولكن ما يخفف الألم هو الإيمان بالله وبقضائه خيره وشره وتسليم الأمر له.
وبصراحة فقد كتبت قصيدة وأنا بحالة حزن وأنا أطوف شوارع مصر وشعرت أن القلب بمكان والجسد بمكان آخر فكتبت ارتجالاً:
ولدت هناك وأحيا هنا 
ولست هناك ولست هنا 
وتذوقت شراب الحياة ِ
وماذقت فيهِ مذاق الهنا
وتغربت بكل البلادِ
كأني سحابٌ يطوف الدُنا
وكل النساء ِككل البلادِ
جرحٌ يعيشُ بأعماقنا
وتقاسمتني نساءُ البلادِ
كأنيَّ زهرٌ لطيف الجَنى
وقد بعثرتني رياحُ الحياةِ
كأني أنا ما عدتُ أنا
سأبقى أسير خلالِ البلادِ
كماءٍ يمرُ على منحنى
سيمشي الزمان، سيمشي المكانُ 
ولست هناكَ ولست هنا..

كيف تستطيع إبقاء "شهية كتابة الشعر" لديك مفتوحة في ظل هذا الواقع الذي يحبس الأنفاس؟
الشعر فكرة وشعور، وكشاعر أقوم بوضع هذه الأفكار والمشاعر بقالب موزون تماماً كالعلاقة بين العطر وزجاجة العطر. وطالما هناك أفكار ومشاعر فهنالك شعر يعبر عن الحالة، سواء كانت حالة ايجابية أو سلبية وهنا تكمن وظيفة الشعر وتكمن وظيفتي كشاعر في ترجمة المكنونات الى كلمات .

 هل من رسالة تود توجيهها للمصريين وعموم العرب؟
بالنسبة للأخوة المصريين أرجو أن يكونوا على قدر كبير من الوعي تجاه مشاكل اخوتهم العرب المتواجدون على الأراضي المصرية، وعلى القدر ذاته من الوعي تجاه قضاياهم الداخلية. وعلى عموم العرب أن لا ينسوا واجبهم نحو القضية القومية العربية.

هل مازلت تفضل عدم الخوض في ما يجري على أرض سوريا من مآس ونكبات؟ وهل مازال إنقاذ سوريا من الدمار الكامل أمرا ممكنا في تقديرك؟
نعم أفضل عدم الخوض لأننا حين نتكلم نتكلم لفائدة والأن ليس للكلام ولا للكلمات أي جدوى وليس هنالك أذان صاغية لتسمع.
وبرأيي سوريا الآن بحالة دمار كامل، ولكن يبقى الأمل بعدم دمار الإنسان والحفاظ على كيانه ووجوده وثقافته ومبادئه.

رغم كل شيء، هل أنت متفائل بمستقبل سوريا ومصر والعرب؟
نعم متفائل فبجميع العصور هناك نكبات وثورات واستعمار وانتكاسات وتراجعات ولكن تبقى الشعوب وتبقى الأمم ويبقى الأمل.

بماذا تود أن تختتم هذه الدردشة؟
أتمنى أن يعم الأمن والسلام والاطمئنان لجميع الدول العربية والاسلامية والعالم أجمع. وأتمنى أن تفتح الدول العربية أبواب قلوبها قبل أبوابها للسورين والعرب.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020