جاءت
زيارة كل من وزير خارجية أمريكا جون كيري، وشيخ دولة قطر تميم بن حمد، بداية من
أمسية الأربعاء 2 أفريل 2014، إلى الجزائر في ظرف بالغ الأهمية، وبينما حملت
البيانات الرسمية لغة كلاسيكية تؤكد أن ترقية العلاقات الثنائية هي العنوان الكبير
للزيارتين، فإن متتبعين حاولا كشف أسرارهما أكدوا أن المصالح هي العنوان الأبرز
لهاتين الزيارتين، فلا أمريكا ولا قطر تهتمان بالجزائر لسواد عيون الجزائريين أو
طيبتهم.
وحسب
متتبعين فإن أمريكا الباحثة عن تثبيت قدمها في الشمال الإفريقي ومزاحمة فرنسا على
أسواق المنطقة وخيراتها أوفدت أبرز دبلوماسييها حاليا إلى الجزائر لتأكيد الأهمية
التي تكتسيها الجزائر في نظر واشنطن، وللاطمئنان على مصالح أمريكا في ظل حساسية
الوضع المتسم بعراك سياسي مثير بمناسبة الحملة الانتخابية لرئاسيات 2014، تدرك
أمريكا أهميتها للجزائريين، ولمصالحها أيضا، بالنظر إلى ما يمكن أن تغرزه من
معطيات جديدة.
وما
يؤكد أهمية زيارة كيري على الجزائر أن وزارة الخارجية الجزائر اعترفت أنها ـ
الزيارة ـ لن تنحصر أبعادها في القضايا الأمنية، حيث شدد الناطق باسم وزارة الشؤون
الخارجية عبد العزيز
بن
علي شريف أمس الاربعاء على أنه " ليس هناك أي دافع لحصر التعاون الثنائي بين
الجزائر و الولايات المتحدة في جانب واحد وهو المسألة الامنية".
وفي مداخلة له على أمواج القناة الثالثة للاذاعة
الوطنية قال السيد بن علي شريف " صحيح أن هذه المسألة محوية وتحتل مكانة هامة
خلال المحادثات التي سيجريها السيد كيري ورمطان لعمامرة واعضاء الوفدين لكن الامر
لا يتعلق فقط بالقضية الوحيدة المتضمنة في جدول أعمال هذه الزيارة".
كما
أكد الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية أنه " لا ينبغي حصر زيارة السيد كيري
في الجانب الأمني" مشيرا الى أن الدورة الثانية من الحوار الاستراتيجي المؤسس
بين الجزائر والولايات المتحدة ستعقد بمناسبة هذه الزيارة التي تجري يومي الاربعاء
والخميس وتحت الرئاسة المشتركة لرئيسي دبلوماسية البلدين مع بحث العديد من
المواضيع المدرجة في جدول الأعمال.
في
هذا الشأن أوضح السيد بن علي شريف أن مجموعات عمل سيتم وضعها حيث ستعكف على مناقشة
مختلف جوانب التعاون. ويتعلق الأمر -كما قال- بمجموعة العمل المكلفة بالقضايا
السياسية ومجموعة العمل المكلفة بالتعاون الامني ومجموعة أخرى مكلفة بالتعاون
الاقتصادي والتجاري.
وكان محللون
قد أجمعوا على أن العلاقات الجزائرية الأمريكية يطغى عليها الملف الأمني، وأكد
محمد هدير رئيس جمعية الصداقة الجزائرية الأمريكية لدى حلوله ضيفا على برنامج
زوايا الأحداث للقناة الإذاعية الأولى، أن الملفات الأمنية ستأخذ حصة الأسد من
مباحثات كيري مع المسؤولين الجزائريين، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الكثير من
الدراسات والبحوث الإستراتيجية الأمريكية تعتبر الجزائر شريكا استراتيجيا في مجال
مكافحة الإرهاب.
من
جهته، أكد المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية ديفيد بولوك، أن زيارة جون
كيري إلى الجزائر تأتي في سياق تعزيز التعاون المشترك في القضايا الأمنية ولفتح
ملفات الاستثمار والتبادل التجاري بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكي.
وقال
بولوك لدى استضافته في برنامج ضيف الصباح للقناة الإذاعية الأولى، إن الولايات
المتحدة الأمريكية تراهن على علاقات متينة في المجال الاستراتيجي والأمني، مشيدا
بالتجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب " وأضاف المتحدث ذاته أن زيارة
كيري تعكس عمق العلاقات الجيدة بين الجزائر، مؤكدا أنها ستتركز في على التعاون في
مجال مكافحة الإرهاب في إفريقيا ودول الساحل.
ولن
تغيب لغة المصالح عن زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم للجزائر، حيث لم يستبعد
متتبعون أن تطلب قطر خلالها وساطة جزائرية لإنهاء "أزمة الخليج" التي
جعلت الدوحة تعيش عزلة دبلوماسية حقيقية بين جيرانها، خصوصا بعد قرار بعض بلدان
مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، سحب سفرائها من قطر.
كما لا تستبعد بعض المصادر أن يسعى شيخ قطر إلى محاولة
إقناع الجزائر بفتح مكتب لقنوات بين سبورتس في الجزائر، بعد أن أيقنت الدوحة
استحالة فتح مكتب لقناة الجزيرة المتهمة بإشعال نيران الفتنة هنا وهناك..
وقالت
وكالة الأنباء الجزائرية أن هذه الزيارة ستكون "فرصة مناسبة" سيتباحث
خلالها رئيس الجمهورية مع أمير دولة قطر حول "سبل تعزيز العلاقات الثنائية
بين البلدين والوسائل الكفيلة بتدعيمها وترقيتها في شتى المجالات، بما يخدم تطلعات
الشعبين الشقيقين".