بقلم: الشيخ بن خليفة
حالة
استنفار عالمية.. والسبب خطف 223 فتاة في نيجيريا على يد جماعة إرهابية تسمي نفسها
بوكو حرام.. جميل جدا أن يثور العالم كله على الإرهاب، ويرفض خطف فتيات على يد
إرهابيين.. لكن.. أين هو هذا العالم حين كان مسلمو إفريقيا الوسطى ـ وما يزالون ـ
يُذبحون ويبادون حتى باتت بعض المدن في هذه الدولة خالية ممن يقول "لا إله
إلا الله".. وأين هو هذا العالم "المرهف الإحساس" مما يحدث
للمسلمين في بورما وفي فلسطين.. وفي كل مكان.. هذا العالم الذي يثور ضد "بوكو
حرام" يسكت ـ سكوت المتواطئ ـ على كثير من الحرام..
القضية،
إذن، ليست قضية حقوق إنسان أو حرب على الإرهاب، مثلما تحاول القوى الغربية
المتسلطة أن توهمنا به، بل قضية مصالح بالدرجة الأولى، ففي نيجيريا من الثروات،
النفطية خصوصا، ما يسيل لعاب الدول الغربية، وفي مقدمتها أمريكا وفرنسا وبريطانيا،
خصوصا في ظل أزمتها الاقتصادية والمالية الخانقة، ولذلك يبدو مريبا جدا تحركها
بهذه السرعة لفك أسر الفتيات المخطوفات ـ فك الله أسرهن ـ كما يبدو قيامها بإرسال
قوات عسكرية ـ بداعي تحريرهن ومحاربة "بوكو حرام" ـ مقدمة لتدخل عسكري
أوسع، ظاهرة محاربة الإرهاب وتحرير المخطوفات، وخفيّه السطو على الثروات.
أي
نعم، ما تقوم به جماعة "بوكو حرام"، حرام، وجريمة بكل المقاييس، وفي كل
الشرائع والتشريعات، ولكن هل ما يقوم به البوذيون في بورما حلال؟ وهل ذبح مسلمي
إفريقيا الوسطى على يد عصابات التقتيل ليس حراما؟ وهل ما يفعله جنود فرنسا في هذه
الدولة الإفريقية البائسة ليس جريمة علما أن باريس التي تعترف بين الحين والآخر
بقتل مدنيين أبرياء في إفريقيا الوسطى، وتزعم أنها لم تفعل ذلك عمدا، قتلت ما يزيد
عن سبعة ملايين جزائري ثم باتت تتحدث عن "جوانب إيجابية في الاستعمار"..
ولن
يكون غريبا بالمرة أن تتحدث فرنسا، بعد أعوام قليلة، عن جوانب إيجابية لهجمتها
الصليبية على إفريقيا الوسطى.. طبعا بعد أن يباد المسلمون هناك عن آخرهم، وبعد أن
تسرق "فافا" ما استطاعت من ثروات "ماما آفريكا"!..