أبدى الوزير الأسبق للثقافة
والاتصال الدكتور محيي الدين عميمور رفضه المطلق لمحاولة بعض الجهات استغلال عملية
دفن الممثل اليهودي روجي حنين في الجزائر للترويج لإمكانية إقدام المغني الصهيوني
أنريكو ماسياس على زيارة بلد الشهداء، مشيرا إلى أن هذا الأخير استغل حضور الرئيس
بوتفليقة في حفل جرى في فرنسا لاستجداء الترخيص له بزيارة بلادنا..
وفي مقال حمل عنوان "لماذا..
أنريكو ماسياس؟" نشرته صحيفة رأي اليوم التي يرأس تحريرها الإعلامي الفلسطيني
المخضرم عبد الباري عطوان، كتب عميمور الذي كان مستشارا للرئيس الراحل هواري
بومدين يقول:
"لا أستطيع أن أحمل لروجي
حانان نفس الكره والاحتقار الذي أحمله لغاستون غارناسيا، المدعو أنريكو ماسياس، والذي
أقحمه البعض في نهاية التسعينيات على الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، في حفل نظم
بشكل مشبوه في فرنسا، فبلل يدَ الرئيس بالدموع وهو يستجدي زيارة لموطن أجداده، واضطر
الرئيس، كرجل دولة يعرف أصول الديبلوماسية، للقول: أهلا بك".
وأوضح عميمور أن الجزائر لم تضع
أي عقبات في وجه ماسياس منذ استرجاع الاستقلال، برغم مواقفه العدائية خلال العهد الاستعماري،
خصوصا قبل وبعد اغتيال الدكتور الخازندار في قسنطينة، بعد أن عُرف أن الطبيب
الجزائري حذر قيادات يهودية فيها من مغبة دعم الموقف الاستعماري المتعنت
للمستوطنين الفرنسيين، مذكرا إياهم بكرم أبناء المغرب العربي الذين أحسنوا استقبال
من طردهم الأسبان من الأندلس.
وأضاف مستشار الرئيس الراحل
بومدين يقول: "مع كل المآخذ عليه عُومل ماسياس بمنطق: عفا الله عمّا سلف، ولم
تتخذ ضده، أو ضد أغانيه، أي مواقف عدائية، وذلك حتى يونيو 1967، عند حدوث العدوان
الشهير على مصر الشقيقة.
يومها قاد ماسياس مظاهرة تجمعت
أمام السفارة الإسرائيلية في باريس، هتفت بحياة الكيان الصهيوني وعبرت بحماس طابعه
التشفي عن سعادتها بانتصاره الساحق على الوطن العربي، وليس على مصر وحدها، وعندها
أصدرت القيادة في عهد الرئيس هواري بومدين قرارا بحظر بث أغانيه، وبمنعه من دخول
الجزائر، وتعاطف الجزائريون جميعا مع هذا القرار الوطني، ومنهم مواطنون بسطاء
حطموا اسطواناته، ولم يتغير موقف الجزائر منذ ذلك التاريخ، حتى عندما استقبل
النظام المصري المغني اليهودي بترحيب يثير الغثيان".
وحسب ما ذكره الكاتب والوزير
السابق عميمور، فإنه عندما منح الرئيس بوتفليقة ماسياس الترحيب الديبلوماسي بناء
على توسله ودموعه "لم يحترم ماسياس موقف الرئيس الجزائري، بل راح على الفور
يُعدّ لزيارة أرادها أن تجعل منه ممثلا للجالية اليهودية ومتحدثا باسمها وساعيا
إلى إعطاء عذرية جديدة ليهود الجزائر الذين ارتبطوا بقانون كريميو (1870) الذي
منحهم الجنسية الفرنسية، ووصل به الأمر إلى المطالبة علنا وفي تصريحات متلفزة بفتح
التحقيق في مقتل صهره المغني ريمون، الذي أعدمته جبهة التحرير الوطني كرد على
اغتيال الخازندار".
ويشير الوزير الأسبق للإعلام
إلى أنه عندها تحرك الوطنيين لرفض الزيارة، "خصوصا عندما كشفت القلة التي
صوتت ضد استقلال الجزائر في 1962 وأبناؤها عن حماستهم لاستقبال المغني، وكأنهم
أرادوا التعبير له عن استنكارهم لموقف نظام الرئيس بومدين منه".
وصبّت تصريحات ماسياس وأصهاره
للقنوات الفرنسية ـ يقول عميمور ـ الزيت على غضب المواطنين في الجزائر، وهو ما
واجهه غارناسيا بنوع من التعالي، "أكده لي الممثل الفرنسي ذو الأصل الجزائري
المعروف باسم: سماعين، وكان مما قاله المغني الأحمق أنه سيزور الجزائر التي تفتح
ذراعيها لاستقباله، ولن يثنيه عن ذلك موقف ثلاثة من الناس لا يمثلون شيئا (وكان
يقصد عبد العزيز بلخادم وخالد بن إسماعيل والعبد الضعيف).. وربما لقي تشجيعا على
موقفه من بعض من كانوا يتصورون أنهم بذلك يخدمون رئيس الجمهورية، وعبر عن موقفهم
مسؤول أمني كبير، لا أسميه لأنه في رحاب الله، قال لي: أنتم تقفون ضد سي عبد
القادر (الاسم الحركي لبوتفليقة خلال الثورة)، وأجبته على الفور: بالعكس، نحن نخدم
التوجه الوطني لرئيس الجمهورية، وأنتم من يستنفر عداوة المواطنين ضده، بعد أن أساء
المغني التافه التعامل مع الكرم الجزائري.
وفشلت كل ترتيبات زيارة لم تتم
حتى اليوم، وأرجو ألا تتم أبدا."