بات حلم الجزائريين بشراء سقف محترم يؤويهم
من سابع المستحيلات، في ظل ارتفاع العقار وغياب آليات تمويل لشراء المساكن من جهة،
وضعف القدرة الشرائية للمواطن من جهة أخرى، جراء انهيار قيمة العملة وما ترتب عن
هذا الانهيار من ارتفاع في مستوى التضخم، وأشار تقرير حديث جدا إلى أن العمل
الجزائري عليه أن يشتغل لستة عقود بهدف شراء "دار" تأويه رفقة عائلته.
وبات في حكم المؤكد استحالة إيجاد شقة في الولايات
الجزائرية الكبرى تحت 11 مليون دينار، أي 1.1 مليار سنتيم (حوالى 100 ألف دولار)، في
حين يبلغ متوسط سعر المنازل من نوع "الفيلات" 25 مليون دينار (حوالى 220
ألف دولار). وذلك في وقت لا يتعدى فيه الأجر في البلاد 18 ألف دينار (حوالى 168
دولارا) شهرياً، حسب ما أشار إليه موقع "العربي الجديد" في تقرير له.
وحسب الخبير الاقتصادي فرحات علي فإن
"المواطن الجزائري ملزم لانتظار بين 50 إلى 60 سنة لكسب قيمة منزل أو بالأحرى
شقة من 3 غرف". وحسب فرحات علي، الذي لفت إلى أن "الحد الأدنى للأجور
168 دولارا في الشهر، ويصل سعر المسكن إلى 115 ألف دولار، ما يستلزم الانتظار بين
58 و60 سنة حتى يتمكّن المواطن البسيط من الشعور بالحرية داخل مسكنه الخاص والخلاص
من عبء الإيجار الذي أثقل كاهله.
ومقارنة بدول عربية أخرى، لفت الخبير
الاقتصادي الجزائري إلى أنه "في مصر الحد الأدنى للأجور هو 63 دولاراً شهريا
وثمن الشقة بين 20 ألفاً و25 ألف دولار، وهو ما يستلزم 26 سنة حتى يتمكن المواطن
المصري من امتلاك مسكنه الخاص. وفي لبنان يبلغ الحد الأدنى للأجور 450 دولار
شهرياً ويصل سعر الشقة إلى 169 ألف دولار، وعلى المواطن الانتظار 31 سنة كاملة، في
حين أنه في تونس يصل الحد الأدنى للأجور إلى 153 دولارا في الشهر، بينما يبلغ ثمن
الشقة 50 ألف دولار، ما يدفع المواطن للانتظار 27 سنة حتى يتحصل على مفاتيح شقته
الخاصة".
ومما سيزيد من سنوات عمل الجزائريين قصد شراء
منزل لائق، هو القرار الذي اتخذته جمعية البنوك في الجزائر، القاضي بوضع حدٍ أقصى
للقروض الموجهة لشراء المنازل بـ 12 مليون دينار جزائري "109 آلاف
دولار". وذلك كإجراءٍ احترازي فرضته أزمة السيولة التي تمر بها البلاد، بالإضافة
إلى تخوف البنوك من تعثر عملية تحصيل القروض جراء عجز المقترضين عن دفع الأقساط
المترتبة عليهم دورياً.
ويبقى مشكل السكن صداعاً مؤلماً يلازم
المواطن منذ عقود طويلة، حيث لم تتمكن الحكومات الجزائرية المتعاقبة على مرّ
السنين من وضع حل نهائي لهذه المشكلة، بالرغم من تخصص ميزانيات ضخمة لها، وما زاد
الملف تعقيداً هو ارتفاع الأسعار إلى مستويات يراها الخبراء غير مبررة ولا منطقية.
وحسب جلال صراندي رئيس اللجنة الجزائرية
التقنية للبناء والأشغال العامة، فإن وجود أسعار العقار خارج دائرة القدرة
الشرائية للمواطن يعود بالأساس إلى غياب الإطار القانوني المنظم لعملية البيع، وهو
ما جعل سوق العقارات تعيش فوضى أسعار. ويضيف صراندي أن "سعر المتر المربع للعقار
المبني أغلى من المتر المربع في بعض المدن الأوروبية.