تواصل الجزائر تفكيك
"قنبلة" ملف المهاجرين الأفارقة الذي تحول إلى صداع حقيقي في رأس
السلطات العليا في البلاد، وفيما أعلنت الحكومة أنها قامت بترحيل 37 ألف مهاجر
إفريقي في 4 سنوات، فإنه عبّرت عن استنكارها للضغوطات الخارجية الممارسة ضدها
بخصوص مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية للمهاجرين الأفارقة، مشدّدة على أنه لا
رجعة عن سياستها القاضية بترحيلهم إلى بلدانهم مادامت تحترم المواثيق والاتفاقيات
الدولية وتحتكم للضمير الإنساني.
وعبّر مدير الهجرة
بوزارة الداخلية حسان قاسمي، في ندوة صحفية عقدها، يوم الاثنين 19 نوفمبر 2018،
بالجزائر العاصمة، عن انزعاج الحكومة لحملة الانتقادات التي تطال الجزائر في كل
مرة تُعلن فيها عن قرار يخص ملف المهاجرين الأفارقة، مصرحا: "بعض الدول
والمنظمات تصعد لهجتها معنا لكنها تغُض الطرف عن دول مجاورة تتخلى عن المهاجرين
الأفارقة في الصحراء، في حين نتولى مهمة إيصالهم إلى عقر ديارهم".
وحسب ما نقله موقع
"كل شيء عن الجزائر"، فقد عاد قاسيمي للحديث عن الإجراءات الحكومية
الأخيرة التي تخص مكافحة العصابات الإجرامية التي تستغل الأطفال من جنسيات إفريقية
في التسول وما صحبها من جدل دولي، حيث حاولت بعض التقارير تصوير العملية كأنها «إحتجاز»
لأولئك الأطفال.
وأضاف المتحدث قائلًا «السلطات
العمومية وجدت نفسها أمام موضوع شائك يخُص فئة هشة من المهاجرين وهم الأطفال الذين
يتم استغلالهم من طرف عصابات إجرامية وكان علينا التحرك لحمايتهم عن طريق تجميعهم
في أماكن لائقة يخضعون فيها إلى الرعاية الاجتماعية والصحية تحسبًا لترحيلهم إلى
بلدانهم».
وشبَّه قاسمي، الجماعات
الناشطة في تهريب البشر والمتاجرة بالأطفال بـ»الأخطبوط» الذي ما إن تقطع رجله حتى
تظهر أخرى ، مؤكدًا «قضينا على عدة شبكات إجرامية والتحريات لا تزال جارية للإطاحة
بالبقية لأننا مُلتزمون بحماية فئة الأطفال والنساء «.
إلى ذلك كشف مدير
الهجرة، عن تعليمات وجهها وزير الداخلية نور الدين بدوي، لكل ولاة الجمهورية بغرض
مكافحة العصابات الإجرامية الذين يُرسلون أطفال دون أولياء إلى الجزائر من أجل
التسول واستغلال تلك الأموال لأعمال مخالفة للقانون».
بالمقابل أعرب حسان
قاسمي، عن تفهم الحكومة لقضية الخلاف الدولي حول مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية
بالنظر إلى أن الملف ليس محل إجماع، لكنه اعتبر أن ذلك ليس مبررًا للتحامل في كل
مرة على الجزائر وتشويه صورتها لأنها أدرى بمصلتحها الوطنية، مشيرا :» ملف الهجرة
من صلاحيات الدولة ولا يمكن أن تشاركها أطرافًا أخرى».
ويعتقد نفس المسؤول أن
الحكومة الجزائرية لطالما عبرت عن قلقها لشركائها في أوروبا من تنامي ظاهرة الهجرة
غير الشرعية للمهاجرين الأفارقة، لأنها قضية تُهدد الجميع وفي حال عدم التصدي لها
فإن تداعياتها ستنتقل إلى القارة الأوروبية» مسترسلًا «الجزائر لن تتنازل عن حقها
في حماية حدودها وأمنها الوطني، لأنها أمام استعمار جديد».
من جهته، كشف مدير
ديوان ولاية الجزائر العاصمة محمد عمراني أن الحصيلة المؤقتة للأطفال المستغلين من
طرف شبكات تجار البشر في التسول بالجزائر العاصمة إرتفع إلى 111 طفلًا في ظرف
أسبوع واحد فقط.
وأضاف عمراني في تصريح للموقع
نفسه أن العملية التي انطلقت يوم 10 نوفمبر نجم عنها جمع 39 طفلا قاصرًا تم
ترحيلهم إلى دولة النيجر عقب تحريرهم من عصابة لتجار البشر، ليتم بتاريخ 15 نوفمبر
الجاري، جمع 72 طفل كانوا يتسولون بين بلديتي بئر مراد رايس وباب الزوار، من بينهم
28 طفل دون أولياء، حيث تم التكفل بهم في مركز المساعدة الاجتماعية للأشخاص بدون
مأوى ببلدية دالي إبراهيم وهم في صحة نفسية وجسدية جيدة.
ترحيل 37 ألف مهاجر
إفريقي خلال 4 سنوات
رحّلت الجزائر في غضون
الأربع سنوات الماضية ما يزيد عن 37 ألف مهاجر غير شرعي دخلوا الجزائر بطريقة غير
شرعية من النيجر، حيث جرت عمليات الترحيل بالاتفاق مع حكومة دولتهم، بحسب مدير
الهجرة بوزارة الداخلية.
وحسب حسان قاسيمي فإن
الجزائر قامت بعمليات ترحيل 37 ألف مهاجر غير شرعي من النيجر في الفترة الممتدة ما
بين ديسمبر 2014 إلى غاية نوفمبر 2018 ، حيث يُوجد من بين المرحلين قرابة 1095
إمرأة وطفل كانت تستغلهم جماعات إجرامية من النيجر للتسول في الجزائر، لصالح شبكات
اجرامية نيجرية كانت تستغل تلك الاموال لأغراض اجرامية كشراء الأسلحة.
وأبرز المتحدث أن
التحقيقات التي أجرتها مصالح الأمن على ظاهرة الهجرة غير الشرعية أثبتت وجود شبكات
إجرامية تنشط خاصة في ولايات الجنوبية على غرار عين قزام حيث تمكن الجيش الوطني
الشعبي من الاطاحة بعدد منها وكذا بولاية برج باجي مختار أين تم الحجز على كميات
من الأسلحة الحربية.
وأفاد حسان قاسمي، أن
الحدود الجزائرية تستقبل أسبوعيًا 3500 مهاجر منحدرين من 24 دولة إفريقية وتعاملهم
معاملة إنسانية ضامنة لهم التكفل الصحي والإيواء والإطعام، مشيرا إلى «نقل وإيواء
والتكفل الصحي بالمهاجرين غير الشرعيين يكلف خزينة الدولة أموالًا طائلة ناهيك عن
الميزانية التي رصدت لعام 2019 لنقل وإطعام النيجريين الذين دخلوا الجزائر بطريقة
غير شرعية، حيث قدرت بـ100 مليار سنتيم.