كشفت مصادر مصرية خاصة عن أنّ محادثات،
وصفتها بـ"العاصفة"، جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره
المصري عبد الفتاح السيسي، بشأن ليبيا، خلال الاتصال الذي جرى بينهما أخيراً،
والذي سبق إعلان اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر الموافقة على المبادرة الروسية
التركية لوقف إطلاق النار.
ونقل موقع "العربي الجديد" عن المصادر
نفسها أنّ "بوتين تحدّث إلى السيسي بأسلوب جاف وصل حدّ التعنيف"، مرجعةً
ذلك إلى انحياز مصر في بادئ الأمر لموقف الإمارات في دعم حفتر بعيداً عن روسيا،
بشكل جعل قائد مليشيات شرق ليبيا يرفض وقف إطلاق النار في البداية.
وأوضحت المصادر أنّ السيسي وجد نفسه مطالَباً
في آخر المحادثة مع بوتين بإبداء موقف متجاوب مع الضغوط الروسية لوقف إطلاق النار،
وفق اتفاق تمّت مراحله كافة بعيداً عن مصر، إذ أُبلغت القاهرة فقط بالتفاصيل، من
دون أن تشارك في أي من نصوصه. وأشارت المصادر إلى أنّه "على الرغم من أنّ
المبادرة بشكل عام حقّقت مطلباً مصرياً مهماً، بمنع نقْل تركيا قوات عسكرية إلى
جارتها ليبيا، إلا أنّ القاهرة خرجت في النهاية بشكل أضرّ بصورتها إقليمياً، بعد
دور كبير لعبته طيلة الفترة الماضية في الأزمة الليبية، سواء عبر علاقاتها بحفتر
أو عبر اتصالاتها مع أطراف خليجية وأوروبية".
وكشفت المصادر نفسها أنّ السيسي طلب حضور مصر
على طاولة المفاوضات في موسكو كطرف أساسي إلى جانب الأطراف الليبية وتركيا، إلا
أنّ هذا الطلب قوبل برفض تركي، بالإضافة إلى رفْض من جانب رئيس حكومة الوفاق فائز
السراج.
وأوضحت المصادر أنّ الردّ على المطلب المصري
كان مخيباً للآمال من الجانب الروسي، الذي رأى أنّ حضور مصر باعتبارها دولة جوار،
يعني حضور كل من تونس والجزائر باعتبارهما أصحاب مصلحة مباشرة.
وكشفت المصادر أنّ المعنيين بالملف الليبي من
جانب مصر، يسعون إلى لعب دور خلال تنفيذ تفاصيل قرار وقف إطلاق النار، موضحةً أنّ
كل من السعودية والإمارات اللتين كانتا تشكلان إلى جانب مصر المثلث العربي الأقوى
لدعم حفتر، كانتا ترفضان قرار وقف إطلاق النار بالصيغة التي خرج بها، وفق التوصية
التركية، بعد لعبهما دوراً كبيراً في تمويل ودعم قائد مليشيات شرق ليبيا، قبل أن
تتدخل موسكو بشكل قوي على خطّ الأزمة.
وكان السيسي قد أجرى اتصالاً هاتفياً ببوتين،
يوم الجمعة الماضي، تضمّن، بحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي،
تبادل وجهات النظر بشأن آخر تطورات القضية الليبية. وقال راضي إنّ الرئيس المصري
"جدّد تأكيد موقف بلاده الثابت تجاه ضرورة وضع حدّ لحجم التدخلات الخارجية
غير المشروعة في الشأن الليبي، والتي تلقي بتداعياتها السلبية على مجمل القضية من
جميع الجوانب، وتقوّض المساعي الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا".
وأوضح راضي أنّ بوتين "أكّد سعي بلاده
لتحقيق الحلّ السياسي المكتمل في ليبيا"، وأنّ الاتصال شهد في هذا السياق،
"التوافق على تكثيف الجهود المشتركة للتركيز على تسوية الأزمة من خلال إطار
شامل يتضمن جميع عناصر القضية على نحو يدعم جهود مكافحة الإرهاب والجماعات
المتطرفة، ويلبي طموحات الشعب الليبي ويفعل إرادته".