أعلن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يوم الخميس
07 ماي 2020، أنه أصدر قرارا باعتبار الثامن ماي من كل سنة، "يوما وطنيا للذاكرة"،
كما أعطى تعليمات بإطلاق قناة تلفزيونية وطنية خاصة بالتاريخ، وأشار تبون إلى أن مجازر
الثامن ماي "كشفت بصفة قطعية عن الوجه الحقيقي للاستعمار الفرنسي الاستيطاني"،
معتبرا أن "القمع الدموي الوحشي للاحتلال الاستعماري الغاشم، سيظل وصمة عار في
جبين قوى الاستعمار"، وقال الرئيس إن فرنسا قتلت نصف سكان الجزائر وجرائمها
لا تسقط بالتقادم.
وقال السيد تبون في رسالته إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ75
لمجازر 8 ماي 1945: "أصدرت بهذه المناسبة قرارا باعتبار الثامن ماي من كل سنة،
يوما وطنيا للذاكرة، كما أعطيت تعليمات بإطلاق قناة تلفزيونية وطنية خاصة بالتاريخ،
تكون سندا للمنظومة التربوية في تدريس هذه المادة التي نريدها أن تستمر حية مع كل الأجيال".
وكشف الرئيس تبون أنه أعطى توجيهات "بالانتهاء من إطلاق
أسماء شهداء المقاومة الشعبية وثورة التحرير المجيدة على المجمعات السكنية، وأحياء
المدن، والتوسع في ترميم المعالم التاريخية لتقف شاهدة على مر الأجيال على الثمن الباهض
الذي دفعه شعبنا في التصدي لوحشية الاحتلال الاستعماري حتى يعيش حرا كريما وموحدا فوق
أرضه، فخورا بماضيه ومسترشدا به في صياغة المستقبل في ظل الديمقراطية الحقة والعدالة
الاجتماعية".
وأكد رئيس الجمهورية في ذات الصدد، أن "تاريخنا سيظل
في طليعة انشغالات الجزائر الجديدة وانشغالات شبابها، ولن نفرط فيه أبدا في علاقاتنا
الخارجية".
ودعا المؤرخين إلى "استجلاء جميع جوانب هذه المحطة وغيرها
من المحطات في ذاكرة الأمة، إنصافا لحق الأجيال الصاعدة في معرفة ماضيها بأدق تفاصيله"،
وذلك باعتماد " أعلى درجات الصدق في النقل"، مشيرا إلى أن "الأمة التي
تحفظ تاريخها، إنما تحفظ ذاتها، وتزيد في قدرتها على إنضاج الوعي الشعبي في التصدي
لمناورات تيارات ولوبيات عنصرية على الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، توقف بها
الزمن في عهد قبرته إرادة الشعب إلى غير رجعة".
ولدى تطرقه إلى مجازر الثامن ماي، أكد رئيس الجمهورية أن
هذه المجازر "كشفت بصفة قطعية عن الوجه الحقيقي للاستعمار الفرنسي الاستيطاني"،
واعتبر أن "القمع الدموي الوحشي للاحتلال الاستعماري الغاشم، سيظل وصمة عار في
جبين قوى الاستعمار التي اقترفت في حق شعبنا طيلة 132 سنة، جرائم لا تسقط بالتقادم
رغم المحاولات المتكررة لتبييضها، لأن عدد ضحاياها تجاوز الخمسة ملايين ونصف المليون
ضحية من كل الأعمار، أي ما يمثل أكثر من نصف سكان الجزائر، مشددا على أنها "جرائم
ضد الإنسانية، وضد القيم الحضارية لأنها قامت على التطهير العرقي لاستبدال السكان الأصليين
باستقدام الغرباء، كما قامت على فصل الإنسان الجزائري عن جذوره، ونهب ثرواته، ومسخ
شخصيته بكل مقوماتها".
وأشار الرئيس تبون إلى "أن مظاهرات الثامن ماي 1945
السلمية التي خرج فيها المواطنون العزل بعشرات الآلاف في سطيف وقالمة وخراطة قبل أن
تتوسع على امتداد أسبوعين، إلى جهات أخرى من الوطن، سقط فيها ما لا يقل عن 45 ألف شهيد
وشهيدة، بل قد يكون هذا الرقم أكبر بالنظر إلى الآلة الحربية المستعملة من قوات برية،
وجوية، وبحرية، إلى جانب الشرطة وميليشيات المعمرين المسلحة ضد متظاهرين مسالمين طالبوا
السلطات الاستعمارية باحترام وعد قطعته على نفسها بمنح الجزائريين استقلالهم بعد انتصار
الحلفاء على النازيين، مكافأة لهم على دفاعهم عن شرف فرنسا ضد الاحتلال النازي لها".
أعراج: هي دعوة ضمنية لفرنسا لتحمل المسؤولية..
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، سليمان أعراج،
إن "ما تحدث به الرئيس عبد المجيد تبون تأكيدا لحقيقة تاريخية لا يمكن لأي أحد
أن ينفيها، مشيرا إلى أن "العالم يدرك ويعي حجم المجازر التي ارتكبتها فرنسا في
الجزائر إبان 130 سنة من الاحتلال".
ولفت أعرج، في حديثه لراديو "سبوتنيك" الروسي،
إلى أن تصريحات تبون "تحمل دعوة ضمنية لفرنسا لكي تتحمل المسؤولية تجاه ملف الذاكرة
وما ارتكبته من جرائم استعمارية في الجزائر".
وأوضح أنه لا يعتقد أن تشعل هذه التصريحات فتيل أزمة بين
البلدين "لأنه ليس من صالح فرنسا بالدرجة الأولى أن تكون ردة فعلها سلبية إضافة
إلى أن الجزائر بلد ذو سيادة وحديثه عن ملف التاريخ هي مسائل سيادية".