كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا عندما دوّى أزيز الطائرة العسكرية "هيركول" (c -130) المحمّلة برفات الفوج الأول من المقاومين، التي كانت موجودة منذ أزيد من قرن ونصف قرن في متحف التاريخ الطبيعي بباريس، أجواء مطار هوراري بومدين الدولي، محاطة بطائرات حربية من نوع "سوخوي" (SU 30) قادمة من مطار بورجو الفرنسي..

وتزامنا مع احتفالات الذكرى الـ58 لعيدي الاستقلال والشباب الذي يصادف الخامس من شهر جويلية، وفي جو خاشع مهيب وموع حرّى بمقبرة العالية (مربع الشهداء) بالجزائر العاصمة أقيمت مراسم تشييع أشلاء شهداء المقاومة الشعبية الـ24 بحضور رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، ومسؤولين سامين في الدولة.
وإذا كان هذا المشهد التاريخي قد حرك روح الاعتزاز بالجزائر وطنًا، وكيف لا، وهم الشهداء دومًا هم أيقونة وعنوان كل نصر أو معركة، الذين صدَقوا وصدّقوا مقولة قائلهم:
نحن من أبطالنا ندفع جنـدا وعلى أشلائنا نصنع مجدا
وعلى أرواحنا نصعد خلدا وعلى هامــاتنا نرفع بنـدا
وعلى أرواحنا نصعد خلدا وعلى هامــاتنا نرفع بنـدا
فإن الأهم أن ينعكس على أداء الجميع في تحقيق حلم هؤلاء ورفاقهم الذين عبدوا بدمائهم طريق الحرية، وهي رسالة ثقيلة تتطلب منا رص الصفوف والتوجه جميعا نحو المستقبل.. ومزيد جهد كما قال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون: "يحتاج إلى تضحيات الرجال أسوة بأسلافهم الميامين من الشهداء الذين مهما فعلنا لتكريمهم وتشددنا مع أنفسنا للحفاظ على أمانتهم، فلن يساوي ذلك مهما عظم، قطرة دم واحدة سالت من أجسادهم الطاهرة".
فاشهدوا..
فاشهدوا..
فاشهدوا..
فاشهدوا..
فاشهدوا..


رحم الله شهداءنا الأبرار وأنزل على قبورهم سحائب غفرانه وجعل درجاتهم في عليين، وبارِك في الجزائر، أَرْضِها وسمائها، وأكثر خيرها في بَرِّها ومائِها، وأكرم حماتها وحراسها وكن لهم وليا وحافظا ونصيرا، واحفظ اللهم أمنها وعقيدتها من كيد الأعداء ودسائس المغرضين، واجعلها بلدا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.. وصلى الله على سيدنا محمد وسلم..
ـ الشيخ أبو إسماعيل خليفة