تحية خاصة إلى المرابطين في معركة كورونا
* وجهها لهم: الشيخ أبو اسماعيل خليفة
تعلمون- أسأل الله العافية لي ولكم- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجاب أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه عندما سأله عن سبب رجوعه إلى المدينة، قائلاً: أفراراً من قدر الله؟.. فأجاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو غيرك يقول هذا، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله!.
وبناءً على هذا القول أباح بعض العلماء الخروج من أرض الوباء على ألا يكون الخروج فراراً من قدر الله، والاعتقاد بأنَّ فراره هو الَّذي سلَّمه من الموت..
أمَّا مَنْ خرج لحاجةٍ متمحِّضَةٍ، فهو جائزٌ، كمن خرج للتَّداوي، فإِنَّ تَرْكَ الأرض الوبئة والرَّحيل إِلى الأرض النَّزهة مندوبٌ إِليه ومطلوبٌ.
وقد طلب الفاروق بعد ذلك من أبي عبيدة أن يرتحل بالمسلمين من الأرض الغمقة الَّتي تكثر فيها المياه والمستنقعات إِلى أرضٍ نزهةٍ عالية، ففعل أبو عبيدة.
وفي هذا درس في الأخذ بأسباب الوقاية من المرض والوباء والابتعاد عن مصادره وأماكن استفحاله.
وها أنتم تقرأون أن أبا عبيدة بن الجراح بقي مع غيره من الصحابة في الشام ولم يخرجوا منها بعد أن أصابها الوباء، وذلك لأنَّ النَّاس لو تواردوا على الخروج، لصار مَنْ عجز عنه بالمرض المذكور أو غيره ـ ضائع المصلحة، ولفقد من يتعهَّده حيّاً وميتاً، ولو أنَّه شُرع الخروج، فخرج الأقوياء؛ لكان في ذلك كسر قلوب الضُّعفاء.
وقد قالوا: إِنَّ حكمة الوعيد من الفرار لما فيه من كسر قلب مَنْ لم يفرَّ، وإدخال الرُّعب فيه بخذلانه، ولذا فلا بدَّ أن يبقى من يعتني بالمرضى ويسعفهم..
وبهذه الطريقة استطاعوا القضاء على الوباء الذي شكّل خطورة كبيرة على دولة الإسلام في تلك الفترة؛ وذلك أخذًا بأسباب الوقاية منه والقضاء عليه.
ومن هنا أثمّن العمل البطولي للأطباء وكل العاملين في المؤسسات الصحية والادارية والمؤسسات الأمنية بمختلف أسلاكها، والجمعيات الخيرية، وإلى كل الخيرين في وطني على ما يقومون به من دور بطولى على صعيد الحرب مع فيروس كورونا الذى ضرب العالم ومنه بلدنا الجزائر، سلّمها الله وجميع بلاد المسلمين.
فتحية وسلام لكم وعليكم وإلى كل المرابطين في معركة فيروس كورونا..
كلٌّ فيكم ومعكم بطل فى مكانه.. دمتم سالمين.. ورحم الله أمواتكم وأنزلهم منازل الشهداء.. وأموات المسلمين أجمعين..
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم العافية لنا ولكم، وأن يلطف ببلدنا ويرفع عنا وعن المسلمين أجمعين هذا الوباء، ويقينا شر كل داء. إنه سميع مجيب الدعاء..