-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

الحجر الصحي.. رؤية نبوية


كيف وضع الرسول الكريم أساس الحجر الصحي قبل 14 قرناً؟


ـ الشيخ أبو إسماعيل خليفة ـ

يُعرف الحجر الصحي الذي تقوم به عدة دول في الوقت الراهن، بأنه إجراء يخضع له الأشخاص الذين تعرضوا لمرض مُعدٍ، سواء أصيبوا بالمرض أو لم يصابوا به، وفيه يُطلب من الأشخاص المعنيِّين البقاء في المنزل أو أي مكان آخر لمنع مزيد من انتشار المرض للآخرين، ولرصد آثار المرض عليهم وعلى صحتهم بعناية.
والحجْر إجراء دعا إليه الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل أكثر من 14 قرناً؛ بل يرى البعض أن الإسلام هو أول من أسس لمفهوم الحجر الصحي.
فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتُم به-يعني الطاعون-بأرضٍ فلا تَقْدُمُوا عليه، وإذا وقَع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه". رواه البخاري ومسلم.
في هذا الحديث لفتة إعجازية تضاف إلى سجل الطب النبوي، فبه وبأمثاله وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أساس الحجر الصحي في مكافحة الأوبئة بما يتلائم مع حقائق الطب وفن الصحة ومع المكانات العملية في زمانه وفي كل زمان..
 وإن من أجمل المعاني في هذا الحديث كلمة "إذا سمعتم" فهي تستخدم للتعبير عن عدم رؤية الحدث معاينة، أي إذا أُخبِرتم أو وصل إلى مسامعكم بأن الطاعون قد نزل بأرض فلا تذهبوا إليها تقليلاً من الخسائر ومنعاً لانتشار المرض..
وعلى هذا تحرّك المسلمون في موجة طاعون عمواس، ونحن نقرأ في السّيَر: أن هذا الوباء لم يرتفع إِلا بعد أن وُلّي عمرو بن العاص رضي الله عنه الشام، وخطب النَّاس، وقال لهم: "أيُّها الناس: إِنَّ هذا الوجع إِذا وقع إِنما يشتعل اشتعال النَّار، فتجنَّبوا منه في الجبال".. فخرج، وخرج النّاس، فتفرقوا حتّى رفعه الله عنهم، فبلغ عمر ما فعله عمرو، فما كرهه.
فتطبيقا للقاعدة النبوية نصح ـ رضي الله عنه ـ القوم المصابين بأن يتفرقوا عن بعضهم ولا يتجمعوا، حتى يقلل من نسبة انتقال العدوى، وحتى لا يهلكهم المرض كجماعات، بل يهلك من كان مصاباً به من الأفراد، ويبقى الآخرون في معزل عن الإصابة به.
وفي هذا الإطار طرح الباحث الأمريكي كريج كونسيدين، الذي صدر له مؤلفان تناول فيهما الإسلام، سؤالاً حاول الإجابة عنه، قائلاً: "هل تعلمون من الذي أوصى بالتزام النظافة والحجر الصحي الجديد أثناء تفشي الأوبئة؟"، وأجاب قائلاً: "نبي الإسلام مُحمد، قبل 1400 عام". ورأى الكاتب أنه "على الرغم من أنَّ نبي الإسلام ليس بأي حال من الأحوال، خبيراً تقليدياً بالمسائل المتعلقة بالأمراض الفتاكة، فإنه كانت لديه نصيحة جيدة لمنع ومكافحة تطور الأوبئة مثل فيروس كورونا المستجد". ويقول إن النبي محمد قد أوصى بعزل المصابين بالأمراض المُعدية عن الأصحاء، وحثَّ البشر على التزام عادات يومية للنظافة قادرة على حمايتهم من العدوى، مستعرضاً عدداً من الأحاديث النبوية المتعلقة بالنظافة.
فيا عافاني الله وإياكم: فمن أطلع محمداً صلى الله عليه وسلم على هذه الحقيقة؟.
 أيمكن أن يتكلم بشر عن هذه الحقائق الدقيقة منذ أربعة عشر قرناً من الزمان؟. اللهم إلا أن يكون كلامه وحياً يأتيه من عليم خبير بخلقه! قال الله تعالى: "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون". النمل 93.
فليت شعري كيف يفقه من يقرأ هذا الحديث ثم يخالفه بعدم الأخذ بالإحترازات الوقائية والتي هي خط الدفاع الأول لمحاربة انتشار وباء كورونا.
فهيا لنقتدِ بمنهج الحق الذي يستهدي بمشكاة النبوة الصحيحة في محاصرة هذا الوباء، ونفرّ من قدر الله إلى قدر الله، ولا نجزع ولا نيأس، بل نثق بأنها محنة وستزول قريبًا بإذن الله.
هذا، وبالله نعوذ من البرص والجنون والجذام ومن سيئ الأسقام، ونسأله أن ينشر رحمته ولطفه وحفظه وعافيته على بلادنا وبلاد المسلمين أجمعين..

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020