جزائري يقبّل يد رئيس فرنسا.. صدّق أو لا تصدّق!
ـ الشيخ بن خليفة ـ
مازالت "قبلة العار" التي طبعها مواطن جزائري
على يد رئيس دولة فرنسا تثير الكثير من الغضب في أوساط الجزائريين، وهو الغضب المتصاعد
المعبر عنه شعبيا من خلال أحاديث الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي والمدونات
والمنتديات على الأنترنت، وقد زاد إصرار ذلك
المواطن الجزائري على أن ما قام به لا يدخل في دائرة "الخيانة" الغاضبين
غضبا، وضجت مختلف منابر التعبير الإلكتروني بتعليقات تتقاطع في أن ما قام به ذلك
الشخص لا يمثل الجزائريين، وأن "قبلة العار" تلك لن تمسح بأي حال من
الأحوال جرائم "فافا" الاستعمارية.
وأطل المواطن الذي جاء من سطيف لتقبيل يد رئيس دولة
فرنسا بالجزائر العاصمة، خلال زيارته لها يوم 19 ديسمبر 2012، من خلال حوار أجرته
معه صحيفة "الشروق اليومي" في عددها ليوم السبت، ليس ليعتذر عن قبلته
التي أشعلت غضب الجزائريين، وإنما ليزعم أنه غير نادم عليها، وأن ليس هناك ما
يستوجب اعتذاره، الأمر الذي رفع من سقف الغضب الشعبي الجزائري على "التبهديلة
الكبرى" التي رافقت زيارة هولاند إلى بلادنا.
ويبدو أن "قبلة العار" تلك قد غطت على
"كوارث" أخرى عديدة تم تسجيلها بمناسبة زيارة رئيس "فافا" إلى
الجزائر، وفي مقدمتها التنازلات غير المفهومة التي قدمها الطرف الجزائري لصالح
فرنسا من أجل إنجاز مصنع رونو، وفي مقدمتها منح "الحصرية" لصانع
السيارات الفرنسي في السوق الوطنية لمدة ثلاث سنوات، وكذا ضمان تسويق كل السيارات
المصنعة، وهو أمر محير للغاية وغير مقبول وفاجأ المختصين الفرنسيين قبل
الجزائريين.
"فضيحة رونو"، إن صح تسميتها بذلك، توارت عن
الأنظار حين قفزت إلى الواجهة "صورة قبلة العار" التي قابلها الجزائريون
بسخط شديد، وصل حد تهديد صاحب القبلة بالموت، فقيل أنه بات "مطلوبا حيا أو
ميتا".
وبينما كان المنطق يشير إلى أن الرجل الذي لم يظهر وجهه
في الصورة المثيرة للجدل سيختفي حتى تهدأ العاصفة، فاجأ السيد الساسي حمزة الجميع،
ليس بـ"إظهاره لوجهه" فقط، وإنما بتجرؤه على الحديث إلى الصحافة من أجل
تبرير ما لا يبرر، والادعاء بأنه قبّل يدا نظيفة، ناسيا أن تلك اليد ترمز لفرنسا
التي قتلت ملايين الجزائريين خلال فترة الاستدمار، وما زالت ألغامها وإشعاعات
تجاربها النووية تقتل أبناء الاستقلال.
وبينما صنعت الصورة المشؤومة الحدث في مختلف المواقع
العالمية المهتمة بالسياسة وأخبار المنوعات، انبرى الجزائريون من خلف حواسيبهم
للدفاع عن سمعة بلادهم، وعن ذاكرة شهدائهم، متبرئين من الخرجة الوقحة
لـ"الساسي"، ومؤكدين أن قبلته تلك لا تمثله إلا هو، وأن الجزائريين
الأحرار والشرفاء يرفضون "قبلة العار" التي لن تمحو جرائم الاستعمار.
وسارع نشطاء فايسبوكيون إلى الترويج لصور أخرى، في
الاتجاه المعاكس، تشير إلى أن الجزائريين مازالوا لا يحملون غير الكره
لـ"فافا"، ومنها تلك الصورة التي صنع ملامحها شاب من أبناء الاستقلال،
تجشم مشقة وخطر صعود عمود ليخلع علم فرنسا الذي ناضل ملايين الشهداء لإنزاله من
سماء الجزائر.
مغاربة يسخرون
من الجزائريين
ببالغ الفرح والسرور تلقت بعض وسائل الإعلام المغربية،
وكثير من المنتديات وصفحات التواصل الاجتماعي بالمملكة الجارة "تبهديلة
الساسي"، وبينما رأى بعض المغاربة أن تقبيل يد ملكهم المسلم أشرف من تقبيل يد
رئيس فرنسي مسيحي، سخر كثيرون مما وصفوه بحنين بعض الجزائريين للاستعمار.
ويبدو أن صورة العار تلك قد رفعت معنويات كثير من
المغاربة الذين يلومهم أشقاؤهم الجزائريون على إذلال أنفسهم بتقبيل يد ملكهم محمد
السادس.
وقال موقع هسبريس الإلكتروني المغربي أن ناشطي ورواد الانترنت
قد تناقلوا بكثرة صورة هذا المواطن الجزائري، الذي يظهر أنه في عقده الخامس أو
السادس، وهو يرتمي على اليد اليمنى للرئيس الفرنسي ليُقبلها بـ"لهفة"
واضحة دون أن يسحب هولاند يده من شفتي المواطن الذي وصفه البعض بالعُروبي الذي يحن
إلى الاستعمار الفرنسي للجزائر من جديد.
وذكر الموقع أن معلقين جزائريين تساءلوا حول ما إذا ما
تحول الرئيس الفرنسي إلى مَلك دون مملكة ولا عرش يجلس عليه، أو إلى خليفة بلقب
جديد هو "آل هولاند" يستوجب على رعاياه من مختلف الأصقاع والأمصار أن
"يتهافتوا" على يديه لتقبيلها احتراما وتبجيلا لشخصه المجيد.
للإشارة، فقد قام الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يومي 19
و20 ديسمبر بزيارة دولة إلى الجزائر بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز
بوتفليقة تكللت خاصة بتوقيع الرئيسين على تصريح الجزائر حول الصداقة والتعاون بين
البلدين وبعقد اتفاقات بين مؤسسات جزائرية وفرنسية.