"القتال السياسي العنيف" هو أقل ما يمكن أن توصف به الحرب التي دارت طيلة الأسابيع الماضية بين أطياف حزبية مختلفة من أجل الفوز برئاسة مئات البلديات التي ظلت محل "تناحر" حتى آخر لحظة من المهلة التي حددتها وزارة الداخلية لتنصيب المجالس الشعبية المحلية، البلدية منها والولائية، واستمر "التناحر" في كثير من البلديات حتى بعد الإعلان عن تنصيب مجالسها.
واتخذ القتال السياسي أشكالا مختلفة، تراوحت بين القيام بتحالفات غير منطقية في كثير من الأحيان من أجل تحقيق نفس الغايات، وتوظيف المال القذر لمحاولة شراء كراسي في المجالس، واستغلال الشارع في احتجاجات لغلق الطريق أمام الخصوم.
وبدا واضحا أن بعض الأشخاص كان لديهم الاستعداد للقيام بكل شيء، وأي شيء، "للفوز" بمنصب مير، كما بدا واضحا أن بعض الأشخاص كان كرسي المير حلم حياتهم، ولذلك سمعنا أخبارا عن إصابة عدد منهم بسكتات قلبية كتبت نهاية حزينة لقتال سياسي على الفوز بمسؤولية يُفترض أن يهرب منها الناس هروبا، بالنظر إلى ثقلها وحجم ما يترتب على الآثمين فيها من آثار وخيمة..
وقد يكون مثيرا للاستغراب أن يتقاتل سياسيون وأحزابهم على منصب رئيس البلدية الذي لا يتقاضى صاحبه أجرة شهرية مغرية، مقابل المشاكل الكبيرة التي يجد نفسه مطالبا بالتعامل معها، فإن الاستغراب يزول حين نلقي نظرة على القضايا التي يواجهها كثير من أميار العهدات السابقة على مستوى العدالة ـ وقد أثبت القضاء تورط كثيرين منهم في قضايا فساد وإفساد واغتراف من المال العام ـ نأمل أن يكونوا عبرة لمن يعتبر من الأميار الجدد.. كما نأمل أن يستمر قتال المنتخبين الجدد لكن في اتجاه إيجابي..
قتال هذه المرة مع المشاكل التي تخنق المواطنين، ومع المفسدين الذين يتسببون في صناعة تلك المشاكل وإطالة عمرها..
قتال من أجل أن يعيش المواطن الحياة الكريمة التي وعدتموه بها حين كنتم تخطبون وده خلال الحملة الانتخابية..
قتال من أجل أن تتجنبوا لعنات المواطنين الذين ستجنون ورودهم إن أحسنتم صنعا، وإلى مزبلة التاريخ سيلقون بكم إن كنتم من المفسدين..