هل تتكرر مأساة الجزائر في الشقيقة مصر؟!
ـ الشيخ بن خليفة ـ
يتفق المصريون وغيرهم على أن
"أرض الكنانة" تعيش منذ أسابيع فترة مخاض عسيرة تضعها أمام مفترق طرق
حقيقي تبدو أوراق الحسم فيه عصية على نظام الإخوان في ظل الانقسام الحاد الذي
يعيشه الشارع المصري بين أنصار الرئيس محمد مرسي العياط من الإسلاميين وغيرهم من
جهة، ومناوئيه من الليبراليين وغيرهم من جهة ثانية، و"الأغلبية الصامتة"
من جهة أخرى، مما يُنذر بمأساة وشيكة، شبيهة بالمأساة التي عاشتها الجزائر خلال
العشرية الأخيرة من القرن الماضي، بات شبحها يخيّم على مصر.
يقال أن مصريا سأل صديقه "هي
مصر رايحة فين؟" فردت عليه مصر "شخصيا"، قائلة: "مش المفروض
تسألوا قبل ما تركبوا؟"..
هذه "الطرفة" يرددها بعض
المصريين الحيارى وهم يشاهدون سفينة بلدهم تتقاذفها أمواج الخلافات السياسية
والإيديولوجية الحادة التي بلغ مداها حد استغلال الشارع لتصفية الحسابات، ما نجم
عنه سقوط عدد من الضحايا من هنا وهناك..
وبعيدا عن عالم النكتة الذي يبرع
فيه المصريون كثيرا، يحذر محللون كثر من تكرار السيناريو الدموي الذي عاشته
الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي بمصر، مشددين على الدعوة إلى ضرورة أن تتحمل
جميع الأطراف المصرية، إن سياسية كانت أو إعلامية أو غيرها، لمسؤولياتها
التاريخية، حتى تتفادى مصر معايشة سيناريو المأساة الجزائرية التي تسببت في سقوط
ما لا يقل عن مائتي ألف قتيل، وخسائر مادية ومالية كبيرة أعادت الجزائر سنوات وسنوات
إلى الوراء.
وبصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية
ومشاربهم الإيديولوجية يتفق المصريون اليوم على خطورة ما تعيشه بلادهم التي توجد
على شفا حفرة من نار فتنة خطيرة لا شك أن نتائجها ستكون وخيمة للغاية، ما لم ينجح
الفرقاء في لإيجاد الترياق الناجع لها.
وفي مقال له بعنوان "الطريق
إلى إيران يمر بالجزائر"، نُشر على صحيفة "المصريون" المقربة من
تيار الإخوان، أطلق الكاتب حسام فتحي صرخة تحذير لأولي الأمر في مصر، داعيا إياهم
إلى العمل على تجنيب مصر سيناريو مأساة الجزائر، وخاطب كلا من وزير الداخلية،
ومديري أمن القاهرة والجيزة ومديري المباحث في المحافظتين قائلا "قليلاً من
احترام عقول الناس.. وقليلاً من الخوف على مصر مما هو قادم".
وتأسف الكاتب لما وصفه بالخطط البدائية التي
يقول أن وزارة الداخلية قد اعتمدت عليها "لمواجهة الإعلان عن نية أطراف -
ادعت أنها من مناصري الشيخ حازم أبو إسماعيل للهجوم على مقار أحزاب وجماعات وصحف
عبر وسائل الإعلام ومن خلال التهديد المباشر عبر هواتف هذه الأحزاب والصحف"،
متسائلا: "ماذا فعلتم لمنع الجريمة قبل وقوعها؟ خاصة أن هذه الأحزاب والصحف
قد أبلغت عن تعرضها للتهديد.. وإذا كانت أجهزتكم لا تتابع وتحلل ما يرد على مواقع
التواصل الاجتماعي، فماذا تفعل؟"
وخاطب حسام فتحي المسؤولين عن الأمن في بلاده قائلا: "إلى
أين تدفعون بمصر وأهلها؟.. نحو إيران أم الجزائر أم لبنان؟.."
وأضاف: "ألا ترون إلى أين تدفعون مصر؟.. ألا تبصرون
عاقبة ما تفعلون؟ انظروا إلى إيران والجزائر ولبنان، ثلاثة أمثلة تحتاج للتفكر،
ليس بعاقل من لا يريد الحكم بما أنزل الله، لكن الغاية هنا لا تبرر الوسيلة أبداً،
ارحموا مصر.. وسارعوا بأداء عملكم الذي ائتمناكم عليه حتى لا تتحول مصر إلى إيران
عبر نموذج الجزائر أو لبنان."
وليس "فتحي" هو الصوت المحذر الوحيد الذي
يُسمع هذه الأيام بمصر، فكثيرة هي الأصوات التي تناشد مسؤولي مصر الجدد،
و"جبهة الإنقاذ" المعارضة، والمصريين جميعا، ضرورة العمل على تجنيب
بلادهم الدخول في دوامة العنف التي تتربص بمصر.
ش. ب