-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

"حيلة مزدوجة" تنقذ الجزائر من تدخل عسكري غربي


ـ متابعة: الشيخ بن خليفة ـ
نجت الجزائر من تدخل عسكري غربي كاد أن يكون "حتما مقضيا"، حين لجأت إلى "حيلة مزدوجة"، سمحت لها بالتعاطي بطريقة ذكية جدا، رغم سيل الانتقادات التي كانت بلادنا عرضة لها طيلة ساعات حادثة اختطاف مئات الرهائن بعين أمناس، أقصى الجنوب الشرقي للجزائر.
الحيلة المزدوجة تمثلت في الإعلان عن نهاية المأساة منذ يومها الأول، على الرغم من أن العملية كانت في بدايتها، وذلك بعد القيام بعمل عسكري سريع جدا، فاجأ الخاطفين الذين كانوا يتوقعون أن تطول عمليتهم وتأخذ أبعادا أكبر.
الجزء الأول من الحيلة اقتضى، وعلى عكس توقعات الخاطفين ومن يقف وراءهم، تسريع العمل العسكري الذي أربك مدبري المخطط الكبير الذي يبدو أن جماعة "الموقعين بدمائهم" ليست سوى جزءا بسيطا منه، وهو مخطط كان، وفق بعض المعطيات، مبنيا على أساس أن الجزائر ستتريث وتفكر ألف مرة قبل مهاجمة الخاطفين، وأن ذلك سيمنح الوقت لجهات غربية خبيثة للمناورة والضغط على الجزائر بهدف إجبارها على قبول تدخل عسكري غربي بداعي إنقاذ الرهائن..
أما الجزء الثاني من "الحيلة المزدوجة"، فتمثل في الإعلان عن نهاية العملية بعد ساعات من بدايتها ـ رغم أنها لم تنته تماما سوى بعد ثلاثة أيام ..
وكان الهدف من الجزء الثاني من الحيلة الجزائرية المُحكمة قطع الطريق أمام أي تدخل عسكري أجنبي، خصوصا بعد التلميحات والتصريحات الغربية التي جاءت مباشرة بعد العملية، ومنها بوجه خاص تعبير أمريكا عن استعدادها وجاهزيتها لإرسال "مساعدة عسكرية" عاجلة إن اقتضت الضرورة.
ومن خلال إعلانها "المسبق" بأن العملية انتهت، نسفت الجزائر أطماع المخططين لتدخل عسكري غربي في صحرائنا الشاسعة، الثرية بالنفط الذي يسيل لعاب البلدان الغربية الغارقة في أزمة مالية خانقة.
ويجمع خبراء عسكريون أن قوات النخبة الجزائرىة قد قامت بعمل ممتاز، ونجحت في الحد من الخسائر البشرية إلى أبعد الحدود، نظرا لطبيعة وصعوبة الوضع، في وجود نحو 750 رهينة بينهم 132 أجنبي، تم تلغيم اكثر من أربعين منهم بالأحزمة الناسفة، ويعتبر تحرير أكثر من 90 بالمائة من الرهائن وإبطال تفجير حقل الغاز إنجازان عسكريان حقيقيان، يضاف إليهما إنجاز القضاء على 32 إرهابيا وتوقيف خمسة آخرين، علما أن غالبية الرهائن الضحايا قتلوا ببرودة دم من قبل الإرهابيين.

خبير فرنسي: "حزم الجزائر أعطى ثماره"
أكد الخبير في الاستعلامات الفرنسية إيريك دينيسي أن الهجوم الذي قامت به القوات الخاصة التابعة للجيش الوطني الشعبي بالمنشأة الغازية في عين أمناس (إيليزي) لتحرير الرهائن المحتجزين من قبل الإرهابيين منذ يوم الأربعاء كان "ضروريا" مشيرا إلى أن حزم السلطات الجزائرية "قد أعطى ثماره". 
 وذكر مدير المركز الفرنسي للبحث في الاستعلامات في حديث أجرته معه وكالة الأنباء الجزائرية أن "الهجوم لا يمكن تفاديه حتى وإن كان بالإمكان اتخاذ قرار التفاوض وفي عين أمناس كان الهجوم ضروريا ولقد اعطى حزم السلطات الجزائرية ثماره بحيث فشل الإرهابيون في محاولتهم بفضل التدخل السريع للوحدات الخاصة". 
 واعتبر الخبير الفرنسي أنه "إن حاولنا في بعض الأحيان التفاوض لإنقاذ جميع الرهائن فالتجربة تؤكد أن التفاوض خطأ لأن الإرهابيين الذين يغادرون المكان بالفدية يستفيدون منها في التزود بالسلاح والتجنيد والقيام باعتداءات عمياء وبعمليات اخرى لاحتجاز الرهائن". 
 وأضاف قائلا "لا يجب الاستسلام حتى وإن تطلب ذلك الكثير من الشجاعة السياسية من طرف السلطات وقبول الرأي العام لمثل هذا الحزم" متأسفا لكون الديمقراطيات الأوروبية التي تحظى بحماية عالية لا تملك "نضج الشعب الجزائري الذي كان يواجه يوميا الإرهاب طوال 20 سنة". 
 وفي سياق تقييمه للبعد الذي يكتسيه الهجوم الذي قامت به قوات الجيش الشعبي الوطني والظروف الاستثنائية التي تم فيه (مسرح العمليات في قلب الصحراء قرب المنشأة الغازية والعدد الكبير للعمال المحتجزين واستعمال الأحزمة الناسفة والأسلحة الحربية) أشار الخبير إلى أن عمليات احتجاز عدد كبير من الرهائن صعبة المعالجة لأن عدد الإرهابيين غالبا ما يكون كبيرا لتأطير الرهائن.
وأوضح رئيس المركز قائلا: "وإضافة إلى ذلك فإن الرهائن كانوا لا يزالون موزعين على عدة اماكن الامر الذي يجعل اي تدخل صعبا والإرهابيون يضعون متفجرات في المنشاة حتى يتأكدوا من قتل اكبر عدد ممكن من الرهائن وعناصر قوات الامن في حالة الهجوم". 

حصيلة الرهائن القتلى مرتفعة في حالات مشابهة
 وفي رأي خبير المخابرات الفرنسية تعد مثل هذه الحالات " كابوسا حقيقيا" بحيث قال أن " التدخل في مثل هذا السياق سيخلف حتما خسائر بشرية" مذكرا بالنهاية الدامية لعملية احتجاز رهائن في مدرسة بسلان في سنة 2004 من طرف مسلحين شيشان التي أسفرت عن مقتل 344 مدني من بينهم 186 طفلا وكذا عملية احتجاز رهائن بمسرح موسكو سنة 2002 والتي اسفرت عن القضاء على 39 من بين الخاطفين ومقتل 129 شخص على الاقل من الرهائن من بينهم 9 أجانب. 
 وعن سؤال حول ما اذا كانت عملية احتجاز الرهائن في عين أمناس لها علاقة مباشرة بالنزاع في مالي اعتبر السيد دينيسي أن الازمة في هذا البلد الحدودي مع الجزائر "قد عجلت الامور" وفي الحقيقة الازمة في مالي ليست لها علاقة مباشرة بالعملية. 
 واعتبر في هذا الصدد انه منذ تغيير تنظيم انصار الدين موقفه بحيث كان قد دعا في بداية شهر جانفي في الجزائر إلى الحوار في مالي ليغير موقفه بعد ذلك " كان الإرهابيون قرروا استئناف القتال" وهذا ما قاموا به في مالي وعين أمناس". 
للإشارة يعد المركز الفرنسي للبحث في الاستعلامات الذي أسس سنة 2000 هيئة غير حكومية متخصصة في الاستعلامات في المجال التقني والسياسي والتاريخي ويقوم بأبحاث وأعمال موجهة لوسائل الاعلام واعضاء البرلمان والجامعيين وصناع القرار الاقتصادي.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020