الزاوية القادرية
ترد: "أميرنا كان تسوناميا.. لا ماسونيا"!
مرة أخرى ولا نظنها الأخيرة يتعرض تاريخنا لهجوم منظم، ومحاولات
للطمس والتشويه من طرف بعض الاخوة في مصر الشقيقة، وكأن ما تتعرض له الأمة العربية
والإسلامية من مؤامرات ومحن لا يكفي هؤلاء ولا يعنيهم وبقدر ما يشغلهم الاعتداء
على ذاكرة ومقدسات الشعب الجزائري، هذا الشعب الذي ما يزال يعتبر ان تاريخه مكسب
مشترك بين أبناء أمة كانت خير أمة أخرجت للناس.
هذه المرة جاءت الإساءة موجهة ضد واحد من رموز الأمة
العربية والإسلامية، ويتعلق الأمر بمؤسس الدولة الجزائرية الحديثة انه الأمير عبد
القادر الجزائري، حيث يتهمه أحد الكتاب المصرين بالعمالة للماسونية، وخياناته
لشعبه ووطنه، هذا الاتهام الخطير جاء في كتاب عنوانه "حكومة الدجال..
الماسونية الخفية" لصاحبه منصور عبد الحكيم، ونحن نقرأ العنوان والفهرس لم
نشك في أن هذا المعتوه يخبئ لنا سما بين فصول كتابه، إلى أن وصلنا إلى الفصل
الحادي عشر من الصفحة 211 والذي عنوانه "الماسونية وشيوخ تصوف الشام قديما
-علاقة الأمير عبد القادر بالماسونية وإنشاؤه أول محفل ماسوني بالشام"، وهو
كما نرى عنوان طويل لفصل لا يتجاوز عدد صفحاته الثلاثة.
يتهم المؤلف صراحة الأمير عبد القادر بالماسونية، ويدعي
إنشاءه أول محفل ماسوني دون أن يقدم أي دليل واضح على ذلك ولا حتى ذكر تاريخ معين
أو أسماء أعضائه ولا مكان انعقاده، بل كل ما يعرفه هذا الكتاب هو اسم الأمير عبد
القادر ليتهمه..
ويواصل هذا المدّعي تماديه عندما يقلل من أهمية العمل الإنساني
الكبير الذي قام به الأمير عبد القادر، حينما تدخل لانقاد آلاف المسيحيين من الإبادة
الجماعية، حيث يرى صاحب الكتاب أن هذا الموقف مخترع وأن أوروبا مجدته للاحتفاء بالأمير
عبد القادر كأحد مشاهير الماسونية ـ حسب رأيه ـ ويضيف في آخر فقرة من الفصل ما يلي:
ويرى البعض أن انتساب عبد القادر الجزائري كان حقيقة لا يستطيع انكارها إلا من
اصابه العمى، وأنه بطل صنعه الماسوني على أنه محارب لفرنسا مجاهد لصالح بلده
الجزائر ولعل انضمامه للماسونية دون أن يدري أهدافها الصهيونية مثل أقرانه في ذلك:
الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وسعد زغلول، وغيرهم كثير، فتصور أخي القارئ عندما
يتحول هؤلاء الأعلام إلى عملاء الماسونية وفيهم القائد الوطني والمجاهد الصوفي
والمصلح الاجتماعي، فمن بقي إذا من المخلصين الشرفاء لم يتهمه هذا الأخرق بالعمالة
للغرب والخيانة للوطن والدين؟
للذكر فقط أننا لم نود كتابة كل ما ورد في هذا الفصل من
إساءة وبهتان في حق الأمير عبد القادر، كما ننبه إلى أن هذا الكاتب المصري قدم لنا
خدمة مجانية وهي أنه لم يأت بجديد من عنده حول موضوع الإساءة للأمير لأن كل ما
قاله كان مقتبسا ومنقولا من كتابات أخرى لمؤلفين آخرين لا يختلفون في حقدهم الأعمى
عن صاحبهم المصري فالقاسم المشترك بينهم هو عمى البصيرة قبل عمي البصر، وننقلكم
أخي القارئ إلى الصفحة 283 من نفس الكتاب: "وعلى خارطة العالم الإسلامي تنتشر
الماسونية بدرجات متفاوتة في الهيئات والمنظمات والأحزاب الحاكمة أو المعارضة، ففي
الجزائر توجد أكثرية منهم في منظمة القبائل ـ ولعله يقصد منطقة القبائل ـ ويشكلون
90 بالمائة من العرب والمسلمين المنخرطين في الفروع الفرنسية". انتهى.
وبعد القراءة المتأنية رأينا أن ننور الرأي العام
والمهتمين بخطورة الموضوع، ومن أجل تحصين شبابنا من هذه السموم والأفكار الخبيثة
الواردة إلينا من هنا وهناك، كما نود تنبيه الجهات الرسمية لمراقبة الكتب المعروضة
بالجزائر، كما نأمل في توحيد الجهود، وتجنيد النخبة الفاعلة والناشطة، للرد على
مثل هذه الكتابات الغريبة والخطيرة، وهذا بكل هدوء ورزانة، تمكن القارئ المواطن في
الأخير من الاستفادة القصوى من خلال هذه الردود.
وللعلم فإن الطبعة الأولى من الكتاب المذكور صدرت بداية
ألفين وثمانية... وفي جميع الحالات هناك الكثير من الكلام للرد على مثل هذه
السفسطة وأن هذا الكاتب المصري قدم من حيث يدري أو لا يدري خدمة جليلة للماسونية
والدجاجلة عندما طعن في شرف وسيرة واحد من رجال الإنسانية الكبار وواحد من الجبال
الرواسي الذين أنجبتهم الجزائر.
وآخر ما نقوله لمثل هؤلاء ومن نحا نحوهم: أن الأمير
عبد القادر الجزائري بأخلاقه وجهاده وعلمه، وإنسانيته وعظمته، بين أبناء جيله
وعصره كان وسيبقى تسوناميا ولم يكن ماسونيا وهذا ما نريد للعالم معرفته قريبا وبعيدا،
عدوا كان أم صديقا.
الحاج عبد الله/ عن الزاوية القادرية