الوثائق السرية التي قالت بعض المصادر الإعلامية
الغربية أنها تشير إلى تغيير نوعي في استراتيجية الدموي عبد المالك درودكال الذي
بات يتوجه نحو محاولة الانتشار جنوبا، من خلال استغلال الفوضى الأمنية في الجنوب
الغربي لليبيا وشمال مالي بهدف "السيطرة على الصحراء"، تؤكد أن قوات
الجيش وأجهزة الأمن قد نجحت في تحجيم خطر التنظيم الإرهابي في منطقة شمال الوطن،
وإدخاله في حالة انكماش حقيقي دفعته إلى "الهروب الكبير" نحو
"الرمال"، بحثا عن متنفس، بعد أن "خنقته" الإستراتيجية الأمنية
ودفعت عناصره إلى الاختباء في جحورهم.
وكان الاعتداء الإرهابي الدموي الذي شهدته عين
أمناس بإليزي مؤخرا محاولة من محاولات التموقع الجديد لما يسمى بتنظيم القاعدة
ببلاد المغرب الإسلامي، فإضافة إلى الصدى الإعلامي المأمول، والبحث عن مداخيل مالية
كبيرة عن طريق "الفدية الموعودة"، يسعى درودكال وأتباعه إلى فك الحصار
المضروب عليهم في "قلاعهم" التقليدية المتواجدة شمال الوطن، ولكن إخفاق
اعتداء عين امنس في تحقيق تلك الأهداف يدفع التنظيم الدموي إلى محاولة استغلال
الفوضى الأمنية في منطقة الساحل لـ"إنقاذ ما يمكن إنقاذه".. مما يستوجب
المزيد من اليقظة والحيطة والحذر..
أحلام درودكال..
أفادت مصادر إعلامية أن هناك وثائق سرية تم العثور عليها شمال مالي تكشف مخططا لما يعرف بتنظيم
القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ـ بزعامة المسمى عبد المالك درودكال ـ للسيطرة
على منطقة الصحراء باختراق الجماعة التي تدعو نفسها حركة أنصار الدين وتبني عملياتها العسكرية
التي أدت إلى السيطرة الكاملة على كبرى مدن الشمال، وهو ما سيزيد الأوضاع تأزما
لاسيما فيما يتعلق بأمن واستقرار دول الجوار وعلى رأسها الجزائر التي تعد من أكثر
الدول استهدافا خاصة بعد السماح للطيران الحربي الفرنسي باستعمال مجالها الجوي.
وقالت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية أن مراسلها في
مدينة (تمبكتو) شمال مالي قد تمكن من العثور على وثيقة سرية لما يعرف بتنظيم
القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تكشف خططا وضعها التنظيم لاختراق الجماعة التي
تدعو نفسها حركة أنصار الدين وتبني جميع عملياتها العسكرية التي أدت إلى السيطرة
على مناطق واسعة ومدن مهمة في شمال البلاد بهدف السيطرة الكاملة عل منطقة الصحراء،
وعرضت الصحيفة في هذا الإطار رسالة مطبوعة باللغة العربية بعث بها المدعو عبد الملك
درودكال والملقب بأبي مصعب عبد الودود والذي يقال أنه "أمير" ما يعرف
بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى مجلس الشورى في منطقة الصحراء التابع
للتنظيم.
وجاء في الرسالة التي أرخت بيوم 18 مارس 2012 والتي ترجمت إلى
الانجليزية أيضا أن احد أمراء التنظيم والمدعو احمد جبري اقترح على القيادة اتخاذ
خطوات عاجلة للتقرب من جماعة أنصار الدين وتهنئتها على الانتصارات التي حققتها في
المعارك التي خاضتها ومن ثم "استكمال جهود جمع المعلومات حول طرق عملها
وبعدها رسم خطة لتنظيم النشاط الجهادي في الصحراء الكبرى من اجل تحقيق الأهداف
المرجوة"، كما حملت الرسالة انتقادا واضحا للحركة الوطنية لتحرير ازواد التي
اتهمتها باحتكار المجال الإعلامي وتبني جميع الانتصارات العسكرية مشيرة من جهة أخرى
إلى أن جماعة أنصار الدين لاقت تجاوبا شعبيا واسعا في شمالي مالي، وختمت الرسالة
بالقول "كان يؤمل لو اجتمعت معلومات كافية عن جماعة أنصار الدين وبرنامجها
العملي وقدراتها البشرية والمادية الحالية والمرتقبة وعن البيئة المحيطة وما
يتوافر فيها من فرص يمكن انتهازها وما قد يعتري الأمر من تهديدات ومخاطر لتجنب أسبابها
أو صدها إن حدثت".
أمن الجزائر في خطر..
وتعد هذه المساعي من التنظيم تهديدا لأمن واستقرار كافة دول
الجوار لاسيما الجزائر التي تشهد نشاطا واسعا للجماعات المسلحة رغم جهود محاربة ما
يعرف بالإرهاب خصوصا في منطقة الصحراء التي باتت هذه الجماعات على معرفة بكل ركن
منها، ولعل السماح للطيران الحربي الفرنسي باستعمال المجال الجوي الجزائري قد يكون
عاملا آخر لجعل الجزائر هدفا مباشرا للجماعات المسلحة التي تسعى للسيطرة على
الصحراء في منطقة الساحل.
للتذكير فإن ما يعرف بتنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" الذي
تأسس بعد اندماج فرعي التنظيم الذي يعرف بتنظيم القاعدة الأم في اليمن والمملكة
العربية السعودية كان قد دعا إلى الجهاد ضد التدخل الفرنسي في مالي، حيث جاء في
بيان أصدره التنظيم مؤخرا أنه "ضمن الحملة الصليبية على الإسلام قامت فرنسا
بالاعتداء على المسلمين في مالي بلا أي مبرر أو سبب في إعلان على العداوة على الإسلام
وأهله". وأضاف
البيان الذي
وقعته اللجنة الشرعية لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب أن ذلك
"ليس بغريب على
فرنسا التي اعتدت على المحجبات المؤمنات وتولت إرسال الحملات الصليبية التي اسودت
بها صفحات التاريخ"، وأوضح ذات البيان انه
"يتعين الوجوب أكثر على أهل من قرب من تلك البلاد وعلى من تنطلق فرنسا من أرضهم
وعلى المسلمين المقيمين في الدول التي تعين فرنسا في هذه الحرب الصليبية".