صراع بين القضاة والمحامين
دون
سابق إنذار، تحولت المحاكم من ساحة للفصل في القضايا بين الظالمين والمظلومين
وتسوية الخلافات بين المتنازعين إلى ميدان للحرب بين أصحاب الجبب السوداء.. القضاة
من جهة، والمحامين من جهة ثانية..
ولطالما
كان القضاة والمحامون يشكلون جبهتين متوازيتين يواجهان بعضهما، ولطالما كانت
المواجهة حضارية، راقية، تتم في إطار تطبيق القانون والبحث عن تجسيد الأحكام
القضائية التي تحمي المجتمع من الإجرام والمجرمين، ولكن الأمر مختلف هذه المرة،
فالقضاة متهمون بـ"حقرة" المحامين، والمحامون متهمون
بـ"التطاول" على القضاة.. ربي يستر!..
تصعيد مفاجئ..
احتدمت
الحرب بين فئة القضاة وونقابة المحامين بالعاصمة وذلك بعد تهديد القضاة بتنظيم
وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل "ردا على الإهانات التي تطال فئة
القضاة" في ظل غياب حصانة تامة من أشكال الضغوطات المعنوية التي يواجها
القضاة يوميا، فيما حدد نقيب المحامين عبد المجيد سليني مكان انعقاد جمعية عامة
استثنائية بمقر الإتحاد العام لعمال الجزائرين يوم غد لمناقشة تردي أوضاع المحامين
والتجاوزات الخطيرة التي يتعرضون إليها من قبل القضاة.
ونظم
عدد من قضاة مجلس قضاء العاصمة، والمستشارين وقفة تضامنية مع زميلهم رئيس القطب
الجزائي المتخصص في مكافحة الفساد الطيب هلالي، وذلك بعد "الإهانة التي تعرض
إليها هذا الأخير من قبل نقيب محامي العاصمة"، المتهم بالقيام بسبه وشتمه
ونعته بالمرتشي، حيث اعتبر القضاة أن مثل هذه التجاوزات تمس بالسلك القاضي ونقلوا
انشغالاتهم ومقتحراتهم بشان الواقعة إلى رئيس النقابة الوطنية للقضاة الذي حضر
الوقفة، حيث طالبوا الوزارة بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة اتجاه الإهانة التي تعرض
إليها زميلهم، وهددوا بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة محمد شرفي، كما دعوا في
نقاش حاد إلى مقاطعة الجلسات التي يرافع فيها النقيب سيليني، فيما تمسك القاضي
هلالي بالمتابعة بملاحقة النقيب قضائيا لرد الإعتبار للتهم التي أطلقها في حقه، وطالبه
بتقديم دليل على أنه مرتشي" وفي حال عدم إثبات ذلك فإنه يحق له المتابعة.
سليني
ينفي..
نفى
عبد المجيد سيليني نقيب منظمة محامي العاصمة قيامه باتهام القاضي هلالي الطيب رئيس
القطب الجزائي المتخصص في قضايا الفساد وعضو نقابة القضاة والذي يقال أنه من كتب
رسالة ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأول عهدة رئاسية بأنه "قاض غير كفء
ومرتشي" وأن ما وقع قبل أيام كان مجرد النقطة التي أفاضت الكأس بسبب الإهانات
التي يتعرض لها المحامون أثناء أداء مهامهم والأوضاع المهنية المزرية التي يتخبطون
فيها، حيث أكد أنه لا بد من اطلاق صرخة (بركات من التجاوزات في حق المحامين) في
الوقت الذي استمع فيه رئيس نقابة القضاة جمال عيدوني للقاضي الذي تمسك بتقديم شكوى
في حق سيليني، وتؤشر التحركات القوية لكل من الرجلين على حرب تدور رحاها بين
القضاة والمحامين.
وأوضح
سليني خلال الندوة الصحفية التي نشطها بمجلس قضاء العاصمة أن المقاطعة التي دعت
إليها منظمة المحامين لناحية الجزائر هي وقفة للتعبير عن تدهور ظروف ممارسة الدفاع
على حقوق المتقاضين بصفة خطيرة إلى جانب التجاوزات والإهانات اليومية التي يتعرض
لها أصحاب الجبة السوداء خاصة المحامون المبتدئون، وحرمانهم من الترافع والدفاع عن
القضايا المكفولة لهم تجسيدا لسياسة التقليل من شأن حقوق الدفاع ومنعهم من الاطلاع
على الملفات، كما ان مجلس المنظمة قد نفد صبره على الأوضاع التي آلت إليها مسار
العدالة بسبب تفاقم التجاوزات، حيث يتلقى يوميا شكاوي من المحامين يتحدثون فيها عن
الخروقات ومنعهم من ممارسة مهامهم..
و"ادّعى"
النقيب أن 80 بالمائة من القضاة لا يحترمون حقوق المتقاضين وأن هذه الوقفة جاءت
للمطالبة باحترام حق الدفاع وحق المواطنين في الحصول على أحكام عادلة ومحاكمتهم
باحترام دون إذلال أو أحكام مسبقة، مشيرا إلى أن عدالة اليوم هي عدالة الإحصائيات
لأن كل القضاة همهم غلق الملفات والفصل فيها حتى تكون الأرقام جاهزة بمجرد نهاية
السنة القضائية، كما أعرب عن أمله في أن تجد هذه الوقفة صداها لدى السلطات حتى
تعيد مراجعة القوانين وتحسين تسيير الجلسات واحترام حقوق جميع الأطراف..