-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

مرحبا بالمذهبية.. لا للطائفية


لا للطائفية..

من حسنات المجتمع الجزائري ومزاياه الطيبة التي حمت وحدة البلاد عبر عقود طويلة أنه مجتمع لا يعرف ولا يعترف بالطائفية.. ليس فيه طائفة شيعية.. ولا كائفة نصرانية، ولا غيرهما.. ولذلك يبدو غريبا جدا أن تثير بعض الجهات "نعرات طائفية" في مجتمع لا طائفة فيه..
أتباع مختلف المذاهب الفقهية المعروفة، وخصوصا المالكي والإباضي والحنبلي يتعايشون بشكل جيد تحت سماء الجزائر المعروفة بانفتاحها على مختلف "التيارات" والمذاهب..
ويمكنك أن تجد في الأسرة الواحدة أخا "سلفيا"، ملتحيا يرتدي القميص، بينما يفضل أخوه أن يلبس على طريقة "الهيب هوب"، ولا يمنعهما ذلك من التنقل سويا إلى المسجد لأداء الصلاة.. وفي المسجد يمكنك أن تساهد في الصف الواحد فسيفساء من الشخصيات التي تفرقها المذاهب والأفكار، وتوحدها عبارة التوحيد..
ومنذ عشرات السنين، لم يكن التيار المسمى بالسلفي ـ طبعا لا تنحدث هنا عن التيار المتطرف الذي استباح دماء وأعراض الجزائريين في التسيعينيات من القرن الماضي ـ "مبغوضا" أو مرفوضا في الجزائر، بل على العكس من ذلك يُنتظر إلى المنتسبين إليه بكل احترام، ولكن فجأة تحول التيار السلفي، إلى تيار يخيف البعض، فيناصبونه العداء، بدلا من تثمين الدعوة إلى مكارم الأخلاق التي يحملها غالبية "السلفيين"، وبدلا من "مواجهتهم" بالأفكار، الأمر الذي من شأنه أن يهدد تماسك المجتمع بأسره، وأن "يصنع" "بيئة طائفية" نحن في غنى عنها..
وإذا كانت المذهبية أمرا مرحبا به دائما من باب أن "الاختلاف رحمة".. فإن الطائفية أمر مرفوض أبدا، فهي باب من أبواب الفتن الخطيرة، نسأل الله أن يقبضنا إليه غير فاتنين ولا مفتونين..

متى نتعلم أدب الحوار؟
"وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا.. وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا"..
هكذا يروي لنا ربنا العزيز القدير في سورة الكهف قصة ضلال "صاحب الجنة" الذي جاهر بكفره بالساعة، وهو كفر بواح..
لكن كيف قوبل هذا الكفر؟
كان لـ"صاحب الجنتين" صاحب، قال له "وهو يحاوره" ـ وليس يشتمه أو يعايره أو يضربه ـ "أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا".. ولم يقل له "يا كافر"..
إنه أدب الحوار كما يحثنا عليه ربنا الذي أمر موسى وأخاه هارون بأن يذهبا إلى الطاغية فرعون، فيقولا لَهُ "قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى"..
إنه توجيه ربانيٌّ كريمٌ لرسولينِ كريمين، بُعِثا إلى شخصيَّة طاغيةٍ، إلى فرعون، لقد أُمِرَا بالقول اللين، واللين مِن شعائر الدَّعوة إلى الحق، وقد أُمِر به الرَّسول محمد - صلى الله عليه وسلم -: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾..
وليتنا نقتبس من هذه التوجيهات الربانية والأخلاق النبوية، فنكف عن تكفير بعضنا، وإطلاق الشتائم نحو من يخالفوننا الرأي..
إن الاختلاف في الآراء سنة حياتية لا شك فيها، ومن المستحيل أن يكون الناس جميعا على قلب رجل واحد، وإذا كنا نطالب الآخرين باحترام آرائنا، فعلينا في المقابل أن نحترم آراء الآخرين، مهما أزعجتنا، ومهما اعتقدنا بطلانها..

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020