-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

حوار خاص مع فهمي هويدي

هويدي
هويدي يتحدث عن العسكر ومرسي ومبارك وسوريا:
السيسي ألغى السياسة بمصر
 
العسكر قتلوا 3000 مصري في شهر واحد
مرسي كان حاكما فاشلا.. لكنه لم يكن مستبدا
مبارك قد يُنقل إلى منتجع بعد ستة أشهر
الديمقراطية في محنة.. وليس الإخوان فقط
السيسي لا يشبه عبد الناصر إلا في أمرين..
هل سيكون بمقدور الشريم أن يخطب مرة أخرى؟!
استمرار الأسد مشكلة.. وذهابه مشكلة أكبر 
* أجرى الحوار: الشيخ بن خليفة *

يرى المفكر والإعلامي المصري البارز محمود فهمي عبد الرازق هويدي، المعروف باسم فهمي هويدي في هذا الحوار الخاص الذي أجرته معه "أخبار اليوم" هاتفيا أن آلية العمل السياسي باتت ملغاة تماما في عهد "الحاكم" عبد الفتاح السيسي، ولا يستبعد ترشح هذا الأخير للانتخابات الرئاسية التي لا يتوقع نزاهتها في حال استمرار الوضع الراهن. وحسب هويدي، فإن السيسي لا يشبه جمال عبد الناصر إلا في نقطتين، وماعداهما فإن المقارنة بينهما ظالمة، متأسفا لقيام النظام الانقلابي بقتل 3000 مصري في شهر واحد.
ولم يتفاجأ فهمي هويدي لمضمون خطبة الشيخ السديسي التي هاجم فيها جماعة الإخوان ضمنيا، وتساءل إن كانت السلطات السعودية ستسمح للشيخ الشريم بالخطابة ثانية بعد موقفه المناوئ لخطبة "رفيقه"، وفي الشأن السوري توقع هويدي ضربة عسكرية غربية وشيكة تستهدف نظام الأسد، وقال أن بقاء هذا الأخير مشكلة، لكن ذهابه مشكلة أكبر..


* حذرت في مقالك الأخير مما وصفته بـ"الوحش الذى استيقظ فينا"، في إشارة إلى خطاب الكراهية ودعوات الانتقام. كثيرون يُحملون الإخوان مسؤولية استيقاظ هذا الوحش قبل العسكر. من المسؤول الأول برأيكم؟
العنف المادي الحقيقي مارسته السلطة في ظل حكم السيسي.. فعدد القتلى تجاوز الـ3000 قتيل في أقل من شهر، وهو رقم كبير للغاية.. صحيح أن الإخوان لم ينجحوا في احتواء الآخرين، ومرسي لم يستطع أن يستوعب القوى السياسية الأخرى، وأنا أرجئ هذا لقلة الخبرة وسوء التقدير، ولهذا قلت ولازلت أن مرسي كان حاكما فاشلا.. لكنه لم يكن مستبدا، والإخوان عجزوا عن استيعاب الآخرين، لكنهم لم يحاولوا القضاء عليهم كما يحصل الآن..
 
* تعيش مصر على وقع الاستعداد لجمعة أخرى من جمعات الغضب وسط إجراءات أمنية مشددة وملاحقات للإخوان. هل تعتقدون أن أنصار مرسي والشرعية مازالوا قادرين على تنظيم اعتصامات ومسيرات ضخمة، خصوصا بعد توقيف أبرز قادة "الإخوان"؟
أظن أن القيادات التي يمكنها تنظيم الحشد تتواجد في المعتقلات، ولا ننسى المقاومة الشرسة التي تلقاها الحشود من أجهزة الأمن والجيش، ومع هذا فإن التظاهرات المنظمة تحمل طابعا رمزيا سياسيا يؤكد رفض الانقلاب.

* ألا تخشون إراقة مزيد من الدماء في الأيام القادمة في ظل الشحن المتزايد من الجانبين، العسكر وأنصار الشرعية؟
لا أستبعد ـ في حالة ما إذا كانت الحشود كبيرة ـ حدوث إراقة مزيد من الدماء.. أمر نتوقعه، ولكن لا نتمناه..


* تبرئة مبارك وسجن قادة الإخوان ومطاردة البقية. ما هي الخطوة القادمة لنظام السيسي في رأيكم؟
الخطوة القادمة مرتبة بمصير آلية السياسة عندنا.. وفي ظل غياب آلية السياسة، يبدو التوجه مستمر نحو تكريس التسيير الأمني للبلاد.

* بعد التبرئة المؤقتة لحسني مبارك وإخلاء سبيله بعد أيام من إطلاق دعوة للمصالحة الوطنية.. أي مستقبل تتصورونه للرجل وعائلته؟
سياسيا لا مستقبل لمبارك وعائلته، رغم أن بعض رجاله بدأوا يعودون للضوء، ما يشير إلى أن نظام مبارك سقط رأسه ولم يسقط جسمه..
وبخصوص مبارك لا أستبعد الإفراج الكامل عنه بعد فترة، وربما سيُنقل بعد ستة أشهر إلى منتجع سياحي قد يكون في شرم الشيخ.


* محامي الرئيس المخلوع حسني مبارك قال إن مبارك هو الذى عيَّن الفريق عبد الفتاح السيسى رئيسًا للمخابرات الحربية وأن التاريخ أثبت أن قراره كان صائبًا.. هل كان الإخوان يجهلون حقيقة الرجل حتى يعينونه وزيرا للدفاع؟ ولماذا انقلب السيسي على مرسي؟
كلام محامي مبارك فيه مزايدة.. صحيح أن مبارك هو من عيّن السيسي رئيسًا للمخابرات الحربية لكن هذا لا يعني ولاءه التام له، أما الانقلاب فالجزء الخفي منه أكثر من الجزء الظاهر، ولا شك أن هناك ملابسات بين الداخل والخارج شجعت السيسي ومن معه على الانقلاب على مرسي.

* وسط حرب الفتاوى والخطب هنا وهناك، برزت خطبة الجمعة الماضية بالحرم المكي للشيخ عبد الرحمن السديسي التي كانت مطابقة للموقف السعودي الرسمي، وحملت هجوما ضمنيا شديدا على تيار الإخوان. ما رأيكم؟
من الطبيعي أن يقول السديسي ما قاله في بلد كل شيء فيه تحت السيطرة، بما في ذلك الخطب، وطاعة ولي الأمر في نظر الخطيب أمر مقدس، ومخالفته غير واردة..

* ولكننا تابعنا موقفا مغايرا لرفيق السديسي في الخطابة وإمامة المصلين، الشيخ الشريم..
السؤال الذي يُطرح هنا.. هل سيكون بمقدور الشريم أن يخطب مرة أخرى؟!

* كثيرون تفاجأوا لموقف السعودية الداعم للانقلاب في مصر. هل كنتم تتوقعون موقفا مماثلا، خصوصا أن واشنطن ـ التي عادة لا تشذ الرياض عن مسلكها ـ لم تدعم الانقلاب بشكل صريح؟
التحالف الإستراتيجي القائم بين الولايات المتحدة ومصر واضح، ودعم واشنطن للانقلاب مؤكد، وما يقال عن تذبذب الموقف الأمريكي مجرد كلام يعكس رغبة النظام الأمريكي في حفظ ماء وجهه أمام الكونغرس وغيره من المؤسسات..

* بات واضحا أن صناعة القرار في مصر بيد الفريق عبد الفتاح السيسي. ما دور رئاسة منصور وحكومة الببلاوي حاليا؟
إنها مجرد واجهات.. السيسي يحكم، والآخرون يديرون وينفذون..

* ظهرت أصوات عديدة في مصر والوطن العربي تشبّه السيسي بجمال عبد الناصر. ما رأيك في هذا التشبيه وأنت الذي ذقت مرارة السجن في زمن عبد الناصر؟
لا وجه للتشابه بين الإثنين إلا في اثنتين، الأولى أن عبد الناصر لمك ديمقراطيا، وكذلك السيسي، والثانية قمع الإخوان، ما عدا ذلك المقارنة بين الرجلين ظالمة لهما معا..

* هل تعتقد أن السيسي سيترشح للانتخابات الرئاسية، وما حظوظه في الفوز في حال إجراء انتخابات نزيهة؟
يصعب تنظيم انتخابات نزيهة إذا استمرت الظروف الحالية، ولا أستبعد مستقبلا أن يترشح السيسي لمنصب الرئيس، رغم نفيه لذلك..

* لاحظنا شراسة إعلامية شديدة ضد معارضي الانقلاب. كيف استطاع العسكر جعل الإعلام المصري على كلمة رجل واحد؟
الإعلام المصري معبأ ضد الإخوان منذ البداية.. وأرى أن أقوى حدين في ظل الفراغ السياسي هما الإعلام والجيش..

* ما الذي يجعل إعلاميين مصريين وعرب كنا نحسبهم من الشرفاء يسارعون إلى تأييد ومساندة نظام العسكر حتى وهو يطلق النار على المتظاهرين والمعتصمين؟
هناك أناس خُدعوا.. وآخرون بلغت بهم درجة كراهيتهم للإخوان حد تأييد القتل باسم محاربة الإرهاب، فبعد شيطنة الآخر وتصويره إرهابيا، يسهل تأييد قمعه وقتله.. ومما قد يُحسب للسيسي يوما أنه فضح كثيرين..

* قلت في مقال لك أن مصر خرجت من حفرة لكي تقع في بئر.. هل من أمل في خروج قريب من هذه البئر؟
الأمل في الديمقراطية الحقيقية.. وهذا مستبعد حاليا..

* لماذا تستثني السلطة المصرية نفسها من دعوات نبذ العنف في رأيك؟ وما رأيك في محاولتها توظيف بعض المشايخ والدعاة ـ على غرار علي جمعة وعمرو خالد والشيخ سالم عبد الجليل ـ لإقناع الرأي العام بصحة موقفها؟
هذا أمر منطقي، وكذلك من المنطقي أن تستعين بمشايخ لدعم موقفها، هؤلاء قد يربحون العسكر ولكنهم يخسرون الشعب.


* عمرو خالد والشيخ عبد الجليل يقولان أنهما لم يفتيا بقتل المتظاهرين، عكس ما أشيع عنهما. ألا تعتقد أنهما تعرضا لفخ من العسكر، بحيث تم استغلال نبذهما للعنف ودعمهما لدور الجيش في حماية مصر ضد معارضي الانقلاب؟
ذلك ليس مستبعدا، لكن عليهم أن يصححوا ويوضحوا موقفهم..

* هاجم رئيس الوزراء التركي أردوغان شيخ الأزهر أحمد الطيب وقال أن التاريخ سيلعنه، ورد عليه الإعلامي المعروف حمدي قنديل بنفس الأسلوب قائلا أن "التاريخ سيلعن أردوغان وأمثاله". ما تعليقك؟
هذا أمر معيب.. الخلاف السياسي لما يتحول إلى تجريح يصبح شيئا معيبا.. للنقد أدب ينبغي الالتزام به..

* أعلن بعض الإعلاميين المصريين الحرب على قطر وقناة الجزيرة، ولم يتردد بعض القانونيين في مقاضاة أمير قطر ووالدته. إلى أي مدى يمكن أن يصل هؤلاء في حربهم؟
أعتقد أنها مجرد فرقعات إعلامية.. ومن المؤسف تقزيم قيمة مصر إلى درجة أن تربكها قناة تلفزيونية..

* هناك طرح يقول أصحابه أنه كان على "الإخوان" وغيرهم من رافضي الانقلاب العودة إلى بيوتهم وتنظيم أنفسهم سياسيا استعدادا للاستحقاقات القادمة وحقنا للدماء. ما موقفكم من هذا الطرح؟
أنا أوافق على هذا الطرح، لكن ليس كل شخص يتلقى صفعة يمكن أن تتوقع منه تقديم خده الآخر لتلقي صفعة أخرى.. ربما لم يكن بيد الإخوان، وفق منظورهم خيار آخر، خصوصا بعد الإانة التي تعرض لها مرسي وقيادات الإخوان، باعتقالهم واتهامهم بممارسة الإرهاب..

* لاشك أنك من الأصوات القليلة التي تغرد خارج سرب الإعلام المهلل للعسكر والمبشر بـ"فتوحات السيسي". ألا تخشى أن يعرضك ذلك للاعتقال أو ما هو أسوأ؟
كل شيء وارد.. الله يعيننا.. حين تختار البقاء حرا مستقلا، عليك أن تدفع ثمن خيارك، وقد دفعنا كل ثمن ممكن، إلا الاغتيال..


* نسأل الله أن يحفظكم..
لو عرّجنا على الشأن السوري، هل تعتقد أن التدخل العسكري الغربي صار وشيكا في سوريا؟
بالفعل، أظن أنه وشيك.. وللأسف الشديد فإن ذلك ستكون له تداعيات وخيمة ليس على سوريا المهددة بمزيد من الدمار، وبالتمزق، وحدها، بل على البلدان العربية بالمنطقة بأسرها.. إن بقاء النظام السوري الحالي مشكلة، لكن ذهابه مشكلة أكبر..

* ماذا تقول في نهاية هذه الحوار؟
الديمقراطية في محنة.. وليس الإخوان فقط من هم في محنة.. سنة 2013 يراد لها أن تكون سنة انتكاسة "الربيع العربي"..


***
فهمي هويدي في سطور
فهمي هويدي كاتب ومفكر إسلامي مصري، يعد من أبرز المفكرين الإسلاميين المعاصرين، من مواليد عام 1937.

بطاقة شخصية
· الاسم الكامل: محمود فهمي عبد الرازق هويدي.
· تاريخ الميلاد: 29 أوت 1937
· محل الميلاد: الصف – محافظة الجيزة.
· المؤهل: كلية الحقوق – جامعة القاهرة.
· المهنة: كاتب وصحفي مصري بارز.
تخرج من كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1960، والتحق بقسم الأبحاث في جريدة الأهرام القاهرية منذ عام 1958 حيث قضى في فيها 18 عاما تدرج خلالها في مواقع العمل إلى أن صار سكرتيراً لتحرير الجريدة. انضم منذ 1976 إلى أسرة مجلة العربي الكويتية وأصبح مديرا لتحريرها. تخصص منذ سنوات في معالجة الشؤون الإسلامية حيث شارك في أكثر ندوات ومؤتمرات الحوار الإسلامي وقام بزيارات عمل ميدانية ﻟﻤﺨتلف بلدان العالم الإسلامي في آسيا وأفريقيا وتولى التعريف بها في سلسلة استطلاعات مجلة العربي.
تأثر كثيراً بفكر الشيخ "محمد الغزالي" رحمه الله، ويكثر الإستشهاد بفتاويه واجتهادته في كتبه، كما ينشط هويدي كعضو في الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث تربطه علاقة وطيدة بالشيخ الدكتور "يوسف القرضاوي" والدكتور محمد سليم العوا.
يواظب منذ سنوات على كتابة مقالته الأسبوعية بالأهرام يوم الثلاثاء وصحيفة الشرق الأوسط يوم الأربعاء، ومؤخرا أصبحت له مقالة يومية في صحيفة الدستور المصرية، وتتعرض مقالته الأسبوعية في جريدة الأهرام إلى المنع كل عدة شهور بسبب تجاوزه للخطوط الحمراء التي تفرضها الأهواء السياسية على تلك الجريدة شبه الرسمية.
كرس معظم مجهوداته لمعالجة إشكاليات الفكر الإسلامي والعربي في واقعنا المعاصر، داعياً إلى ترشيد الخطاب الديني، ومواكبة أبجديات العصر، كما تناول كثيراً مسألة الصدام الإسلامي - العلماني، وتميزت تلك الكتابات بمحاولات جادة لتحرير الخلاف والدعوة لنبذ الغلو في الأفكار والأحكام المسبقة على الجانبين، هذا بالإضافة إلى امتلاكه مهارة لغوية قوية، وإنشاء فخيم، مما أهله بامتياز أن يكون واحداً من أبرز الكتاب العرب والمفكريين الإسلاميين المعاصرين.
ولم تمنعه غلبة الهموم الفكرية من الاهتمام بالقضايا المصرية الداخلية، حيث اعتنى كثيرا في مقالاته بقضايا الإصلاح السياسي والاجتماعي داخل مصر، بل وخصص لها عدد من كتبه، كما أولى عناية خاصة بالقضية الفلسطينية شأنه شأن معظم الكتاب العرب، وتقوم "دار الشروق" على طباعة ونشر معظم كتبه الحديثة.
يذكر أن الأستاذ هويدي ينتمي في الأصل لعائلة إخوانية، لكنه انفصل تنظيميا عن جماعة الإخوان منذ الصغر، وتم اعتقاله أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لمدة عامين، وكان يبلغ آن ذاك السابعة عشر من العمر، ويقول أن تلك التجربة أثرت في حياته كثيراً.

من مؤلفات هويدي: 
· حدث في أفغانستان.
· القرآن والسلطان.
· الإسلام في الصين.
· إيران من الداخل - 1988.
· أزمة الوعي الديني - 1988.
· مواطنون لاذميون - 1990.
· حتى لاتكون فتنة - 1992.
· الإسلام والديمقراطية - 1993.
· التدين المنقوص - 1994.
· المفترون: خطاب التطرف العلماني في الميزان - 1996.
· إحقاق الحق - 1998.
· المقالات المحظورة - 1998.
· مصر تريد حلا - 1998.
· تزييف الوعي - 1999.
· طالبان: جند الله في المعركة الغلط - 2001.
· عن الفساد وسنينه - 2006.

· خيولنا التي لا تصهل - 2007.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020