-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

حوار خاص مع المفكر محمد الأهدل

المفكر محمد الأهدل في حوار خاص:
"فرنسا مـــازالت طـــــــامعة في الجزائر"

ـ أقول لإخواننا المصريين: لقد أسكرتكم السلطة واستغفلتكم الأحداث!
ـ لا يجوز شرعا ولا عقلا أن نسوي بين الشيعة والصهيونية
ـ السبيل إلى حقن دماء المسلمين إدراكهم لسياسة العدو المشترك
                            ـ الاستبداد السياسي لا يُرفع باستبداد سياسي
                            ـ يراد لليمن أن تكون مستنقعا للدماء وللحروب

يرى المفكر اليمني الدكتور محمد حمود عبد الرحمن الأهدل خطيب مسجد السعيد في محافظة تعز، ومدير التوجيه والإرشاد، ورئيس مؤسسة دلائل الخير التنموية الاجتماعية الخيرية أن "العدو المشترك للعرب والمسلمين" استطاع بسياسته الماكرة ودهائه السياسي وقدراته الاقتصادية وسذاجة القيادات السياسة والفكرية أن يجعل العالم العربي يقتل بعضه بعضاً ويدمر بعضه بعضا، مشيرا إلى أن الطائفية قد وُظفت في بعض البلاد العربية "أداة من أدوات التناحر".. ويقول الدكتور محمد الأهدل في هذا الحوار الذي أجرته معه "أخبار اليوم" أن دول الاحتلال ما زالت طامعة بالجزائر وبغيرها، ناصحا الجزائريين "أن يستفيدوا ممن حولهم ويتجاوزوا الإشكالات المتوقعة ويعملوا على تجاوز الاختلالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتدينية، وألا يكرروا الأحداث التي وقعوا فيها في التسعينيات والتي قتل فيها الجزائريون الجزائريين".
أجرى الحوار: الشيخ بن خليفة

ما هي قراءتكم للمشهد العام في بلاد العرب والمسلمين اليوم؟
الذي يقرأ الحاضر بدون قراءة الماضي لا تتضح له الرؤية في قراءته ورؤيته ولا يمكن أن يفهم المشهد والعالم يمر بمراحل مختلفة، وما زال مشهده مضطرباً وغير مستقر.
فالمشهد العام في بلاد العرب والمسلمين وملامحه تصعيد سياسات الفوضى الخلاقة في بعض الدول، وبعض الدول العشوائية ليس لها استراتيجية مستقبلية وتتعامل مع الأحداث من منظور رؤية الآخر وسياسته واستراتيجيته، ومصالحه الاقتصادية والسياسية والأمنية، فالعالم العربي والإسلامي بين سياسة الفوضى الخلاقة والهمجية والعشوائية ونزوات سياسية، وبين سياسة الإملاءات بمعنى أن الرؤية السياسية والفكرية والتعامل مع الأحداث غير ذاتية بل هي تمثل رؤية الآخر ومن كان كذلك فسياسته غير مستقرة، ووضعه غير طبيعي وبهذا يكون الوضع العربي مؤلما والمشهد غير واضح.

تعيش الأمة الإسلامية واحدا من عصورها العصيبة جدا، وتواجه سيلا من الفتن التي جعلتها تتفرق طوائف وشيعا.. يقاتل بعضها بعضا.. ما مدى مسؤولية العلماء والدعاة في تشتيت الصف الإسلامي، وما أفق هذا الوضع الصعب في تقديركم؟ وهل من سبيل لحقن دماء المسلمين؟
الأمة عبر التاريخ واجهت أزمات وهجمات ومشكلات وعاشت صراعات مع الآخر ولكنها تجاوزتها يوم أن كانت تمتلك القرار السياسي الواحد وواجهت فتناً كثيرة وكانت في بعض الأحيان تصاب بغفلات عدة وتستيقظ، أما هذه المرحلة فمرحلة خطيرة وعصيبة كما قلت؛ لأن العدو استطاع بسياسته الماكرة ودهائه السياسي وقدراته الاقتصادية وسذاجة القيادات السياسة والفكرية وعدم إدراكها لأبعاد المرحلة وما يجري وما يراد، استطاع أن يجعل العالم العربي يقتل بعضه بعضاً ويدمر بعضه بعضا ويكيد بعضه لبعض ويعمل على إضعاف نفسه بنفسه، ووظفت الطائفية في بعض البلاد العربية أداة من أدوات التناحر ووظفت الحزبية في بعضها كوسيلة من وسائل المكايدات السياسية والمواجهات العسكرية فيما بينها، أما مسؤولية العلماء والدعاة في تشتيت الصف الإسلامي، فالعلماء والدعاة الحقيقيون يمثلون القرار العلمي فلهم أهمية عظيمة في تكوين الرأي وقيادة المجتمع وتوجيه الشعوب نحو المسار الصحيح ولا يمكن أن يقوموا بدورهم المطلوب منهم شرعاً وعقلاً إلا إذا تخلوا عن العصبيات المذهبية والحزبية والسياسية والانتماءات الضيقة، ولم يُحتووا من قبل الأنظمة والتنظيمات السياسية، أي بالمعنى الواضح لا يمكن أن يقوموا بمهمتهم الحقيقية الملقاة على عواتقهم إلا إذا حرروا علمهم وعقولهم وأفكارهم من القيود والأغلال السياسية والتقليدية، أما إذا لم يتحرروا من هذا فإنهم سيكونون جزءا من المشكلة، وهاهم اليوم جزء من المشكلة في العالم العربي والإسلامي.
فالعالم إذا لم يتحرر ويحرر عقله وعلمه ومنهجه في الفتوى والدعوة والنصح والإرشاد من القيود والأغلال السياسة والفكرية والحزبية والمذهبية ويتعامل بالمنهجية الإسلامية العالمية وينأى بنفسه عن الميولات الطبعية والبشرية فإنه سيكون جزءا من المشكلات السياسية وغيرها وسيضع نفسه وأمته في أفق متأزم فكرياً واجتماعيا وسياسيا.
أما السبيل إلى حقن دماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم وانتماءاتهم السياسية والطائفية فهو إدراكهم لسياسة العدو المشترك الذي ينتهج سياسة "فرق تسد" وأن يعملوا على تربية الأجيال والشعوب على مبدأ القواسم المشتركة التي تحفظ لكل واحد مذهبه وانتمائه وتعمل على الالتقاء على القواسم المشتركة في المجال الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وما يحقق ذلك، وإنزال مبدأ العيش المشترك والتعايش السلمي على الواقع كممارسة سلوكية والقبول بالاختلاف كمنهج ثقافي حضاري راقي.

 تشهد العديد من البلدان العربية حراكا شعبيا متفاوت الحجم، وتتفاوت آراء كبار الفقهاء من هذا الحراك، بين من يرى أنه ثورة ضد الطغيان، ومن يعتبره فوضى غير جائزة، وبلغت "الفتنة" حد رفع المسلم للسلاح في وجه أخيه المسلم، حيث يراق دم كثير في سوريا وبلدان أخرى. ما موقفكم من هذا كله؟
ما يحدث في المنطقة العربية له أسبابه الموضوعية ولا بد من دراستها بمنهج موضوعي بعيدا عن لغة العاطفة والمكايدات السياسية فالظلم لا ننكره وتختلف نسبته وأسبابه ودوافعه من بلد إلى بلد.
وللشعوب مطالبها وعليها واجباتها، والقيادات السياسية عليها واجبات ولها حقوق وعندما اختلت الموازين لدى القيادات السياسية ولدى الشعوب وجدت الاختلالات في القيادات وفي المطالبة بتحقيق المطالب.
ومن يتأمل الواقع هل رفع الظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي من العالم العربي والإسلامي في ظل هذه الأحداث؟
إن الظلم لا يرفع بظلم والاستبداد السياسي لا يرفع باستبداد سياسي أو فكري مثله ولا تهمنا التسميات، سمي ما يحدث في بعض بلدان العالم العربي ثورة أو أزمة أو مشكلة أو اضطراب، إنما يهمنا كيفية التعامل ومنطلقاته ووسائله ومآلاته، وحدوث التفاوت بين قادة العلم والمعرفة يرجع إلى تمحور وتمترس بعضهم، وغياب الرؤية الفكرية والسياسية لدى بعضهم وعدم إدراكهم لفقه التحولات والمتغيرات "علامات الساعة" وكيفية دراسته والتعامل مع واقع المتغيرات من خلاله وعدم إدراك أنه ركن من أركان الدين المشار إليه في حديث جبريل، عندما سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان وقيام الساعة فلم يجبه، وسأله عن أماراتها فأجابه، ثم قال آخر الحديث هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم، فاعتبر الإسلام والإيمان والإحسان والعلم بعلامات الساعة علم دين، وهذا فقه مغيب.
هل الوضع السوري الذي أصبح السوري يقتل السوري وأصبحت قوى خارجية تؤجج وتؤزم الوضع حتى انتهت البنية الاقتصادية وصارت سوريا مهددة بالتقسيم ومصر مثلها، والبنية الاجتماعية مفككة هل هذا الوضع يرضاه العقلاء في العالم العربي والإنساني؟
إن منطلق العقل البشري والدين الإسلامي الذي من معالمه الأساسية التغيير إلى ما هو أفضل ونشر السلم والسلام الاجتماعي والأمني والاقتصادي يرفض ما يجري في بعض بلدان العالم العربي وغيره.

 قلت سابقا أن ما حدث في مصر زادك يقيناً بما كنت تقوله منذ بداية الأحداث أن العدو المشترك لا يريد للمنطقة أن تهدأ ولا تستقر ولا تخرج من دوامة الصراع السياسي والفوضى والهمجية وردود الأفعال ومواجهة المسلمين للمسلمين. هل للعدو المشترك يد مباشرة فيما يجري أم أنه يفضل الزج بعملائه وأدواته عن بعد فقط؟ وهل أطراف الأزمة المصرية على وعي بذلك؟
 العدو المشترك ليس مغفلاً ولا أبلهاً ولا ساذجاً ولا بعيداً عما يجري في المنطقة وله وسائله المباشرة وغير المباشرة السياسية والإعلامية وغيرها وله أدواته الداخلية والخارجية فيما يجري، وله دراساته الاجتماعية والعاطفية لميولاته السياسية فهو يتعامل من خلال هذه الدراسة ويمونها ويفعلها في الأوقات المناسبة.
أما إخواننا المصريون هل هم على وعي من ذلك؟ أقول: لقد أسكرتهم السلطة واستغفلتهم الأحداث ولو كانوا على وعي تام بخطورة ما تمر به مصر لتفادوا ما صاروا إليه قبل وقوعه، ولقطعوا الطريق عن أعوان الدجال وأعوان الشيطان واتفقوا على رؤية سياسية توافقية سلمية تضمن لكل المصرين حقوقهم السياسية والدينية والفكرية بلا إقصاء ولا إلغاء ولا أحادية.

 ماذا عن ما يجري في سوريا؟ وما سبيل إنهاء الفتنة الدموية الأليمة؟
 ما يجري في سوريا ومصر وليبيا وتونس لم يقره العقلاء، وإنهاء الفتنة الدموية هنا وهناك يكون بالارتقاء عن شهوات النفس وأطماعها ونزواتها الشيطانية والتحرر من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة إلى ثقافة الغاية تقرر الوسيلة، وتغليب مصالح الأمة على مصالح الفرد والجماعة، والفئة والحزب والوعي بأن القتل يجر إلى قتل ولم يكن القتل يوما ما من وسائل الاستقرار في المجتمعات.
إن الشعب السوري ظلم من قبل مجموع أنظمة العالم العربي والإسلامي والإنساني سياسيا واقتصاديا لأن سوريا هدمت بنيتها التحتية ونهبت مصانعها وثرواتها، وما الثورة إلا كقميص عثمان.

شهدت دولة اليمن "ربيعا باكرا " انتهى بإصلاحات حقنت، إلى حد ما دماء اليمنيين، وجنّبت اليمن منزلقات أخطر. هل يمكن القول أن ربيع اليمن كان الأنجح عربيا على الإطلاق؟ ولماذا لم تعد أضواء الإعلام مسلطة على التجربة اليمنية الفريدة برأيكم؟
 يراد لليمن أن تكون مستنقعا للدماء وللحروب ولولا عناية الله بها ولطفه ورعايته لشيوخها وأطفالها ونسائها وشبابها ومكوناتها، وكان للعقلاء من الفرقاء السياسيين دور في تهدئة الوضع مع تحفظي على بعض الوسائل والممارسات الغير عقلانية والبعيدة عن المنهج الإسلامي الواعي التي مورست في ظل الأحداث، وكان للمبادرة التي حققت لكل الفرقاء السياسيين مكانتهم دور لا ينكر في إخراج اليمن من دوامة الصراع والنزاع والاقتتال، الاقتتال القبلي والحزبي والأهلي، أما لماذا لم تعد أضواء الإعلام مسلطة على التجربة اليمنية؟ لأن الآخر لا يريد أن تهدأ المنطقة ولا يتجه أبنائها إلى الحلول السلمية.

  بعض المرجعيات الفكرية والدينية في المشرق، وخصوصا في الخليج العربي، ترى أن الشيعة أخطر من بني صهيون.. هل أنتم مع هذا الطرح؟ وكيف يمكن إحداث التقارب المأمول بين السنة والشيعة؟ ولماذا تتردد بعض المرجعيات الشيعية في إنكار التطاول على الصحابة وأمهات المؤمنين برأيك؟
  تقييم المخالف لرؤيتك السياسية أو المذهبية أو الحزبية يحتاج منك إلى تجرد عن الأنانية وأن لا تغمط الناس حقوقهم المادية والمعنوية (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) ويقول الله: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فلا يجوز شرعا ولا عقلا أن نسوي بين الشيعة والصهيونية وإن اختلفت مع الشيعة في بعض القضايا الفقهية والعقدية والسياسية، فما بالك أن أقول عنهم بأنهم أخطر من بني صهيون مع أنهم يشهدون أن لا إله الله (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
أما كيف يمكن إحداث التقارب بين السنة والشيعة أو بين السلفيين والصوفيين أو بين الحركيين والتبليغيين فيكون بتربية المنتمين إلى هؤلاء على القواسم المشتركة والعيش المشترك والتعايش السلمي، ولكل رؤيته ومذهبه وفكره لأن الالتقاء على القواسم المشتركة والتعايش السلمي والعيش المشترك منهج الآمن وسياسة الاستقرار وضمانة الاستمرار لكل رؤية ولا يلغي فكر ومذهب الآخر.
أما مسألة تردد بعض المراجع الشيعية في إنكار التطاول على بعض الصحابة وأمهات المؤمنين فدليل على الغلو والانحراف الفكري المبني على أحداث تاريخية لا يرضاها أئمة آل البيت رضوان الله عليهم، وسب بعض الصحابة وأمهات المؤمنين بحجة محبة آل البيت ورقة يقصد بها التكسب وإثارة العاطفة، وإيجاد الفرقة بن الصحابة وآل البيت الكرام ورقة سياسية بنيت على أحداث، والموضوعية تأبى أن أقيم مذهبا وفكرا على حدث، فالأحداث التي جرت بين الصحابة وآل البيت ليست دليلا ولكن النص هو الذي يستدل به ومواقف أصحاب الشأن، وهذا ما يسمى بسنة المواقف في فقه التحولات.
فما هي مواقف أئمة آل البيت بدءا بالإمام علي كرّم الله وجهه وأرضاه والحسن والحسين وزين العابدين وجعفر الصادق ومحمد الباقر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لماذا لا يكون مواقف المتشيعين والمحبين لهم كمواقفهم الأدبية والأخلاقية والشرعية والذوقية ممن اختلفوا معهم؟
إن محبة الصحابة رضوان الله عليهم دين وليست ورقة سياسية لصراع آل البيت وجفوتهم، ومحبة آل البيت دين وليست ورقة سياسية لصراع الصحابة وسبهم، والشيعة الحقيقية تأبى ذلك والسنة الحقيقة تأبى ذلك، والمرحلة المعاصرة للصراع المعد سلفا من قبل العدو المشترك هو الصراع بين السنة المصنعة والشيعة المقنعة من أجل إدخال المنطقة في صراع دائم وإضعافها وتقوية إسرائيل والعمل على هيمنتها وحكمها للمنطقة.


تواجه العديد من البلدان العربية هجمة تنصيرية شرسة، وتستغل بعض الجهات الكنسية، المرخصة وغير المرخصة، جهل وفقر بعض المسلمين لحملهم على الردّة. ما المطلوب من الحكومات لحماية أبنائها من الضلال المبين؟
  مواجهة التنصير في العالم الإسلامي مسؤولية أصحاب القرار السياسي والقرار العلمي وهم الدعاة والعلماء، ومسؤولية أصحاب الأموال الذين يصرفونها من أجل التصارع السياسي بين الحكومات والجماعات والأحزاب والفئات وترك الشعوب لقوى التنصير والاستشراق والعلمانية والتفسخ الأخلاقي، ولا بد من وضع استراتيجية دعوية تقوم على مخاطبة العقل والعاطفة في آن واحد ويشترك في تنفيذها العلماء والدعاة الواعون والإعلام الموضوعي المسؤول من أجل تثبيت أهل الإسلام على إسلامهم وإرجاع من خرجوا إليه وإدخال من ليس فيه إليه، ومن الخطأ الاعتماد على المال وحده أو على العقلانية وحدها أو على العاطفة وحدها ولا بد من الراعية التربوية لكل من دخل الإسلام وتثقيفهم الثقافة المتوازنة.
ونتجه بهذا السؤال إلى الحركات الإسلامية في الوطن العربي والإسلامي التي همها في حياتها العمل السياسي والوصول على الحكم ولا يهمها العمل الدعوي والتربوي والمحافظة على القيم الإسلامية والهوية الإسلامية وتثبيتها لشغلها بالبرامج التنظيمية والسياسية وهذا الأمر ينطبق على الدول المغربية وغيرها.

  إضافة إلى التنصير، يثير البعض ملف التشيع الزاحف على "البلدان السنية" كخطر أكيد يحدق بها. ما مدى خطورة انتشار المذهب الشيعي في بلاد السنة؟ وما رأيك في الاعتقاد السائد بين بعض "السنيين " والذي يقول أن الشيعة ـ أو الروافض ـ أخطر من الصهاينة؟!
  الخوف من المد الشيعي دليل على أن هناك تقصير في تربية الأجيال على منهج الوسطية الشرعية والاعتدال الواعي ولو قام الدعاة والعلماء والحركات الإسلامية على كثرتها وتنوع مسمياتها بواجبها الدعوي والتعليمي والتوعوي والتحصين ما وجدنا التخوف من التنصير والعلمانية أو الاستشراق ولا من المد الشيعي ولا من غيره ولما احتجنا إلى إصدار مثل هذه الأحكام.
ولو أعدنا دور المدارس الإسلامية الأبوية التي تعمل على التلقي في المغرب والتي تعتني بتربية الشباب علميا وفكريا ووجدانياً معتمدة على التدرج التعليمي وعلى منهج التوازن الذي يقوم على فهم المذهبية والتصوف الإسلامي ومحبة آل البت فهماُ صحيحاً متوازنا بلا إفراط ولا تفريط لما وجدنا هذا الغلو في الحكم على غيرنا، ولا بد من العودة إلى علماء التربية والتزكية والمعرفة الذين تربو في مثل هذه المدارس الإسلامية والاستفادة منهم وإعطائهم مكانتهم الصحيحة في المجتمعات ودعمهم الدعم الأئق بالمسؤولية الملقاة على أصحاب القرار السياسي من منطلق المسؤولية نحو تحصين الأوطان، لا من منطلق الاحتواء والتسييس والانتفاع السياسي وغيره.

هل من إضافة تتكرمون بها؟
  ينبغي أن نعمل على إيجاد القواسم المشتركة وهي كثيرة بيننا كمسلمين سنة وشيعة صوفية وسلفية حركية ودعوية وتكون هي المنطلق في التعامل، وإيجاد القواسم المشتركة والعيش المشترك والتعايش السلمي بيننا كمواطنين، سواء كنا علمانيين أو لبراليين أو مسيحيين، ومن القواسم المشتركة بين الجميع الوطن العربي والإسلامي الواحد واستقراره والتعاون مع العالم الإنساني، ونعمل على ردم الفجوات بين الانظمة وشعوبها كعلماء وقادة فكر وسياسة وإعلام ومنظمات وتنظيمات وجماعات وجمعيات وأفراد وتكتلات.

 ما هي رسالتكم للجزائريين.. وللمسلمين عموما..؟
  رسالتي للجزائريين وللمسلمين عموما أن يدرسوا الواقع والأحداث بعمق وروية وبغير سطحية وانفعال وعاطفة وألا يعتمدوا على تحليل الآخر وثقافته وإعلامه، ويعمل الجميع على إحياء وإرساء مبدأ وثقافة القواسم المشتركة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو تدينية، وعليهم أن يعلموا أن الإسلام لم يأت يوما ما مؤزماً للواقع إنما جاء ليعالج واقع الإنسان سواء كان منتميا إليه أم غير منتم إليه، بل ينتمي إلى وطن وكيان اجتماعي فيه، وعليهم أن ينشروا ثقافة السلام والسلم الاجتماعي والسياسي فيما بينهم وأن يجعلوه سلوكهم اليومي تطبيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَىْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ» رواه مسلم.
قال إذا فعلتموه ولم يقل إذا قلتموه، لان السلام ثقافة سلوكية في الواقع، وعلى الجميع أن يدركوا خطورة سياسة التحريش الشيطانية التي قال عنها من لا ينطق عن الهوى «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِى التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» رواه مسلم. وهذا يدل على ان الامة محفوظة من الشرك المخرج من الملة ولكن ليست سالمة من سياسة التحريش بين الأنظمة والجماعات والأحزاب والفئات وما يجري في الواقع مظهر من مظاهر التحريش السياسي والديني والاجتماعي، وللشيطان وكلائه في التحريش من جميع الفئات حتى من العلماء وعليهم ان يدركوا خطورة المنهج الأنوي والمدرسة الأنوية ذات الابعاد الخطيرة والتي قال مؤسسها الأول (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) وألا يكونوا مكونا ولا جزء من سياسة الاندفاع والانتفاع لخطورتها على القيم الاخلاقية وفاعليتها في جر المجتمعات إلى الهاوية، وألا يكون جزء من سياسة التسعير للقضايا السياسية وغيرها المختلف فيها، لأن سياسة التسعير سياسة شيطانية يقول الله عنها (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) في الدنيا قبل الآخرة ورسالتي للأخوة الجزائريين خاصة ان يستفيدوا ممن حولهم ويتجاوزوا الإشكالات المتوقعة ويعملوا على تجاوز الاختلالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتدينية التي هي بمثابة طريق للآخر يعبر منها لتنفيذ سياسته.
وألا يكرروا الأحداث التي وقعوا فيها في التسعينيات والتي قتل فيها الجزائريون الجزائريين.

وأن لا يغيب على أذهانهم أن دول الاحتلال ما زالت طامعة بالجزائر وبغيرها وإن كان العالم العربي في ظل وصاية سياسية لعدم امتلاكه القرار السياسي المستقل.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020