شهادة حق في الراحل محمد لخضر علوي
نم قرير العين يا "باني" جامع الجزائر
* شهادة: الشيخ بن خليفة *
في زمن ينهي بعض المنتسبين إلى أمة
الإسلام حياتهم منتحرين أو سكارى أو زناة.. ويتفاخر بعضهم بالمعاصي.. وفي زمن يخرج
بعض أصحاب الحانات غير الشرعية إلى الشارع احتجاجا على "مضايقة
السلطات".. في هذا الزمن بالذات يغادر الدنيا رجل ختم حياته بمشروع بناء أكبر
جامع في القارة الإفريقية.. جامع الجزائر.. رجل تكتب اسمه على محركات البحث بحثا
عن صورته فتشاهد بدلا منها صورة الجامع.. نم قرير العين يا سيدي محمد لخضر علوي..
وإلى اللقاء يا باني جامع الجزائر.
تماما كما كان خلال حياته لا يحب
إثارة الضجيج حوله، رحل قبل أيام قليلة، وفي هدوء كبير السيد محمد لخضر علوي،
الرجل الذي "كرّس حياته في خدمة دينه ووطنه" وفق تعبير وزارة الشؤون
الدينية، الرجل الذي سيكتب التاريخ أنه "باني جامع الجزائر"، بصفته مدير
الوكالة الوطنية لإنجاز وتسيير الجامع الذي من المفترض أن يدشن بعد أقل من سنتين
من الآن ـ من المنتظر أن يسلم خلال شهر أوت من سنة 2015 ـ وهو إنجاز لو لم يكن
للراحل الكبير من إنجاز ساهم فيه سواه.. لكفاه فخرا، وربما "شفاعة"
أيضا..
حين التقيته ذات يوم من ربيع سنة
2012، وكان يرافقني الأستاذ حسين لقرع "الرجل الطيب"، وفي حضور الأستاذ
أحمد مدني المكلف بالإعلام ـ يومها ـ في الوكالة الوطنية لإنجاز وتسيير جامع
الجزائر، وهو مدير خلية الاتصال حاليا بوزارة الصحة شعرت بأني في حضرة "رجل
رسالي"، لا يهمه الحصول على مجد شخصي قدر أداء رسالته، وقدر تأدية واجبه..
ولذلك فإن هذا الرجل ظل يوصينا
ويوصينا ويشدد على وصيتنا بعدم الإشارة إلى حديثنا معه، وحتى حين طلبت منه التقاط
صورة للذكرى رجا عدم نشرها إلى جانب الموضوع الذي كنت بصدد إعداده حول جامع
الجزائر والهجمة التغريبية المنكرة التي كان يتعرض لها، ولم أكن أعلم حينها أن هذا
الرجل الذي بدا عندها في صحة ممتازة سيرحل بعد أقل من عشرين شهرا..
لم ألتق يوما مسؤولا لديه منصب
رسمي يلح على عدم ذكر اسمه ونشر صورته في مقال يتعلق بمشروع يصنع مجد من يشرف
عليه.. لقد بدا واضحا أن الرجل لا يبحث عن مجد شخصي يستحقه بجدّه واجتهاده، بل
يبحث عن مجد بلد كان يستحق جامعا بحجم جامع الجزائر منذ استقلاله، لولا أن
التغريبيين ومن سار في فلكهم ظلوا يعترضون طريق الجامع الكبير حتى سخر الله له
رجالا من طينة الراحل علوي ليضعوا أساسه وينيروا طريق المشروع الحلم الذي تعرف
أشغاله تقدما مشهودا، وليس مستبعدا أن يتم تسليمه قبل الأجل المحدد سلفا، وقد شاء
الله تعالى أن يكون أجل الراحل علوي أقرب إليه من أجل انتهاء المشروع الذي كان
يشرف عليه بتفان لم يكن يرجو من ورائه أضواء وشهرة.
جلسنا مع الراحل أكثر من ساعة في
مكتبه، وإضافة إلى حُسن ضيافته وكرم إصغائه قدّم لنا شرحا مقنعا، بالدليل
والبرهان، عن مزايا الجامع وأراجيف أعداء المشروع، دون أن يتهجم على شخص، أو يشتم
أحدا من المتطاولين عليه..
مات
الرجل الذي كنتم تحاربونه..
الراحل محمد لخضر علوي انتقل
ظهر الأربعاء 13 نوفمبر 2013 إلى جوار ربه، وقد نعته وزارة الشؤون الدينية وشهدت
أنه كان "رجلا فذا كرس حياته في خدمة دينه ووطنه" وقد تحصل على
"عدة شهادات علمية وشغل عدة مناصب سامية منها رئيسا لعدد من الدوائر عبر
الوطن وواليا لولاية النعامة وغيرها من المناصب ذات الأهمية".
وأشارت الوزارة إلى أن الراحل
"ختم حياته النضالية المليئة بالحب للوطن على الإعداد ثم الانطلاق فالمتابعة
اليومية لأشغال إنجاز جامع الجزائر الذي هو مفخرة هذا الوطن ورمز استقلاله".
وقبل أن يسلم محمد لخضر علوي روحه
إلى بارئها كان قد واجه بشجاعة وإصرار وثبات حملات قذرة شنتها عليه جهات متفرقة
حينا وموحدة أحيانا، تتقدمها غربان التغريب التي حفظت جملة واحدة رددتها طويلا:
"كيف يُبنى جامع بأكثر من مليار دولار والجزائر بحاجة إلى مستشفيات؟"..
وهي العبارة التي انساق وراءها كثير من الناس، كما لو أن بناء مسجد يحول دون بناء
مستشفيات.. أو كأن الجزائر متوقفة ومشلولة بسبب مشروع جامعها الكبير.. الفساد يا
ناس هو ما يمنع من بناء المستشفيات وليس الجامع..
"آل أبرهة" المنتمون إلى قطيع إعلامي مشبوه
شنوا حروبا قذرة على جامع الجزائر، محاولين وقف المشروع والتخطيط لهدمه بكل ما
أتيح لهم من سبل، ودون أن يملوا من ترديد "أغنية المدرسة والمستشفى أولى من
الجامع" ـ علما أن الجامع سيضم جامعة علمية ويمكنه التحول لملجأ ومشفى كبير
عند الضرورة ـ وظلوا ينفثون سمومهم، محاولين تأليب الرأي العام على المشروع
العملاق الذي يسير بخطى حثيثة أزعجت الواقفين وراءهم، فتحركت آلتهم النتنة لتستأنف
الحرب القذرة على بيت الله الذي يبدو "يتيما" بعد أن "استقال"
"الإعلام الإسلامي"، وانشغل مدّعو الثوابت وأدعياء الدفاع عن المقدسات
بأمور أخرى..
هل تعلمون؟
* ميزانية المسجد تمثل 0.28 بالمائة فقط من الميزانية
العامة المرصودة للمخطط الخماسي المقدرة بـ286 مليار دولار، وليست الأموال
المرصودة للمسجد هي ما سيوقف بناء المدارس والمستشفيات..
* جامع الجزائر ـ وهو اسمه الرسمي وليس الجامع الأعظم ـ
لن يكون مسجدا فقط ـ ولو كان كذلك لكفاه ـ بل سيكون جامعا وجامعة ومكتبة كبرى
ومتحفا وحديقة كبرى، فهل تستخسرون في الجزائر ذلك؟
* الأهم من ذلك أن المسجد سيكون مشفى كبير لكل المرضى
الذين لم يقولوا شيئا عند بناء "رياض الفضح"، وهم يريدون اليوم هدم بيت
من بيوت الله..
حتى ولو كنت معارضا للنظام ناقما على الحكومة ساخطا على
الرئيس، فإن ذلك لا يبرر كل هذا الغل على جامع الجزائر..
* لماذا لم تقولوا شيئا عند بناء الملاهي والمخامر؟ أم
أن بناء ملهى تتراقصون فيه أولى من بناء مدارس ومستشفيات؟
* لقد حارب عشاق الملاهي مشروع الجامع 50 سنة وحين باءت
حربهم بالخسران المبين، وحين خسرت شركة فرنسية معركة تصميم المشروع الكبير
وبالتالي ملايين الدولارات، أوكلت دوائر مشبوهة لقطيعها الإعلامي في بلادنا مهمة
تأليب الرأي العام على مشروع كان أجدادنا يضحون بوجباتهم وبيوتهم من أجل إقامته..
* الجامع أيها السادة سيكون أيضا ملجأ آمنا يأوي آلاف
العائلات عند الضرورة، وبه مركز ضخم لتوليد الكهرباء، ولو كانت حملة أعدائه بريئة
ولو كان هدفهم الدفع باتجاه بناء مدارس ومستشفيات مثلما يزعمون لطالبوا بوقف بناء
أماكن اللهو؟ فلماذا الجامع فقط؟
* 43 بالمائة من قيمة
الغلاف المالي المخصص لجامع الجزائر سيتم صرفه بالعملة الوطنية الدينار، يذهب جزء
كبير منه لتسديد أجور العمال الذين استفادوا من فرصة الشغل من خلال المشروع، بينما
توجه الـ57 بالمائة المتبقية من الغلاف المالي لاستيراد الوسائل الحديثة اللازمة
لإنجاز المشروع الفريد من نوعه، ليس في الجزائر فقط، بل في العالم كله.
* من المقرر أن يستغرق إنجاز هذا
المشروع الحضاري الكائن ببلدية المحمدية (شرق العاصمة) 42 شهرا، حيث من المنتظر أن
يسلم خلال شهر أوت من سنة 2015، ولكن بعض المصادر المطلعة جدا تبشر بإمكانية إتمام
إنجاز المشروع قبل ذلك التاريخ، في حال استمرار الأشغال بالوتيرة الحالية، وهي
مفاجأة سارة بلا شك لملايين الجزائريين المتعطشين للصلاة في "الجامع
الحلم".
مسك
الختام
لقد خسرت الجزائر "رجلا بألف
رجل" جمع علم العارفين وحلم ـ بكسر الحاء ـ الصالحين وترفع الزاهدين واجتهاد
الصينيين، وكان همة الكبير أن يرى حُلم جامع الجزائر النور، وكان يسعى بكل ما أوتي
من خبرة ومدارك إلى استغلال تجربة هذا المشروع لما يعود بالنفع على الجزائر في
مجالات شتى، ويكفيه فخرا أنه حوّل ورشة جامع الجزائر إلى معهد لتكوين البنّائين،
ونظم ملتقيات شتى لتدارس أحدث تقنيات البناء المضاد للزلازل..
رجل حاربته بعض الجهات السعودية
التي أخفقت في الفوز بالمشروع فشنت حملة إعلامية قالت فيها: "كيف لأكبر جامع
بالجزائر أن يُبنى بأيادي عمال شركة غير مسلمة؟" ونسيت من قام بتوسعة الحرم
المكي الشريف..
رجل حاربته جهات تغريبية ـ علمانية
لا ترحم، لأن فرنسا "العجوز" أخفقت ـ بدورها ـ في الفوز بالمشروع، وأيضا
لأن "فافا" لا يرضيها أن يقام جامع عملاق بتلك المواصفات على أرض
مستعمرتها السابقة ـ التي ظلت تتمناها "أبدية" ـ ولكن هيهات..
رجل حاربه بعض بني جلدته، بعضهم
لأنه لم يحصل على "قطعة" أو "قضمة" من المشروع، وآخرون لحاجة
في أنفسهم..
رجل لم تشغله معاركه مع هذه الجهات
وتلك عن غايته الأهم، فخطط ـ رفقة فريقه المجتهد ـ لكل شيء بعناية ودقة، فانطلق
المشروع في التوقيت المقرر، وبدأت وتيرة أشغاله بشكل أسرع مما هو مقرر، والنتيجة
أنه في الطريق الصحيح، بحمد الله وفضله.
رحل الرجل الذي حاربه التغريبيون
وغيرهم.. ولكن لم يئن لهم أن يرتاحوا فالرجل رحل ومشروعه مستمر.. مات علوي والجامع
لم يمت..
لعلك أيها الرجل المحترم طلبت
كثيرا من الله أن يُحسن خاتمتك فكتب لك أن يكون بناء جامع الجزائر آخر شأن
تتولاه.. فأي خاتمة أفضل يمكن أن تطلب؟
رحمك الله سيدي، وجعل قبرك روضة من
رياض الجنة.. اللهم آمين.. اللهم آمين..
--------------
بطاقة فنية لجامع الجزائر
كلفت ولاية الجزائر باقتراح الموقع
المناسب لجامع الجزائر وأسندت بدورها هذه المهمة إلى المركز الوطني للدراسات والأبحاث
التطبيقية (CNERU) حيث تم بهذا الصدد مسح عدد من
المواقع (10) في البلديات التالية: بوزريعة، سطاولي، الشراقة، حسين داي (خروبة) وأخيرا
بلدية المحمدية.
في 05 من أكتوبر 2006 تم إصدار
المرسوم التنفيذي رقم 349-06 المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية للعملية المتعلقة
بإنجاز "جامع الجزائر" الذي يحدد الأرضية بمساحة تقدر بــــ 20 هكتار ببلدية المحمدية.
قاعة الصلاة والمساحة
الخارجية
- مدخل مهيأ بمساحة تقدر بــ20 ألف
متر مربع
- صحن الجامع بمساحة تقدر بــ 20
ألف متر مربع
- قاعة صلاة مغطاة بمساحة بــ 20
ألف متر مربع مع إمكانية وجود طوابق أخرى تخصص للنساء وللنشاطات الثقافية، الطابق
العلوي يصل ارتفاعه إلى 45 متر وتتوسطه القبة بقطر 50 متر التي يصل إرتفاعها عن الأرض إلى 70 متر.
المنارة
تكون مميزة بعلوها قرابة 264 متر وحيويتها، مفتوحة للزوار تتضمن عدد من المستويات العلوية
يضم كل مستوى نشاطات ثقافية وتاريخية لقرون من الزمن من التاريخ الإسلامي.
- مستويات علوية أخرى للتأمل
وللخدمات الضرورية.
- مع مستويات أخرى تخصص لمراكز
البحوث العلمية التي تتطلب تجهيزاتها علوا معينا.
المركز الثقافي
ويكون عبارة عن فضاء لممارسة
النشاطات الثقافية، مثل:
- المكتبات.
- قاعات المطالعة.
- فضاءات للعرض.
- فضاءات لأنترنيت والفيديو والأفلام.
- مدرجات.
- قاعات للمحاضرات.
- قاعات لعمل اللجان من 30 إلى 50
مقعد.
- ورشات لمختلف الفنون.
- مراكز أبحاث في العلوم
الإنسانية.
- فضاء إداري لتسيير المركز
الثقافي.
دار القرآن
وهي عبارة عن مدرسة عليا للتكوين
ما بعد التدرج، تتسع لـ: 300 مقعد بيداغوجي لتكوين دكاترة دولة في العلوم الإسلامية
والاجتماعية وتحتوي على:
- قاعات للدروس
- قاعة للسمعي البصري
- إقامة للطلبة
- قاعة للمحاضرات
- مكاتب إدارية لتسيير دار القران
مرافق وملحقات ضرورية
- مقاهي ومطاعم
- سكنات وظيفية
- ورشات للإنتاج وللتسويق للصناعات
التقليدية
- حديقة لراحة والاستجمام تتربع
على مساحة 1000 متر مربع
- مراب يتسع لـ4000 إلى 6000 سيارة
- مجمع إداري لتسيير المعلم
- مساحات خضراء مهيأة على مساحة 2000 متر مربع
* الموقع الرسمي لجامع الجزائر:
http://www.djamaa-el-djazair.com /
لقد خسرت الجزائر "رجلا بألف رجل" جمع علم العارفين وحلم ـ بكسر الحاء ـ الصالحين وترفع الزاهدين واجتهاد الصينيين، وكان همة الكبير أن يرى حُلم جامع الجزائر النور، وكان يسعى بكل ما أوتي من خبرة ومدارك إلى استغلال تجربة هذا المشروع لما يعود بالنفع على الجزائر في مجالات شتى، ويكفيه فخرا أنه حوّل ورشة جامع الجزائر إلى معهد لتكوين البنّائين، ونظم ملتقيات شتى لتدارس أحدث تقنيات البناء المضاد للزلازل..
ردحذففـعـلاً أخـي الـشيـخ.. إنـه خـسـارة كـُـبـرى للـجـزائـر.. رحـمَ الله فـقـيـدَ الـوطـَـن.. و أسـكـنـه فـسيـح جـنـاتـه.. إنـا لله و إنـا إليـه راجـعـُـون..
و نـرجـوا مـن كـُـل قـلـوبـنـا أن يـُـسـتـكـمَـل بـنـاء الـجـامـع فـي أقــرب الآجـال.. لـيـكـُـون ذلـك ضـربـة قـاضـيـة لـكـُـل الـمـُـزايـديـن...
و دُمـتَ فـي رعـايـة الله
اللهم آمين.. وإياكم
حذففعلا فقدنا رجلا لن يتككر أبدا خاصة في زماننا هذا الغريب ....عرفته عن قرب نعم الرجل هو ...هو الأخ والأب و الصديق يكون معك في كل مستوياتك هو متواضع لدرجة لا توصف ,متفاني في عطائه يعطي بدون إنتظار المقابل منذ رحيله فقدت الحياة معناها فعلا ما أعظم موت النبلاء رحمك الله وأسكنك فسيح جناته ورفعك مع الأنبياء والمرسلين يا خير ما أنجبت الجزائر.
ردحذفاللهم آمين
حذف