ـ الشيخ بن خليفة ـ
صدّق أو لا تصدق.. إنهم يقولون
أن "قانون الأسرة يكبح رقي المجتمع الجزائري".. ولسنا ندري كيف يكبح
قانون مستمدة أحكامه من شريعة الإسلام الصالحة لكل زمان ومكان رقي وتطور مجتمع لو
طبّق تعاليم دينه المرجعي بحذافيرها لكان سيدا بين المجتمعات الكبرى ولكانت دولته
بين كبار العالم يُحسب لها ألف حساب.. من دون فلسفة أو تحريف أو تخريف، يبدو
واضحا، ومع شديد الأسف، أن أحكام الإسلام، والقوانين المستنبطة منه
"تزعج" بعض الجزائريين، حتى لا نقول كلاما آخر..
صحيح أن الجزائريين، عموما، يرتكبون
الكثير من المعاصي ويُقدمون على كثير من المخالفات الشرعية المختلفة، ولكن
غالبيتهم يعتبرون الإسلام خطا أحمر، وأحكامه لا نقاش فيها، ولذلك يبدو غريبا جدا
أن يشن أشخاص يحملون الجنسية الجزائريين حملة مسعورة وحربا قذرة على قانون الأسرة
الذي ينص صراحة على أن مرجعيته أحكام الإسلام، ولكن بعض الجهات التغريبية لا ترى
مانعا في مراجعة هذه الأحكام الصالحة لكل وقت وفي كل مجتمع، بدعوى "الحداثة
والعصرنة"..
حين تصبح الشريعة مصدر "إزعاج"!
" كل ما لم يرد النص عليه
في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية"، هذا ما تنص عليه المادة
222 من قانون الأسرة، وهي برهان صريح على المرجعية الإسلامية للقانون المذكور، ومن
المعلوم أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع في الجزائر التي يعتبر
الإسلام دينا لدولتها بنص المادة الثانية من الدستور.
وإذا كان الإسلام مصدرا
للتشريع في الجزائر، فإنه، على ما يبدو، بات مصدرا لـ"إزعاج" بعض أصحاب
النفوس "التغريبية" والأهواء اللائكية الذين يحلمون بدولة جزائرية على
النمط الغربي، الفرنسي خصوصا، حيث لا دين يحكم المجتمع ولا أخلاق تقيد سلوك
أفراده، إلا على نطاق ضيق جدا.
ومع صعود اليمين المتطرف،
أوروبيا، يبدو أن في الجزائر يمينا متطرفا أيضا يرى ضرورة إبعاد الدين الإسلامي عن
حياة الجزائريين أكثر مما هو عليه الأمر حاليا، ولذلك يتعرض قانون الأسرة لهجمة
تغريبية شرسة لا يتوانى أصحابها في محاولة إقناع الجزائريين بأن هذا القانون
الصادر لأول مرة سنة 1984، والذي تم تعديله سنة 2005 يعد قانونا "باليا"
لم يعد يستجيب لمقتضيات العصر، ويجد هؤلاء في أنفسهم من "الجرأة" ما
يبيح لهم التطاول بشكل صريح على بعض الأحكام الإسلامية التي اعتمد المُشرّع
الجزائري عليها لصياغة مضمون قانون الأسرة، مثل قضية تعدد الزوجات التي أجازها
الإسلام بشروط، وكذا اشتراط الولي لتزويج المرأة، وقضايا أخرى تثير
"حفيظة" بعض الجزائريين الذين يُفترض أنهم مسلمون يؤمنون بأن ما نص عليه
كتاب الله وسنة رسول الله من أحكام ينبغي الالتزام بتنفيذها، وقبل ذلك الإيمان بها
وعدم إنكارها أو السعي إلى تعديلها.
أما الزعم بضرورة
"تحديث" قانون الأسرة، كتبرير يتخذه بعض التغريبيين مدخلا للتهجم على
قانون الأسرة، فهو تبرير مردود على أصحابه، ذلك أن قانون الأسرة الجزائري في طبعته
الأخيرة ترك باب الاجتهاد مفتوحا للقاضي في القضايا المستجدة، بما لا يخالف الشرع
الإسلامي عموما، دون الاكتفاء بما ورد في المذهب المالكي.
التغريبيون.. يتحالفون!
بينما تتفرق صفوف المدافعين عن
الثوابت ممن يوصفون من لدن "الطرف الآخر" بالمتزمتين
و"البعثيين" و"المعقدين"، ويجدون صعوبة في التعبير عن صراحة
عن رفضهم للمساس بأي ثوابت من ثوابت الجزائر المسلمة، يجد التغريبيون سهولة كبيرة
في التحالف مع العلمانيين ودعاة فصل الدين الإسلامي عن الدولة الجزائرية، تحت
تبريرات مختلفة لا تُقنع حتى أصحابها الذين يدركون أن تشبث عموم الجزائريين
بتعاليم وأحكام الدين الحنيف تقف عقبة دون تحقيق حلمهم في علمنة الجزائر وتغريبها،
وهو حلم تشاطرهم إياه زعيمة حزب العمال لويزة حنون على أحكام الإسلام من خلال
تهجمها المستمر على قانون الأسرة المستمدة من أحكام الدين الحنيف الذي يعد ثابتا
أساسيا، بل أهم ثوابت الدولة الجزائرية التي تعتبر الإسلام دينا لها.
حنون يختفي "حنانها"
تماما كلما تحدثت عن قانون الأسرة وعن بعض الأحكام المستمدة من شريعة الإسلام، مثل
حكم الإعدام.. وهي لا تتردد في التهديد بدولة علمانية لا علاقة للدين بشؤون
تسييرها..!..
وكانت حنون قد هددت بأنها إن
وصلت إلى الحكم يوما ستقوم باستبدال قانون الأسرة بقوانين مدنية تكرس، حسبها،
المساواة الفعلية بين المرأة والرجل، وذلك في تحامل واضح وصريح على أحكام الإسلام
الذي يضمن العدالة بين الرجل والمرأة بالنظر إلى أن المساواة بينهما غير ممكنة
لكون كل منهما ميسر لما خلق له، ومخلوق ليكمل الآخر، ويؤدي واجبات معينة، وفق
بينته البدنية وقوته الذهنية وهرموناته.
لا لمسخ هوية الأمة..
قال القانوني بشير بقاح أن
قانون الأسرة خط أحمر، لا يمكن المساس به في الجزائر، وذكر في تصريح صحفي أن
"قانون الأسرة خطّ أحمر لأنه مستمدّ من الشريعة الإسلامية التي هي دين الدولة
ونحن مجتمع إسلامي، لذلك لا يمكن المساس لا بقانون الأسرة ولا بأحكام الميراث التي
هي أصلا مستمدّة من الشرع"
وأضاف بقاح أن بعض
الاستئصاليين الذين طالما نادوا بتعديل قانون الأسرة أتوقّع أن يواصلوا العمل على مسخ
هوِية الأمّة".
إنهم يحاولن أن يمسخوا هوية
الأمة.. فما أنتم ـ يا حرّاس العقيدة وحماة الثوابت ـ فاعلون؟!