يومٌ ضد الكراهية والظلم في ألمانيا، مسيرة في النروج،
حملة عبر "تويتر" أُطلِقت من إنجلترا وانتشرت عبر العالم من خلال هاشتاغ
#NotInMyName:
إنهم مسلمون يتحرّكون ضد من يسمون أنفسهم بالمجاهدين والجهاديين المنتمين إلى التنظيم
المشبوه المسمى داعش في العراق وسوريا والجزائر وغيرها، ورغم تبرؤهم من جرائم
الدمويين، يبدو أن المسلمين المقيمين في الغرب بصدد دفع فاتورة جرائم
"داعش"، حيث بدأ المتطرفون يستغلون الملف الداعشي لمحاصرتهم، ما يضعهم
أمام خيارات سيئة، خصوصا في ظل عدم ممارسة أغلبهم للسياسة وابتعادهم عن التكتلات
التي تدافع عن مصالحهم.
"ليس باسمي" (Not in my name).
تنتشر هذه العبارة منذ بضعة أيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والهدف منها
التحرّك ضد البروباغندا التي يبثّها جهاديو "الدولة الإسلامية"، سواء في
العراق أو سوريا، إنما أيضاً مكافحة الخلط بين الإسلام والتطرف.
نُشِر الهاشتاغ الأول #notinmyname
في إنكلترا من قبل مؤسسة Active Change التي يتواجد
مقرها في شرق لندن وتجمع شباباً مسلمين. وقد صُدِم جميعهم بالمصير الذي لقيه ديفيد
هينز على أيدي جهاديي "داعش" الذين قطعوا رأسه أمام عدسات الكاميرات، في
حين أن الرهينة البريطاني الآخر آلان هينينغ لا يزال محتجزاً. وقال مدير المؤسسة
حنيف قادير لإذاعة "France info":
"كيف يُعقَل هذا؟ ليس هناك من سبب، ولا تبرير ديني، يستحيل أن يكون هؤلاء
الأشخاص مسلمين".
ويضيف قادير الذي كان جهادياً من قبل: "فكّروا.
أنتم أبعد ما يكون عن الحقيقة. عودوا إلى الكتب، عودوا إلى القرآن". سرعان ما
ردّد هذا الكلام الآلاف من مستخدمي الإنترنت، حتى إن بعضهم لم يتردّدوا في التقاط
صورة مع لافتة كُتِب عليها هذا الشعار. وقد شاهد 130000 شخص حتى الآن مقطع الفيديو
الذي نشرته مؤسسة Active Change.
إلى جانب الحركة التي أطلقها حنيف قادير، يتحرّك مسلمون
في أوروبا ضد الجهاديين في العراق وسوريا. ففي ألمانيا (تضم أربعة ملايين مسلم، أي
خمسة في المئة من السكان)، شارك نحو ألفي مسجد في برلين وهامبورغ وميونخ وهانوفر
في تنظيم يوم تحت عنوان: "مسلمون ضد الكراهية والظلم"، بناءً على دعوة
من إحدى المنظمات المجتمعية الكبرى. وفي الإطار عينه، شارك نحو خمسة آلاف شخص،
بحسب المنظّمين، في مسيرة في النروج في أواخر آب الماضي بناءً على دعوة وجّهها
شباب مسلمون بدعمٍ من المنظمات الإسلامية الأساسية في البلاد.
جرائم داعش لا تمت بصلة لدين
يعتنقه أكثر من مليار شخص
نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، تقريرا تنتقد فيه
الحملات التي يطلقها المسلمون المقيمون في الغرب على مواقع التواصل الاجتماعي، يتبرأون
فيها من جرائم «داعش».
وقالت الصحيفة البريطانية، إن تلك الحملات يدشنها غربيون
غير مسلمين، وهذا يعد نوعا من التمييز ضد الجاليات المسلمة التي تعيش في الدول
الأوربية.
وأكدت الصحيفة أن المسلمين غير مطالبين بتبرئة أنفسهم من
تلك الجرائم، فهي لا تمثل الدين الإسلامي في شيء، مستشهدة بأنه لا توجد دعوات
تطالب معتنقي المذهب الكاثوليكي بالاعتذار لجرائم التحرش بالأطفال التي يرتكبها
الكثير من رجال الدين التابعين للكنيسة الكاثوليكية.
وذكر التقرير حملات مثل NotInMyName
(ليست باسمي)، وأخرى مثل MuslimApologies (المسلم
يعتذر)، منتقدة إياها لأنها تعتبر تمييزا ضد الجاليات المسلمة في أوربا والعالم
الغربى، نظرا لأن جرائم «داعش» لا تمت بصلة إلى الدين الذي يعتنقه مليار ونصف
المليار شخص.
وأضافت الصحيفة أن تلك الحملات تتجاهل الأسباب الأصلية
التي أدت إلى ظهور تنظيمات متطرفة مثل «داعش»، مثل تدمير العراق بعد الغزو
الأمريكى البريطاني، والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها القوى الغربية عليها، مما
أدى إلى «تجويع نصف مليون طفل».
من جانب آخر، وصف موقع «دايلى بيست» الأمريكي، الرسالة
التي يجند بها تنظيم «الدولة الإسلامية» (المعرف سابقاً بـ«داعش») المسلمين
الساخطين في الغرب بـ«المتطورة والحديثة»، ولا يمكن لأي قدر من الضربات الجوية
مواجهتها، مشيراً إلى أن العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب بالتنظيم قادمين من
الغرب.
واعتبر الموقع في تقرير له، أنه لو كان الرئيس الأمريكي
باراك أوباما راغباً حقاً في صياغة خطة لهزيمة «داعش»، فإن الحل العسكري وحده لن
يفعل ذلك. بل سيتطلب الأمر جهوداً مركزةً من القيادات المسلمة والحكومية وقيادات
أخرى تعمل معاً من لأجل مواجهة التشدد.
وأشار التقرير إلى أن هدف «داعش» المعلن هو تأسيس دولة
خلافة إسلامية عبر مساحات كبيرة في الشرق الأوسط، ولإنجاز ذلك، يحتاج التنظيم إلى
جيش مسلم ضخم. لكن التقديرات الحالية تشير إلى عدد مقاتلي «داعش» يتراوح ما بين 20
إلى 25 ألف مقاتل، وهو أقل بكثير مما يحتاج إليه، ويعرف قادة التنظيم هذا الأمر
جيداً. ولذلك، فإن «داعش»، حسب الموقع، يخطط لتكوين جيشه الضخم بكل الوسائل
الممكنة. فهو يوظف التاريخ الإسلامي لإغراء الناس. والمثال على ذلك أن زعيم
التنظيم أبو بكر البغدادي، اسمه الحقيقي إبراهيم عوض، واستخدم اسم أبو بكر لأن أول
خليفة للمسلمين بعد وفاة النبي كان أبو بكر الصديق.
كما نشر التنظيم فيديوهات على يوتيوب بلغات متعددة تناشد
المسلمين في جميع أنحاء العالم. واستخدم وسائل الاجتماعية لتوسيع انتشاره.
وأوضح تقرير «دايلي بيست» أن الناس الذين جذبتهم رسالة
«داعش» ربما يثيرون الدهشة. لكن ينبغي أن يكون هذا صحوة للجميع. فالعدد الأكبر من
الأجانب الذين ينضمون لداعش ليسوا من الدول الإسلامية الكبرى لكن من الغرب.
فعلى سبيل المثال، هناك أكثر من 700 مسلم من فرنسا
منضمين للتنظيم، من إجمالي 5 ملايين مسلم يعيشون هناك. على حين هناك أكثر من 500
من بريطانيا من إجمالي 2.7 مليون مسلم، و350 من ألمانيا من بين نحو خمسة ملايين.
وعلى النقيض، فإن إندونيسيا، الدولة التي فيها أكبر عدد من المسلمين في العالم، 200
مليون مسلم، يقدر عدد من انضم منهم لـ«داعش» بنحو ثلاثين فقط، على حين الهند التي
فيها 120 مليون مسلم، انضم منهم أقل من 20 إلى التنظيم.
ويعزو الموقع الأمريكي السبب في ذلك إلى أن المسؤولين
الحكوميين والدينيين في الدول الإسلامية قد نددوا سريعاً بـ«داعش» ووصفوه بأنه
جماعة غير إسلامية.
وفى إندونيسيا لم يتم إدانة «داعش» فقط بل تم تجريم
دعمها. كما أعلنت السعودية «داعش» تنظيماً إرهابياً.
وأكد تقرير «دايلي بيست» أن هذا الأمر يمكن أن يكون
دليلاً مفيداً لدول أخرى في ردع مزيد من التجنيد لـ«داعش». وأي إستراتيجية مشتركة
للعمل مع القادة المسلمين على نبذ «داعش»، وتجريم أي دعم لها ستكون ناجحة.