-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

يحمل اسم الشيخ ابن باديس.. وهران تحتفل بمسجدها الكبير


صنع آلاف المصلين الذين توافدوا على مسجد الشيخ عبد الحميد بن باديس في وهران، يوم الجمعة 17 أفريل 2015، صورا رائعة، تؤكد تعلق الجزائريين بالدين الحنيف، وحرصهم على الاستفادة من هذا الصرح الديني الكبير الذي انتظره الوهرانيون لأربعة عقود.
وعبّر الوهرانيون عن سعادتهم البالغة بإقبالهم الكبير على المسجد الكبير، وجعلوا مدينتهم تكتسي حلة بيضاء بعباءاتهم، حتى يخيل للناظر إلى الصور أن الأمر يتعلق بيوم عيد..
هنيئا للباهية.. وهنيئا للجزائر بهذا المسجد الكبير، والعاقبة للعاصمة جامعها المنتظر..

أخيرا..
أخيرا، افتتح بوهران المسجد الكبير العلامة عبد الحميد بن باديس الذي انتظره الوهرانيون مدة أربعين سنة، ولذلك فقد احتفلت "الباهية" بهذا الصرح المتميز كثيرا، وامتلأ بالمصلين في أول جمعة تصلى به، وذلك يوم 17 أفريل.
 وقد أشرف على حفل افتتاح هذا الصرح الديني الثقافي باسم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى بحضور وزير الأشغال العمومية عبد القادر قاضي وزير العلاقات مع البرلمان خليل ماحي وقائد الناحية العسكرية الثانية اللواء سعيد باي.
 كما حضر حفل التدشين ممثلو السلك الدبلوماسي لبعض الدول العربية في الجزائر ومشايخ الزوايا ومديري الجامعات وممثلي المجلس الإسلامي الأعلى وأسقف مدينة وهران والوزيرين السابقين بوعبد الله غلام الله وبوعلام باقي والعديد من الضيوف وكذا السلطات المحلية والمدنية والعسكرية وحشد كبير من مواطني المدينة.
 وفي كلمته بهذه المناسبة أبرز السيد محمد عيسى " أن مسجد بن باديس إلى جانب جامع الأمير عبد القادر بقسنطينة يمثلان رمز للأصالة والتدين العميق واستعادة السيادة الوطنية " وأشار إلى أن "المسجد اعترضته صعوبات لاستكماله إلا أنه قرر رئيس الجمهورية في سنة 2007 تسجيل ميزانية على عاتق الدولة لاستكماله بقيمة 5ر8 مليار دينار".
 وقال الوزير أن "هذا المسجد يتميز بمعمار إسلامي مغاربي أصيل وزخرفة بديعة "مشيرا إلى أن تدشينه تزامن مع ذكرى يوم العلم وافتتاح تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 وذكرى مرور سنة على انتخاب رئيس الجمهورية لعهدة رابعة.
 وتميزت مراسيم تدشين هذا المركب الديني والثقافي الضخم بتلاوة جماعية للذكر الحكيم وقراءة البردة للإمام البوصيري في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم إضافة إلى تنظيم عروض للفروسية بمحيط المسجد.
 كما قدم أهالي المدينة أكلة الكسكسي للمواطنين الذين أبوا إلا أن يشاركوا في حفل افتتاح هذا المعلم الحضاري البارز الذي شيد بعاصمة الغرب.

هكذا ولد المشروع..
يعتبر المسجد الكبير عبد الحميد بن باديس الذي افتتح رسميا يوم الجمعة 17 أفريل 2015، صرحا ثقافيا ودينيا يعبر عن الانتماء الحضاري للجزائر.
 فقد صار هذا المسجد المتميز بمنارته المغطاة بالزجاج التي يفوق علوها كل مباني المدينة رمزا ومعلما بارزا بعاصمة الغرب الجزائري.
 وجاءت فكرة انجاز مسجد يليق بمدينة وهران في بداية السبعينيات من القرن الماضي بمبادرة من مواطنين غير انه لم يتم تسجيل المشروع سوى في سنة 1975 حسب مديرية الشؤون الدينية.
 وقد واجه مشروع مسجد عبد الحميد بن باديس الذي كان يفترض أن يجسد في نفس الوقت مع مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة العديد من العقبات المرتبطة بتوفير المخصصات المالية اللازمة لتمويله وكذا قطعة الأرض لتجسيد المشروع حسب مسئولي مديرية الشؤون الدينية والأوقاف.
 وبفعل هذه العراقيل تم تغيير أرضية إقامة المشروع لأربع مرات ليستقر في الأخير بمنطقة بحي جمال الدين شرق وهران وذلك بعد تأخر دام حوالي 30 سنة.
 وقد شرع في تجسيد هذا المشروع الضخم في سنة 2000 من قبل شركة جزائرية على مساحة قدرها 4 هكتارات غير أن الأشغال توقفت بعد استهلاك المخصصات المالية ليسند المشروع فيما بعد إلى شركة صينية التي توقفت بدورها عن مواصلة إتمام المشروع بسبب نقص التمويل.
 ثم استأنفت الأشغال في سنة 2013 من طرف شركة تركية بعد أن تكفل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بتخصيص غلاف مالي بقيمة 5 مليار دينار لإنهاء المشروع من ميزانية الدولة سنة 2008.
 وقد سمح هذا التمويل والاهتمام الذي أولاه رئيس الجمهورية لهذا المشروع بالإسراع في وتيرة الانجاز لإتمامه في الآجال المتفق عليها والمحددة بسنة 2015.
 وقد تم انجاز هذا المرفق الديني المتميز بالطابع المعماري الأندلسي المغاربي على مساحة مبنية تفوق 639 ألف متر مربع.
 ويتميز مسجد العلامة عبد الحميد بن باديس بمنارة مغطاة بالزجاج الأولى من نوعها على المستوى الوطني يبلغ ارتفاعها 104 مترا وتتشكل من 21 طابقا تحتضن المكاتب والمصالح الإدارية.
 كما يضم هذا الصرح الديني قبة بعلو 64 مترا و8 أبواب اثنان منها مصنوعان من الخشب والبرونز تقود إلى الداخل لاكتشاف هندسته الرائعة وزخرفته الراقية والثريا الكبيرة المتدلية من السقف التي تسر الناظرين.
 ويشمل المسجد قاعة للصلاة للرجال وأخرى للنساء بالطابق العلوي وفضاءات أخرى للصلاة بطاقة إجمالية تقدر بنحو 25 ألف مصلي.
 ويتوفر هذا المركب الإسلامي الذي كلف 5ر8 مليار دينار على معهد عالي للإمامة ومدرسة قرآنية ومركز للفنون الإسلامية وقاعة محاضرات تتسع ل 600 مقعد وقاعات للعرض ومكتبات ومدياتيك إلى جانب مركز تجاري وحظيرة تتسع لأزيد من 600 سيارة وغيرها من المرافق.
 ويتكفل بتسيير هذا المسجد الكبير مجلس إدارة اشرف على تنصيب بداية الشهر الجاري وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى.
 وسيعمل مجلس إدارة هذا المسجد الذي يكتسي صفة مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري على تسيير مختلف الخدمات مثل التنظيف والصيانة بينما الأشغال الخاصة بالأمن ستمنح لمؤسسات خاصة.
 وسيصبح هذا المركب الحضاري والديني مركز إشعاع حقيقي بالمنطقة وذلك من خلال احتضانه للقاءات الفكرية والعلمية ومساهمته في النشاطات الثقافية..
 كما سيكلف المعهد العالي للإمامة التابع له بضمان تكوين الأئمة لباقي مساجد الولاية تكوينا جامعيا وفق نظام ليسانس- ماستر- دكتوراه (ال. ام.دي).
 والى جانب ذلك يقدم هذا المسجد القطب أيضا الخدمة الاجتماعية لمواطني المنطقة المتمثلة في إصدار الفتاوي والنصائح وإصلاح ذات البين.

لماذا سمي المسجد باسم عبد الحميد بن باديس؟
يحمل اسم العلامة عبد الحميد بن باديس الذي أطلق على المسجد الكبير لوهران رسالة تأكيد عن التفاف المجتمع حول هويته وانتمائه الحضاري.
 ويرى المتتبعون لانجاز هذا المركب الثقافي والديني أن تسميته باسم رائد النهضة الجزائرية هو تعبير عن التفاف المجتمع الجزائري حول هويته العربية الإسلامية التي افني الشيخ عبد الحميد بن باديس حياته من اجل حمايتها من محاولات الطمس والتشويه التي كان يقوم بها المستعمر.
للإشارة فقد ولد الإمام عبد الحميد بن باديس في 5 ديسمبر 1889 بقسنطينة من عائلة عريقة وحفظ القرآن الكريم بمسقط رأسه قبل أن يتابع دراسته بجامع الزيتونة بتونس الذي نال به الإجازة.
 ولدى عودته إلى ارض الوطن نذر حياته لإصلاح المجتمع وتوعيته وتحذيره من سياسة المستعمرالتي كانت تهدف إلى تجهيل الشعب الجزائري وإبعاده عن دينه ولغته وانتمائه الحضاري.
 ولتحقيق هذه الغاية اختار هذا المربي والمصلح مهنة التعليم وسيلته المفضلة للنهوض بأمته حيث اشتغل بالتدريس لمدة 27 سنة قضى معظمها بالجامع الأخضر بقسنطينة.
 وحتى جمعية العلماء المسلمين التي كان يرأسها كان احد أعظم مقاصدها التربية والتعليم حيث قامت بتأسيس العديد من المدارس عبر مختلف أنحاء الوطن.
 وكان الإمام عبد الحميد بن باديس يشجع كل مبادرة إلى إنشاء مسجد أو مدرسة أو نادي أو جمعية لدعم العمل الإصلاحي والتربوي.
 كما قام برحلات عبر مدن الجزائر وقراها يتخذ من المساجد والنوادي والساحات والأسواق منابر يدعو فيها الناس إلى التعاون والوحدة.
 ولم يقتصر عمله الإصلاحي على التعليم بل اتسع إلى المجال الصحفي من خلال كتاباته الكثيرة بالجرائد التي أسسها أو التابعة لجمعية العلماء المسلمين على غرار المنتقد والشهاب والبصائر.
 وقد استطاع الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي توفي في 16 أفريل 1940 رفقة علماء آخرين بجمعية العلماء المسلمين نشر الوعي الإسلامي الصحيح كما يذكر ذلك احمد توفيق المدني في كتابه "حياة كفاح".

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020