-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

حبيب راشدين يكتب عن "أساطير نهاية التاريخ"



أبدع الكاتب الصحفي الجزائري المخضرم حبيب راشدين وهو يرصد خلفيات وتداعيات الحراك العالمي الخطير الذي أدى إلى "ترويع الشعوب" وإثارة مخاوف اندلاع حرب عالمية جديدة، وقال راشدين في مقاله المعنون بـ"أساطير نهاية التاريخ"، والمنشور في صحيفة الشروق اليومي الجزائرية نهاية نوفمبر 2015:
حِراكٌ دولي محموم غير مسبوق، يشتغل في السرّ والعلانية لبناء تحالف دولي يريد استئصال تنظيم "الدولة"، وكأن العالم على أبواب حربٍ عالمية ثالثة ضد عدوّ يوقف الوحش النازي المتوثب قبل أربعينيات القرن الماضي، يجوز معه لقطبين عالميين متخاصمين نسيان عدائهما، والتوحد ضد عدو مشترك كما حصل بين المعسكرين في الحرب العالمية الثانية.
وبقدر ما كانت القوة العسكرية الألمانية ونواياها التوسعية تبرر مثل هذا الانقلاب في مواقف الدول، فإن تنظيم "داعش" لم يكن له وجود قبل أعوام قليلة، ولا يمتلك الوسائل المادية والبشرية لصناعة تهديد حقيقي لدول تمتلك القدرة على تدمير الأرض أكثر من مرة، وإبادة البشرية في ساعاتٍ معدودة.
وللمرة العاشرة في أقل من عامين، نستمع إلى البابا وهو يحذر من قيام حرب عالمية ثالثة، وللمرة الأولى تلتحق به الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية لتبارك "الحرب المقدسة" في سورية، وللمرة الأولى يجتمع مجلس الأمن ليمنح تفويضا مفتوحا لمن شاء أن يخترق سيادة الدول حيثما وجدت "داعش" أو نظيرٌ لها، لا يحتاج لموافقة الدول المعنية، ولا إلى الرجوع إلى مجلس الأمن، ليُشرْعن قيام حرب عالمية مفتوحة.
في هذه الحرب العالمية القذرة ضد الشعوب، لن يلتفت أحدٌ إلى الضحايا المدنيين الذين يسقطون يوميا وسيسقطون في المدن السورية والعراقية، وغدا في المدن الليبية، وبعد غد في أي بلد تصنع فيه المخابرات خلايا تُنسب إلى "داعش" لتنفيذ إرهاب تحت رايات كاذبة، حيث وبتدويل "الحق" في قتال الإرهاب، يكون "العقب الحديدي" قد اهتدى أخيرا إلى سبل تنفيذ مشروع ترويع الشعوب، وإخضاعها رغم أنف قادتها ونخبها، بغطاء من مجلس الأمن الذي يكون بقراره الأخير قد منح الغطاء لهذه الحرب القذرة.
هذا ما ينتظرنا في الأعوام الخمسة القادمة، ليست سوريا سوى النموذج المصغر له، "بروفة" تُجرَّب فيها التقنية، وترصّ فيها صفوف مصفوفة "العقب الحديدي" الذي بشر به جاك لندن، وشرح أدواته جورج أورويل في رواية 1984، نهاية للتاريخ تختلف عن وصفة فوكو ياما، وصدام بين حضارتين، لن يكون كما تنبأ به صامويل هونتيغتن، إلا إذا كان يعني الصدام الأخير بين حضارة الدجّال وما بقي من الحضارات الإنسانية، على رأسها الحضارة الإسلامية التي استعصى دمجها حتى الآن في مصفوفة "العقب الحديدي".
هذه المصفوفة جرّبت منذ أربعة عقود صناعة شياطين جدد، وتخلّت عن آخرين، فكانت إيران، وحزب الله، وحماس، وكانت القاعدة، وجاء الدور على "داعش" ولا ندري أي "شيطان" بديل لـ"داعش" سوف يُصنع لنا الواحد تلو الآخر لتبرير جرائم الحرب العالمية الثالثة التي سوف تكون الحرب العالمية الأولى والأخيرة التي تنفذها مصفوفة الدجّال ضد الشعوب قبل موعد نهاية التاريخ.
وفي عالم اُختطفت فيه قيادة الشعوب، تمتلك فيه المصفوفة أدوات غسل الأدمغة وإعادة برمجتها، لا نشكّ لحظة أن من استطاع بيع خرافة نزول الإنسان على سطح القمر، وأسطورة 11 سبتمبر، وبيع كذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية، لا أشك أنه يعجز عن تسويق الحرب على الشعوب تحت عنوان كاذب اسمه الحرب على الإرهاب.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020