-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

مقال رائع عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب



في مقال متميز جدا، تحت عنوان "هذا هو مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب"،
كتب سلطان بركاني يقول:
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في معتقد جماهير المسلمين، هو أوّل من آمن من الفتيان، وأوّل فدائيّ في الإسلام. أسد من أسود الدّين وسيّد من سادات المجاهدين. رابع الخلفاء الرّاشدين المهديّين ورابع أفضل البشر بعد الأنبياء والمرسلين، يحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّه اللهُ ورسولُه. أبو السّبطين وزوج سيّدة نساء العالمين، مبشَّر بالشّهادة والجنّة ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. أحَبَّ الخلفاء الرّاشدين قبله وتولاّهم وأثنى عليهم وأوصى بموالاتهم ومحبّتهم، أقرّ بخلافتهم وبايعهم وكان خير وزير لهم، جاهد معهم وأقام الحدود بين أيديهم وبذل المشورة لهم، تزوّج أرملة الصدّيق وكفل ابنه محمّد، وزوّج الفاروقَ ابنته أمّ كلثوم وتمنّى أن يلقى الله بمثل صحيفته، وأرسل أبناءه للدّفاع عن ذي النّورين يوم حوصر في داره، وفوق هذا وذاك سمّى أبناءه بأسمائهم، وشهد أنّ خير هذه الأمّة بعد نبيّها أبو بكر وعمر، وتوعّد من يفضّله عليهما بأن يقيم عليه حدّ المفتري.
عاش حياته موحّدا لله لا يدعو غير الله ولا يستغيث ولا يتوسّل إلا بالله ولا يلجأ إلا إلى الله، متّبعا لرسول الله يقتفي أثره ويستنّ بسنّته. طلّق الدّنيا بالثّلاث وزهد في النّياشين والأموال، ونصب وجهه لذي العزّة والجلال، راغبا فيما عنده متمنّيا لقاءه.
هذا ما يعتقده أهل السنّة في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وهم في معتقدهم هذا وسط بين جفاء النّواصب والخوارج الذين عادوه وكفّروه، وبين غلوّ الشّيعة الذين رفعوه فوق مرتبة النبوّة ووصفوه بصفات ليست إلا للخالق جلّ في علاه، وقد نبّه إلى هذه الحقيقة عليّ نفسه حينما قال: "سيهلك فيّ صنفان؛ محبّ مفرط يذهب به الحبّ إلى غير الحقّ، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحقّ، وخير النّاس فيّ حالاً النّمط الأوسط فالزموه، والزموا السّواد الأعظم، فإنّ يد الله على الجماعة، وإياكم والفرقة" (نهج البلاغة، خطبة رقم 127).
وصدق الإمام الهمام عليّ رضي الله عنه؛ فكما انحرف عن حبّه النّواصب الذين كفى الله الأمّة شرّهم، فقد غلا في ذاته الشّيعة الذين قالوا إنّه إمام منصّب من الله، أفضل من جميع الأنبياء والمرسلين سوى نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم!، معصوم لا يسهو ولا ينسى ولا يخطئ!، يعلم الغيب ويعلم متى يموت ولا يموت إلاّ باختياره!، جعله الله واسطة بينه وبين عباده وفوّض إليه كثيرا من أمور الدّنيا وجعلها تحت تصرّفه في حياته وبعد موته!، فهو مُظهر العجائب والملاذ في النّوائب!، يرزق ويشفي وينصر وينجي!، وفوّض إليه بعض أمور الآخرة!، فلا يجوز الصّراطَ أحد إلا برضاه!، ولا يدخل الجنّةَ أحد إلا بإذنه!، فهو قسيم الجنّة والنّار!... إلى آخر ما قالوه من الغلوّ الذي يبرأ منه أمير المؤمنين رضي الله عنه.
هذا الغلوّ جعل الشّيعة يرفعون عليا -رضي الله عنه وبرّأه- فوق مرتبة العبودية التي ارتضاها الله لعباده جميعا، وجعلهم يدعونه ويلجئون إليه ويستغيثون به مع الله، بل قد صرّح الشّيخ الشّيعيّ المشهور عليّ الكوراني – هداه الله - صراحة أنّ دعاء الله وحده من دون عليّ شرك!!!. وفي مقابل هذا الغلوّ فقد صدّتهم شياطين الجنّ والإنس عن اقتفاء أثره وتلمّس طريقه والسّير على نهجه، وجعلتهم يتنكّرون لتلك الرّوايات الكثيرة المبثوثة في كتبهم، والتي تنسف كلّ ما ينسبونه إليه من تلك المبالغات التي لا يقرّها دين ولا عقل؛ روايات كثيرة صحيحة وصريحة، تبيّن أنّ عليا –رضي الله عنه- كان يوصي بإخلاص الدّعاء لله وحده، وينفي الوسائط والشّفعاء، ويرفض البناء على القبور ويأمر بهدم ما علا منها، ويوصي بلزوم التّوحيد والسنّة، ويثني أجزل وأعطر الثّناء على أصحاب النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- ويوصي بهم، ويشهد أنّهم لم يحدثوا ولم يأتوا محدثا، ويشهد لخليله عمر بن الخطّاب –رضي الله عنه- أنّه داوى العلّة وأقام السنّة وخلّف الفتنة، ورحل عن الدّنيا نقي الثّوب قليل العيب أدّى إلى الله طاعته واتّقاه بحقّه؛ ويرفض (عليّ رضي الله عنه) الوقيعة في أهل الجمل وينهى عن سبّهم، ويوصي بالكفّ عن أهل الشّام وينهى عن تكفيرهم.. لم يقل أنّه خليفة منصّب من الله، ولم ينسب العصمة لنفسه ولا لأحد من أبنائه أو أحفاده. لم يدّع لنفسه علم الغيب، وكان يقرّ بأنّه يسهو وينسى. شهد بتحريم نكاح المتعة، وحرّم الجزع واللّطم.
هذا هو حيدرة الإسلام وأسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب، وهذه هي الصّورة النّاصعة التي نقلتها عنه الروايات الصحيحة، وهذا ما يعتقده فيه جماهير المسلمين؛ فهلا عاد شبابنا الذين غُرّر بهم باسم مذهب قُدّم لهم على أنّه مذهب عليّ وأهل بيته، وهم والله الذي لا إله غيره برآء منه؛ هلا آب شبابنا إلى رشدهم إلى أمثال هذه الروايات الناصعة والسّاطعة التي ينبغي أن يجتمع المسلمون ويلتئم شملهم حولها، ويتكاتفوا لفضح تلك الرّوايات التي وضعها الوضّاعون على أهل البيت لطمس رسالة التّوحيد، وللفتنة بين المسلمين، باختلاق عداوة مزعومة بين أهل البيت والصّحابة الذين ألّف الله بين قلوبهم وقال: ((وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ(62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(63))) (الأنفال).

المصدر: صحيفة الشروق اليومي ـ عدد الخميس 23 جوان 2016

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020