-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

هكذا تواصل فرنسا تقتيل الجزائريين!



لا تزال الانعكاسات الوخيمة للتجارب النووية الفرنسية التي أجرتها السلطات الإستعمارية بمنطقة حمودية برقان (جنوب أدرار) التي حلت قبل أيام قليلة ذكراها الـ57 (13 فيفري 1960) جاثمة في أوساط عديد سكان المنطقة، ويمكن القول، من دون مبالغة أن فرنسا مازالت تواصل تقتيل الجزائريين بشكل أو بآخر.
 وتأتي في مقدمة تلك المعاناة والأمراض حالات القلق والإضطرابات النفسية المزمنة التي باتت تؤرق شرائح كبيرة من سكان منطقة رقان حياتهم اليومية وهذا إلى جانب التشوهات الخلقية.
 وبمناسبة استرجاع الذكرى الـ57 لهذه المأساة الأليمة أوضح الأخصائي في علم النفس العيادي بن الدين عبد السلام في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أنه استخلص من خلال دراسة علمية ميدانية أجراها مع عينة من سكان منطقة رقان حول الإنعكاسات النفسية لهذه الجريمة النووية أن عامل القلق يعد من بين أهم الأمراض النفسية التي لازالت متفشية في أوساطهم.
 وذكر أن أرقاما "رهيبة" لا زالت تسجل لأشخاص يعانون من هواجس نفسية التي باتت تلازمهم في كل لحظة من حياتهم بعد معرفتهم من خلال التقارير بالعواقب الوخيمة لهذه التفجيرات على الفرد والبيئة في مختلف المجالات والتي تشير إلى أنها ستستمر قرون عديدة.
 وأعرب العديد من سكان المنطقة --كما أضاف-- عن تخوفهم من المجهول، لاسيما في ظل وجود آثار وانعكاسات بعيدة المدى للإشعاعات الناجمة عن تلك التفجيرات النووية، لاسيما أولئك الذين كانوا على مقربة من منطقة التفجير بحكم تشغيلهم بحقل التفجير أو الجيل الذي عايش تلك اللحظة وما بعدها.
 وأشار السيد بن الدين بأنه وعلى الرغم من الجهود المبذولة للتكفل بمخلفات هذه الجريمة الإنسانية إلا "أنها تبقى غير كافية "خاصة من الناحية النفسية نتيجة المخاوف التي باتت تساور أذهان السكان.
 وأبرز الأخصائي في ذات السياق أهمية اتخاذ خطوات "أكثر عملية" لتعزيز المرافقة النفسية لهؤلاء السكان لتجاوز القلق النفسي الكبير الذي لا يعد العارض البسيكولوجي الوحيد في هذا الشأن بل هناك مظاهر أخرى للمعاناة النفسية والتي تتمثل في الإضطراب النفسي والأعصاب والشعور بالإحباط وهي حالات -- كما شرح-- "تدل عن معاناة نفسية حقيقية والتي زادتها تعقيدا المضاعفات الصحية المتجلية في أمراض السرطان والعيون والتشوهات الخلقية".
 ودعا السيد بن الدين إلى ضرورة إيفاد قوافل طبية تضم أخصائيين نفسانيين واجتماعيين وطبيين للمساهمة في تعزيز جهود التكفل بسكان المنطقة من مختلف النواحي المشار إليها للتمكن من تطويق هذه الأعراض النفسية التي تشكل خطورة أكثر من المضاعفات الصحية في حال استفحالها.

ضحية.. يتحدث
 يعد عمي أمحمد داودي (91 سنة) من قصر تاورسيت (بلدية تيميمون) واحدا من شهود العيان القلائل ممن لا زالوا على قيد الحياة الذين عايشوا عن قرب هذه الجريمة الإستعمارية وأحد ضحاياها.
 ويروي تلك الظروف التي سبقت وأعقبت التفجير النووي المعروف بـ''اليربوع الأزرق'' بحكم اشتغاله في إحدى ورشات الإستعمار الفرنسي بالقاعدة الجوية برقان بعد أن اقتادته القوات الفرنسية في مجموعة تضم 12 فردا للعمل هناك.
 ويحكي عمي أمحمد وبكل حسرة واستهجان أن قوات الإحتلال الفرنسي وزعت عليهم بعد وصولهم إلى ورشة العمل الخاصة بمشروع القنبلة الذرية لوحات مرقمة لتعليقها على صدورهم حيث كان هو يحمل الرقم 45 من بين عمال الورشة.
 كما قامت القوات الفرنسية --يضيف-- قبل ثلاثة أيام من هذا التفجير بتدريب هؤلاء العمال على بعض الحركات البدينة ليقوموا بها زعما منها في أنها ستحميهم من الإشعاعات النووية الذي كانت تخطط له في تصرف ينم عن استخفاف بعقولهم وأرواحهم جعلهم أشبه ما يكونون بفئران تجارب لهذه الجريمة النووية البشعة.
 ويعاني عمي أمحمد حاليا من عدة أمراض مزمنة ناجمة من تلك التفجيرات ومن بينها الربو وفقدانه للبصر في إحدى عينيه.

الأدلة قائمة رغم محاولات التغليط
بدوره أوضح رئيس جمعية 13 فيفري 1960 بأدرار الهامل سيد أعمر أنه ''بات من الواجب على الرأي العام الوطني عدم نسيان هذه المأساة الوطنية والتصدي لكل المناورات التي تحاول تجاهل هذه المعاناة بداعي غياب الضحية نتيجة وفاة الكثير ممن عايشوا تلك الفترة''.
 وأضاف ''أنه حتى ولو رحل الأجداد فإن الأجيال المتعاقبة والوضع البيئي المتردي سيبقيان دليلا قائما عن الإنعكاسات الخطيرة لهذه الجريمة النووية مدى الحياة ومدى التاريخ''.
 وطالب السيد الهامل "بالإعتراف" بهذه الجريمة التي ارتكبتها فرنسا لدخول النادي النووي العالمي وليس "العرفان" كما جاء في قانون موران الصادر في 2010 حول تعويض ضحايا التجارب الفرنسية في الصحراء الجزائرية والذي اقتصر فقط على جنود الإحتلال الفرنسي الذي تواجدوا حينها بالمنطقة.
 كما أشار رئيس جمعية 13 فيفري 1960 إلى أن ''التحجج بضرورة تقديم ملف طبي يثبت علاقة الأمراض التي تصيب سكان المنطقة بهذه الإشعاعات ما هو إلا محاولة تعجيزية ومناورة للتشويش على الموضوع بحكم عدم توفر الوسائل العلمية الضرورية لتشخيص هذه الوضعية التي هي في حقيقة الأمر شيء ملموس بحكم التاريخ والحقائق العلمية التي تقر باستمرار تأثير الإشعاعات النووية في البيئة لأكثر من 24 قرنا من الزمن''.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020