-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

أوثقوني بالحديد فإني مجنون..

ـ الشيخ أبو إسماعيل خليفة ـ

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ». أي الزموا بيوتكم.
ولقد عمل بهذه الأحاديث النبوية أعلام الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام من بعدهم، وأرشدوا الأمة إلى ذلك، فحُمِد صنيعهم بعد انجلاء الفتن وظهور آثارها، وما أحسن قول القائل في هذا:
كن حلس بيتك إن سـمعت بفتنة * وتـوقّ كـلّ منـافـق فـتّان
جَـمِّـل زمانك بالسّكوت فإنّـه * زين الـحـليم وسترة الحيران
لا تشغلنّ بعـيب غـيرك غافـلا * عـن عيب نفسك إنّه عيبان
روى عبد الرزاق في "المصنَّف"عن طاوس رحمه الله قال: لمّا وقَعَت فتنة عثمان؛ قال رجلٌ لأهلهِ: "أوثقوني بالحديد؛ فإنّي مجنون.
فلمّا قُتِلَ عثمان؛ قال: خلّوا عني؛ فالحمد لله الذي شافاني من الجنون، وعافاني من قتل عثمان. ا.هـ
إيه.. إنه أعقل مجنون إذ أوثق نفسه لينجو من الفتنة؛ فلم يواقعها بخلاف من هم في عصرنا، نسأل الله لنا ولهم العفو العافية.
نعم.. وللأسف... كم في زماننا هذا- زمن الفتن والمحن- مَن يحتاج لشدّ وثاقه وكَفِّهِ والإمساكِ به، حتى ينجو المسلمون من شرِّه..
لأن تسلق المتسلقين في زمن الفتن وخوضهم فيها بغير علم دليل اتباع الهوى والمتشابهات وحب الشهرة والظهور، ومن كانت تلك صفته فليس أهلا لأن يُسمع كلامه..
وأمثال هؤلاء من أعظم وقود الفتن التي تدعو إلى الفساد ولا تدعو إلى الإصلاح.. قال صلى الله عليه وسلم:«سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أو مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ» (متفق عليه). معنى قوله:"من تشرف لها" أي تطلّع لها بأن يتصدى ويتعرض لها، ولا يعرض عنها. وفي الحديث أن الناس في الإثم بحسب إسهامهم في الفتنة ومشاركتهم في تأجيج نارها.
وإن من مقتضيات الثبات والحلم والأناة الصبر في الفتنة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا». رواه أبو داود. "واها" كلمة معناها التلهّف والإعجاب بالشيء.
فاللهم سلّمنا وسلّم بنا، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير فاتنين ولا مفتونين يارب العالمين، اللهم احفظ بلادنا من كل سوء ومكروه، واحفظ علينا أمننا وايماننا، وسدد على طريق الخير خطى من يريد الخير لنا ولبلادنا وبارك لهم في جهودهم وأعنهم على تحقيق آمال وطموحات ما يصبون إليه من تقدم وتطور ونماء وازدهار ورخاء بمنك وجودك يا ذا الجلال والإكرام.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020