-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

اعترافات جنود من #فرنسا الإرهابية: هذا ما فعلناه في #الجزائر وهكذا عذبنا أبناءها

استعرض فيلم عرضته قناة الجزيرة الوثائقية، الفضائية القطرية، شهادات مجندين فرنسيين إبان حقبة الاستعمار في الجزائر التي امتدت لنحو 132 عاما، وشهدت فيها البلاد سلسلة من الجرائم وفق رواية الشهود أنفسهم، وقد روى خمسة جنود فرنسيين، ما عاشوه في فترة الاستعمار بالجزائر، وهم بيار رامبو وجورج تريلو وريمي سار وجورج غاري ولوي داتان.
 بعد 53 من عودة رامبو لبلاده، لاتزال حالة الخوف والهلع ترافقه، بعدما شهد مقتل رفاقه المجندين صبيحة يوم تسريحه من الخدمة العسكرية.
 أما تريلّو يشعر بالخزي والعار متسائلاً عن الفخر الذي قد يراوده، في حرب سلبت أرض الجزائريين، وانتهكت فيها حقوقهم.
 يتحدث سار عن كثير من المجندين الذين تورطوا في التعذيب والاغتصاب قائلاً: من اقترف تلك الجرائم كان مختاراً لا مكرهاً.

عمليات اقتحام وتعذيب
مارس المجندون عمليات تفتيش ومطاردة لجيش التحرير الجزائري الجناح العسكري لجبهة التحرير الوطني إبان الثورة الجزائرية، وذلك من خلال اقتحام القرى.
حاولت المقاومة الجزائرية تفادي عمليات التفتيش بأن كانت ترسل العيون لرصد تحركات الاحتلال الفرنسي من أعالي الجبال، ثم إرسال التحذير للمقاتلين، فلم تكن قوات الاحتلال تجد في القرى غير البؤساء وكبار السن والأطفال.
يقول غاري: كان الأطفال عندما يشاهدون رجالنا المسلحين يزمجرون؛ يبدؤون في البكاء ويتعلقون بملابس أمهاتهم، وبعض العجائز كانت تشتمنا بالعربية أو بالأمازيغية ويكثرن من العويل.
أثناء التحقيق مع الموقوفين استخدم المجندون العنف ضد المواطنين لإجبارهم على الاعتراف، يقول سار: حققنا مع رجل خمسيني ضربناه حتى لم يعد يقوى على المشي، اعترف على مخبأ لم نجد له أثراً في أي مكان. لقد أراد الموقوف التخلص من سوء العذاب حتى لو كان ذلك باعترافات كاذبة.
وفي عملية اقتحام أخرى لأحد البيوت يروي قصتها غاري قائلاً: بعد إطلاق النار على بوابة أحد المنازل ثم اقتحامه، وجدنا رجلاً ذا لحية بيضاء مصاباً بثقب كبير في رئتيه غير قادر على التنفس ملقىً على الأرض، لم نلق له بالاً، ربما مات بعد هذه الحادثة.

صعق وغيره
تنوعت ألوان العذاب التي مارسها هؤلاء المجندون ومنها قيام رامبو وزملائه بربط رجلين جزائريين مصابين بجروح خطيرة إلى بطن دبابة حتى انسلخ جلدهما بسبب الحرارة العالية وهم أحياء، وما كان لهم أن يفعلوا ذلك إلا استجابة لأمر الضابط المسؤول عن فرقتهم.
وأثناء التحقيق ولتسريع جمع المعلومات، استخدم المحققون مولد طاقة مخصص لأجهزة الراديو لصعق الأسير بواسطة الكهرباء الذي يجعل من الضحية عاجزةً عن الكلام مخرجةً زبدا من الفم.
ومن وسائل التحقيق أيضاً استخدام سارية مرتفعة تتدلى منها الحبال لتعليق الموقوفين من الأرجل والأيدي، إضافة إلى غمر رأس الأسير بالماء حتى يصل إلى مرحلة خطيرة قد تؤدي إلى اختناقه.
يروي غاري قصةً عن ضابط كان يضع خنجره في ضلوع المعتقلين كي يجبرهم على الاعتراف، وآخر كان يضع قُمعاً في فم السجين بعد طرحه على الأرض ثم يسكب فيه الماء ضاغطاً على بطنه.

ومن الجرائم الأكثر دموية عملية قتل الأسير بعد إيهامه بالإفراج عنه، حيث يقتاد إلى غابة أو مكان مجاور للثكنة العسكرية التي يُحتجز فيها ويُقتل بالرصاص، ثم يقال إنَّ سبب قتله محاولته للهرب، وكان الجنود الفرنسيون الذين يرغبون في ممارسة مثل هذه الجريمة يسجلون أسماءهم لدى قادتهم للحصول على دور في مثل هذه العمليات.

جدل إزاء التعذيب
كل تلك الممارسات الإجرامية لم تلق قبولاً عند معظم المجندين في الخدمة العسكرية، بل تعرضت لانتقادات واسعة وتساؤلات مشككة في جدواها، وقليل منهم شارك في تعذيب الأسرى مكرهاً، أمَّا الجلادون فهو العسكريون الذين وجدوا في آلام أبناء الجزائر متعةً كبيرة.
ذات مرة اقتحم الاحتلال الفرنسي قريةً واعتقل رجلاً مهنته صناعة الأحذية، ثم تعرض ذلك الإسكافي لضرب شديد جعله عاجزاً عن المشي، ثم عُلق على شجرة ورُبطت يداه خلف ظهره. وبعد ذلك العذاب الذي وقع على الرجل لامَ غاري نفسه كثيراً حيث لم يصدر منه أيُّ احتجاج على تلك الحادثة.
وأمام ذلك التعذيب المروع لا يرى داتان نفسه بطلاً ولا نذلاً، كما أنَّه لا يعتذر عن أفعاله وهو مكره قائلاً «أنا مجرد جندي مغمور»، ويرى أن سياسة التعذيب الشديد بحق الأسرى مفيدةٌ جداً، وذلك من خلال تجربته العملية مع أحد الموقوفين الذي أدى اعترافه إلى إنقاذ كتيبة كاملة من الموت.
يختلف تريلو مع داتان في سياسة التعذيب ويقول: لا أوافق على أساليب التعذيب القاسية لأنَّ فاقد المعلومة لن يعطيها، كما أنَّ اعتقال كافة الموقوفين في القرى التي اجتاحتها القوات الفرنسية في الريف الجزائري كان الهدف منه منع التحاق الشباب بجبهة التحرير الجزائرية.
وفي السياق ذاته ينفي رامبو عن نفسه ممارسة التعذيب ضد الجزائريين ولكنه يقول «لو أنَّ الملازم طلب مني تشغيل آلة الصعق لاستخدمتها، فأوامر القادة لا تناقش». وهنا يبرر غاري عدم مقدرة المجندين على عصيان الأوامر بأنَّ ذلك يؤدي بهم إلى السجن أو القتل.
وينقل سار عن الجنرال بورالدير قوله إنَّ التعذيب يصنع عدداً أكبر من الأعداء، فالجزائريون الذين وقعوا ضحيةً للتعذيب أصبحوا أكثر استعداداً لارتكاب أي شيء من شأنه إلحاق الأذى والضرر بالجيش الفرنسي. لذلك وصف تريلو وزملاؤه الأسير الذي يتعرض للتعذيب الشديد ثم لا يلتحق بالثورة بعديم الرجولة.

اغتصاب
من وسائل المقاومة الجزائرية التمويه بلبس زي الجنود الفرنسيين الذي كانت تغتنمه بعد كل معركة تنتصر فيها. وكي تتغلب القوات الفرنسية على تلك الحيلة منحت كل جندي منديلاً ملوناً يلبسه أثناء المعركة ليتميز به عن مقاتلي جبهة التحرير الجزائرية.
وذات مرة ألقي القبض على فتاة غاية في الجمال وهي تنتزع ملابس جنود فرنسيين لصالح جبهة التحرير الجزائرية، فأدخلت تلك الفتاة إلى مكتب القائد ثم إلى أماكن أخرى وفي اليوم التالي خرجت وقد شوهت ملامحها تماما وغُطى جسدها بالكدمات والدماء. يقول تريلو: فيما عدا هذه الحادثة لم أشهد على حوادث اغتصاب متواترة.

خوف وهلع
لم يخف أحد من المجندين حالة الخوف والهلع المرافقة له كأحد آثار حرب الجزائر حتى أثناء إقامته في بلده فرنسا. يقول رامبو: بعد سنتين قضيتهما في الجزائر، عدت إلى فرنسا عام 1958 حيث كان منزلي على ضفة البحيرة، رجعت وموسم الصيد في أوجه، لكن فرقعة الخرطوش -وهو أحد الأسلحة التي تستخدم لأغراض الصيد- أوقعت الخوف في قلبي فاختفيت عن الأنظار.
أمّا سار فإنَّ صوت طلقات بنادق الصيد في الريف الفرنسي كانت تدفعه إلى الارتماء على الأرض، فلم يكن يطيق سماعها. وكان تريلو إذا سمع فرقعة الطلقة ينظر يمنة ويسرةً ليتأكد أنها لم تخرج من بندقية رشاشة.
وعندما حضر رامبو ندوة عن التعذيب في حرب الجزائر غادرها مجهشاً بالبكاء قبل أن تنتهي قائلاً: تعلمون مدى الحرج الشديد من بكاء الرجل أمام الناس.
أمَّا داتان فقد لاحقته الكوابيس في منامه حتى إنَّ زوجته كانت تقول له بعد استيقاظه في اليوم التالي: لا بد أنَّ مشاهد حرب الجزائر زارتك في منامك.
يستعرض المخرج شهادات خمسة مجندين فرنسيين على الأحداث التي عايشها هؤلاء في الجزائر إبان حقبة الاستعمار

وقت الندم
أحس المجند لوي داتان، وهو يروي شهادته، بألم تلك الحرب التي أخذت منه رجله بتراً.
 يقول داتان أنه وبعد العودة إلى فرنسا وبالرغم من حصوله على التكريم، إلا أنه لم يُعر الأوسمة والنياشين التي قُدمت له أي اعتبار.
 يضيف داتان أنه عندما جاءت زوجة الرئيس الفرنسي، شارل ديغول، مع ضابط رفيع المستوى إلى المستشفى لتكريمه، رفض استلام الميدالية العسكرية وقال: عندما وصل زوجك إلى الحكم مدد خدمتنا العسكرية لـ28 شهراً، ولو أنَّه لم يفعل لما بترت ساقي".
 أمَّا جورج غاري، فيلوم بلاده حين تقلد رتبة عسكرية وهو في سن الشباب في 24 من العمر.
 يقول غاري أنه لم يكن يدرك معنى الحرب وكان أقرب إلى الطفولة، ويضيف: "لم أكن ناضجاً لأعرف الآثار الوبيلة لتدخلاتنا العسكرية في بلاد الآخرين".

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020