في حديث سابق قالت لي "جاين" صاحبة السبعين عاما، وكانت تمشي متكئة علي: أنا لا أومن بأنّ عيسى ابن الرب ولا حتى بأنه هو الرب نفسه!؟
تسمّرت في مكاني من الدهشة، فالمرأة كاثوليكية متعصّبة.. كيف تقول هذا الكلام.. إنّها رِدّة عندهم!!؟
قلت سأرمي الطّعم لهذا العقل وأرى ردّة الفعل، وبناء على ذلك سأقرّر إما مواصلة الحديث أو الإحجام..
قلت: كيف ترين عيسى؟ تعلمين بأنه عندنا شقيق محمد في النبوّة، وهو عند اليهود نبي أيضا؟
قالت: هو نبي، ما تقوله صحيح!
آهه هذا مهم، قلت في نفسي، إذا سأخطوا الخطوة التالية..
"جاين"؛ كيف تتصورين الرب إذا، ما لم يكن عيسى ربّا؟ قالت: هو روح!
فلتكن الخطوة الثالثة إذا.. أخبريني "جاين"؛ أهو روح تشبه الأرواح التي أخبرتنا بها الأديان!؟ قالت: لا أعلم.. ربما!
هنا قررت أن ألقي الحجر الأخير في البركة الراكدة، لكنّني جعلته حجرا أكبر لأخضّ البركة جيدا، فلعلها تخرج ما فيها؟
"جاين"؛ في الإسلام لدينا آية تقول: ليس كمثله شيء! وأعتقد أنه لا يوجد والد ووالدة ولدا أبناء يشبهانهما إلى درجة التطابق، وبالقياس أعتقد أن الخالق لن يخلق شيئا يشبهه، روحا كانت أو جسدا أو غيره.. أعتقد يا "جاين" أن الخالق لا يشبهه شيء فعلا.. عقولنا عاجزة عن رسم صورة حقيقية لأي شيء لم تره، فكيف بالخالق نفسه، هل يمكن القول إنني أتصور الخالق كذا أو أعتقه كذا!
أوقفتني "جاين" وقالت: تعرف؛ هذه قضية حساسة؛ سأسأل الراهب عنها غدا!؟
أنا: رجاء لا تذكري اسمي ولا تقولي إن جاري المسلم حدّثني عن هذا، أنا لا أفهم في الأديان كما يفهمها أصحابها، لكنني أطرح تساؤلات فقط..
هي: لا تنشغل.. لكنني مصرة على هذا السؤال..
جارتي "جاين" لا تأكل الخنزير ولا تشرب الخمر منذ أكثر من ثلاثين عاما..
سألتني مرة وقد تناولت معي الدجاج في البيت بمناسبة المولد النبوي: أخبرني؛ لمَ هذا الدجاج لذيذ؟ قلت: تقصدين طريقة الطهي؟ قالت لا؛ هو لذيذ بطعمه لا بطريقة طهيه.
قلت هو مذبوح على طريقة المسلمين واليهود؛ نسميه الحلال، وشرحت لها العملية علميا وحدثتها عن ضرورة خروج الدم من الذبيحة حتى لا تختنق به.. قالت: أرجو أن تحضر لي منه كلما سنحت لك الفرصة..!
هناك عقل في كل البشر.. عقل بحاجة إلى ضوء لينتبه ويبدأ البحث..
الإعلامي الجزائري المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية مسعود هدنة في منشور حمل عنوان
هناك عقل منتبه في كل بشر.. عقل جارتي المسيحية "جاين"
على صفحته بموقع الفيسبوك