ليت العمرَ مسجدٌ والأيامَ ركعاتٌ..
ـ الشيخ أبو اسماعيل خليفة
إن من أشد الأوقات وطأة وقسوة على أحدنا تلك الأوقات التي بعاني فيها الشعور بأنه قد يقتله الحنين كلما سمع المؤذن يقول: صلوا في بيوتكم..
لا حنين.. أثقل من الحنين إلى المسجد.. الحنين إلى الملاذ الروحي الجميل.. قد يخذلنا العالم وتضيق بنا الدّنيا، فننتهي إلى سارية من سواري المسجد ندسّ بداخلها أوزارنا.. ولعلّنا نغفو فنرتاح!..
ترفرفُ الروحُ جذلى كلما دخلتْ
رحــابَـه نسيتْ في طينه الْجَسدا
فكـلُّ شـبـر بـه ثغـرٌ لـه شَفةٌ
ترددُ الذكر لا تُحـصي لــه عددا
وذاك يتلــو كتـابَ الله مبـتهـلاً
يَمدُّ في وجــلٍ نـحو السماء يدا
اشتاقت المساجد.. إلى احتضان المصلين ومعانقة المسبحين والمستغفرين، ولأجلهم تئنّ المآذن.. أما لسان الكائنات فيردّد في الآفاق قائلا:
ما للمآذن تشتكي وتنوح * وتقول أن فؤادها مجروح
يا صديقي.. إن للمساجد حنينا إلى المؤمنين لا يضاهيه حنين آخر، حنين متصل عبر الزمان ممتد في المكان، لكن مع أيام البلاء هاته فقد انهمر حنينها إلى روادها، وفاضت أشواقها إلى عمارها.. فحق للنفوس أن تتوق، وحق للأرواح أن تحلق أملاً في الوصال..
ليت العمر مسجد والأيام ركعات
استغفر الله.. وأتوضأ.. وأصلي
مهما تجرب في حياة الملذات
ما فيه أجمل من شعور المصلي
فيا ربنا حبسنا عن السعي لبيتك فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وهو جند من جنودك وانت به وبنا أعلم..
ضعُفت قوتنا وقلت حيلتنا، اللهم أغثنا والطف بنا وتداركنا، نتوسل إليك باسمك الواحد الفرد الصمد، فرج عنا ما أمسينا وما أصبحنا فيه، اللهم رحمة من عندك تنقشع بها هذه الغمة، وتضاء بها مصابيح المساجد، وتعود حي على الصلاة ونحن في نعمة الإيمان والأمان والصحة والعافية.
اللهم رحمتك نرجو، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأصلح لنا شأننا كله، لا إله إلا أنت، ولا حول ولا قوّة إلا بك.