-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

عبد الحميد بن باديس.. لم لا تؤلف الكتب أيها الشيخ؟..

صورة لشهادة ميلاد الشيخ عبد الحميد بن باديس

بقلم: الشيخ أبو إسماعيل خليفة

 الصورة المرفقة، نسخة من شهادة ميلاد الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله، والتي استخرجت من السجلات الفرنسية من بلدية قسنطينة.. وما بين الميلاد والوفاة حياة رحلة حافلة بالعطاء والجهاد والدعوة، مخلّفاً وراءه ذكراً عاطراً وثناءً وافرا..

فلقد ترك ـ رحمه الله ـ بصماته عميقة يصعب محوها من ذاكرة أبناء الجزائر، وأصعب من ذلك أن تُحصَر مميزاته الشخصية وقدراته العقلية والنضالية ومواقفه الفعالة تجاه أوضاع الأمة ومجريات أحداث تاريخها..

هو المعلّم المثالي والمناضل المستميت في الدفاع عن عزة شعبه وترسيخ مبادئ دينه.. لقد سأله يوما أحد طلبته: لم لا تؤلف الكتب أيها الشيخ؟.

فأجابه رحمه الله: "إن الشعب ـ يا بنيّ ـ ليس اليوم بحاجة إلى تأليف الكتب، بقدر ما هو في حاجة إلى تأليف الرجال.. هَبْ أني انصرفت إلى التأليف، وانقطعت عمّا أنا بصدده من نشر العلم، وإعداد نشء الأمة، فمن يقرأ كتبي وتآليفي.."؟.

وكذلك كان رحمه الله، فلقد قضى حياته مؤلفا للرجال، لا يرجو من ذلك شهرة، ولا يبغي من ورائه جزاء من البشر ولا شكورا؛ وإنما قام بها أداءً للمسؤولية، وقيامًا بالواجب نحو دينه ووطنه وقومه، بعدما استيقن مما يكاد لهذا الدين من محوٍ، ولهذا الوطن من إدماج، ولهذا الشعب من سلخٍ عن أصله وهويته.

فابن باديس رحمه الله لم ينجح في تعزيز الهوية في قلب أمته فحسب، بل ساهم في تكوين جيل الثورة الجزائرية، الذي قال عنه:

يا نشء أنت رجاؤنا * وبك الصباح قد اقترب

خذ للحياة سلاحها * وخذ الخطوب ولا تهب


وكان ذلك، فبعد بعد مرور 14 عاما على وفاته اندلعت ثورة التحرير الجزائرية، والتي قادها ذلك النشء الذي تتلمذ ودرس في معاهد الشيخ عبد الحميد بن باديس، وكان الله معهم، وكان إيمانهم به عظيما، وكان صبرهم جميلا، فصدقهم الله وعده، وفرح الجزائريون بنصر الله..

هذا، وإنما الأمم برجالها علماءَ كانوا، أو ساسة، أو قادة، إنهم هم الذين يجسّدون روحها التواقة إلى الكمال وجلائل الأعمال، فلتحيا في نفوسكم المعاني التي كانوا يجسدها الشيخ عبد الحميد بن باديس ورفاقه، ولتتعمق في قلوبكم المبادئ التي وهبوا حياتهم من أجلها. قال شيخ العربي التبسي رحمه الله: "لقد كان الشيخ عبد الحميد بن باديس في جهاده وأعماله هو الجزائر كلها، فلتجتهد الجزائر بعد وفاته أن تكون هي الشيخ عبد الحميد بن باديس".

رحم الله العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، ورحم رفاق دربه، ورزقنا السير على طريقهم، وحمى الجزائر من كيد الكائدين، ورفعها ورفع أهلها بين الأمم، وجعلها آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين..

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020