هل
يُعقل..
* هل يُعقل أن يذبح الأستاذ خير الدين صاحبه، ورفيق طفولته، وزميله في التدريس بالجامعة، من الوريد إلى الوريد؟..
سؤالٌ طرحه من يعرف ومن لا يعرف خير الدين.. ذاك الرجل الكتوم الذي جاوز الخمسين عاماً، واجتاز بدل المحنة محناً، وجاز له، في نظر كثيرين، ما لا يجوز لغيره.. جاز له أن يفخر ببرّه لوالدته، فهو لم يتزوج ـ في نظرهم ـ بسبب حرصه على خدمتها حتى آخر يوم في حياتها.. حياتها التي قضت آخر عشر سنين منها وهي مصابة بالزهايمر، لا تعرف أصلا أنه وليدها الذي نما في أحشائها وسخّر زهرة شبابه لخدمتها..
هم يعتقدون أنّه آثر عدم الزواج حتى يتفرّغ لخدمتها بعدما تزوجت شقيقته الوحيدة، وهاجر شقيقه الأوحد بحثا عن أفق أرحب، حين شعر أن أرض الوطن قد ضاقت عليه بما رحبت..
بينما كان خير الدين يعرف أن ذلك لم يكن السبب الوحيد، بال لعلّه لم يكن سبباً أصلاً.. أيْ نعم كان باراً بوالدته، ولم يكن لها عاصيّاً، لكنّه لم يتزوج لسبب آخر..
*****
قبل أن يجف تراب قبره، كان الورثة يتقاتلون على التركة.. كلٌ منهم يريد أن يحصل على نصيبه في أقرب وقت.. وحدهما الأم والزوجة المكلومتان كانتا غير مباليتين.. لم يكن مال الدنيا كلها سيعيد إليهما شيئا من البهجة التي زرعها المغدور في حياتيهما طيلة عقود من الزمن..
قيل لهما إن الزمن سيداوي كل الجراح، لكنهما شعرتا بأن جرحهما أكبر وأشدّ وأعمق من أن يداويه الزمن، حتى ولو بلغ مداه الألف عام..
ـ بقلم: شيخ بن خليفة ـ
ـ مقطع من رواية قد تُنشر يوما إن شاء الله/ الحقوق محفوظة ـ
أحسنت
ردحذف