لا بن مهيدي بيننا
اعبث كما تشاء يا لونغي
ـ الشيخ بن خليفة ـ
الحركة اللاأخلاقية التي قام بها المدعو جيرار لونغي
وزير الدفاع الفرنسي في عهد الصهيوني نيكولا ساركوزي حين "استفزه" سؤال
عن رأيه في مطالب الجزائريين باعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية واعتذارها عنها
فجرت حالة من الغضب في أوساط من سمع بها من جزائريين، وهي في الواقع غير جديدة
علينا، ولذلك لم نر رد فعل رسمي، خصوصا أن الأمر يتعلق بمسؤول فرنسي يحمل صفة
"سابق"، وخصوصا كذلك أننا تعودنا على الإهانات الفرنسية وصرنا نتجرعها
بسهولة، ومن يهن يسهل الهوان عليه.
وإذا كان من المستبعد أن نسمع ردة فعل قوية، رسميا على
الأقل، من الجزائر ـ التي تعيش تحت وطأة ضغوط متزايدة، نتيجة المتغيرات الإقليمية
والتحديات الأمنية الرهيبة ـ على وقاحة الحقير لونغي، فقد تكفل الشهيد
"الملاك" العربي بن مهيدي، طيّب الله ثراه وجعل الجنة مأواه، بالرد قبل
ستين سنة على "الشيطان" جيرار لونغي، وغيره من شياطين فرنسا..
لقد قابل بن مهيدي وهو في الأسر بين أيدي الطغاة
الفرنسيين آسريه بابتسامات رجل كان يشعر ويدرك بأنه أكبر من أن ينظر إلى أعدائه
بعين السخط، فهو "ملاك"، وهم شياطين.. هو يريد الآخرة، وهم يريدون
العاجلة.. لم يكن ينتظر منهم أن يعاملوه بالحسنى.. فحين عذبوه لم يتفاجأ.. ولم يكن
يريد أن يعيش إلى ما بعد الاستقلال، فقدموا له الإعدام هدية..
هل تعلم يا "سي لونغي".. قطع الله يدك.. أن بن
مهيدي الذي تمقته أنت ومن معك من شياطين قد قال فيه الجندي الفرنسي الذي ألقى
القبض عليه "ليته كان قائدي"؟
هل تعلم يا لونغي أن بن مهيدي خطط لواحدة من أكبر معارك
في العالم تدرس الآن للجنود الأمريكيين قبل كل حرب؟
لقد كان العربي بن مهيدي يوصف بالإرهابي من طرف إخوانك
يا لونغي، ولكن هؤلاء "الإخوان" وجدوا أنفسهم مجبرين على احترامه، وقد قدموا
تحية السلاح له بعد القبض عليه.
لقد عذب آباء لونغي شهيدنا بن مهيدي أشد العذاب، ولم ينتزعوا
منه اعترافا واحدا، ولم يفكر في الانتحار ولا الاعتراف.
لقد ابتسم بن مهيدي ساخرا من جلاده قبل إعدامه ـ وهو
يعلم أن ذاك الجلاد كان سيفر منه مذعورا لو قابله رجلا لرجل ـ وكنا سنبتسم في وجهك
يا لونغي اليوم أيضا ساخرين، كما تسخر السباع من حمير تتطاول عليها، لولا أن فينا
ومنّا وبيننا من يرفض أن يتخلى عن النظر إلى فرنسا نظرة العبد إلى سيده.. فاعبث
كما تشاء واهنأ بوقاحاتك يا لونغي.. لا بن مهيدي بيننا اليوم!..