-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

يا حسرتاه..



يا حسرتاه..


ـ الشيخ بن خليفة ـ
"علمنا بما وقع بينكم وبين علي بن أبي طالب، وإنا لنرى أنكم أحق منه بالخلافة لحنكتكم السياسية، فلو أمرتني أرسلت لك جيشاً أوله عندك وأخره عندي يأتون إليك برأس علي".
هذا ملخص رسالة من هرقل قيصر الروم إلى معاوية بن أبي سفيان، أول أمراء بني أمية، يعرض عليه فيها دعمه عسكريا للإطاحة برابع الخلفاء الراشدين، وأول فدائي في الإسلام، علي كرّم الله وجهه..
هل تعرفون بماذا رد معاوية على عرض قيصر الروم، الذي يشبه عرض بعض أعضاء مجلس الأمن، وفي مقدمتهم أمريكا وفرنسا، التدخل عسكريا في سوريا؟
 لقد كان معاوية سياسيا براغماتيا يبدو من أنصار "الغاية تبرر الوسيلة"، وكان يدرك صعوبة مهمته في الإطاحة بـ"نظام علي"، ولذلك ربما توقع "المتتبعون" و"المحللون" في زمنه أن يوافق على الدعم العسكري الأجنبي أو ربما يستجديه، ولكن معاوية حين وصله كتاب هرقل، طلب من كاتبه أن يخط على ظهر الرقعة الرد التالي: "أخوان تشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما وتعلي من نباحك؟! إن لم تُخرِس نباحك أرسلت إليك بجيشٍ أوله عندك وآخره عندي يأتونني برأسك أقدمه لعلي"، وأمر برد الرسالة لصاحبها.
وتقول مصادر أن مما جاء في رسالة معاوية: "من معاوية بن أبي سفيان إلى كلب الروم، أمَّا بَعْد، فوالذي نفسي بيده إن تقدمت بكثيب – يقصد الأرض- أو عبرت بسفينة البحر، لاجتمعن أنا وابن عمي علي بن أبي طالب عليك، فالحذر الحذر!".
وتذكر بعض المصادر أن قيصر الروم أرسل نفس الرسالة لعلي بن أبي طالب فرد برد شبيه برد معاوية، معبرا عن رفضه المطلق أن تطأ أقدام جيش الروم أرض المسلمين لدعم فريق مسلم ضد فريق مسلم آخر..
وحين نتذكر تلك الفتنة الخطيرة التي شهدتها أمة الإسلام بين علي ومعاوية نتألم كثيرا، لكننا نتألم أكثر ونحن نتابع فصول فتنة أمة الإسلام اليوم..
وا أسفاه.. ويا حسرتاه.. لقد أضاع المسلمون بوصلتهم وباتوا عاجزين عن وقف نزيف الدم في سوريا، وغيرها، بل وعاجزين حتى عن التأكد مما يجري في بلاد الشام، بين نظام الأسد وأنصاره المتهمين بتقتيل الأطفال وهتك الأعراض، وبين المعارضة المتهمة بالعمالة للغرب وممارسة الإرهاب على الأرض..
وإذا كان معاوية قد رفض الاستعانة على علي، كرّم الله وجهه، بغير المسلمين، فإن المسلمين اليوم لا يكتفون بتقتيل بعضهم بعضا، بل يستعينون بالصهاينة والصليبيين لتقتيل المسلمين.. فهل فتنة علي ومعاوية أشد أم فتنة الأسد و"الجيش الحر"؟..
اللهم إنا نسألك أن ترينا الحق حقا وأن ترزقنا اتّباعه، وأن ترينا الباطل باطلا، وتجنبنا اتباعه..
  1. مصادر تاريخية مختلفة، مع اختلاف طفيف في مضمون الرسالة حسب المصادر واتفاق على الفكرة الأساسية

    ردحذف

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020