أيها الجزائري.. لا تقتل لغتك
ـ الشيخ. ب ـ
أعادت الصيحة التي أطلقتها الجمعية الجزائرية للدفاع عن
اللغة العربية، قبل أيام، بخصوص الخطر الذي تواجهه لغة الضاد بالجزائر إلى الواجهة
الحديث عن "الزحف الفرنكفوني البشع" الذي لم يعد يقتصر على مجال دون
آخر، حيث باتت اللغة الفرنسية لغة أساسية، تسبق العربية، في كثير من التعاملات
الرسمية والإدارية، والمعاملات الشعبية أيضا..
وبدت الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية كما لو
أنها تصيح في واد سحيق، لا يسمع صوتها غيرها، بدليل "التعامل الإعلامي
البارد" الذي قوبلت به صيحتها المتضمنة في بيان وجهته للصحافة الوطنية.
ويعكس برود التعاطي الإعلامي مع بيان التحذير من المخاطر
التي تتربص بلغة الضاد، برود التفاعل الشعبي مع مسألة الهوية اللغوية، ويكفي أن
يتجول المرء في أي شارع من شوارعنا ليلحظ كم المفردات الأجنبية المستخدمة، في
الحديث وكذا في اللافتات التجارية المختلفة، حيث لم تعد قضية "فرنسة
الجزائر" مقتصرة على بعض الإدارات التي "تتمسك"، بعد أكثر من نصف
قرن من الاستقلال، بالفرنسية "لغة اساسية" لها، وتجعل العربية لغة
ثانوية لا تستخدمها إلا عند الضرورة القصوى، بل امتد الداء ليبلغ المعاملات
التجارية وحتى اللافتات الإشهارية التسويقية، على نحو يجعل المرء يتساءل وهو يسير
في بعض شوارع كبريات مدن الجزائر إن كانت "فافا" قد خرجت، مدحورة، قبل
أزيد من خمسين سنة، وإن كانت قد عادت، بل وإن كانت قد خرجت أصلا.. و"لمن تقرأ
زبورك يا داوود"؟!
وإذا كانت الجمعية
الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية تقوم،
مشكورة، بكثير من الجهود للتنبيه إلى مجموعة المخاطر التي تتربص باللغة العربية في
الجزائر، فإن ذلك الجهد يبقى غير كاف، في ظل لامبالاة النخب المصنفة في خانة
"العروبيين" والقوميين من جهة، وإهمال المسؤولين الذين يُفترض أن يتولوا
عملية حماية اللغة العربية والدفاع عنها، فإذا بهم أول وأكبر من يدوسها!..
احترموا الدستور!
وجاء في نص بيان الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة
العربية مايلي:
ما زالت الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية
تتابع – بأسف شديد – ما آلت إليه أوضاع اللغة الوطنية في الجزائر، من تراجع في
كافة المجالات والقطاعات.
إن الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية تسجل ما
يأتي:
- عودة الفرنسية إلى المحيط، بحيث أصبحت الإعلانات
واللافتات وعناوين المحلات التجارية والخدمات العامة تكتب بهذه اللغة، خرقا للنصوص
القانونية السارية المفعول.
- تراجع أغلب المسؤولين والساسة الجزائريين عن استعمال
اللغة العربية، بحيث أصبحوا لا يتورعون عن التخاطب باللغة الفرنسية، سواء في
الإطار الرسمي أو غير الرسمي، خارقين بذلك كل المواثيق وقوانين الدولة الجزائرية،
بدءا بالدستور.
- عودة استعمال هذه اللغة بقوة في التعاملات الإدارية،
التي أصبحت السمة العامة لمعظم المراسلات الإدارية بين مختلف القطاعات، والتي تتم
باللغة الأجنبية فقط.
إن الجمعية
الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، إذ تلفت نظر الرأي العام إلى خطورة هذه
الظاهرة، فإنها – في الوقت نفسه – تندد بهذا التراجع الخطير وتعتبره استهانة
بمصالح الأمة وثوابتها، وخرقا صريحا لأحكام الدستور والنصوص القانونية الصادرة في
هذا الشأن؛ ومن ثَمّ فهي تحمّل السلطات المسؤولية التاريخية والأخلاقية عن هذا التراجع
الذي لا يمكن السكوت عنه.
وعليه، فإن الجمعية تدعو القوى الحية في المجتمع، من
مؤسسات وأحزاب وجمعيات، إلى الوقوف بحزم في وجه هذا التيار التراجعي عن المكتسبات
الوطنية، وفي مقدمتها استعادة اللغة العربية مكانتها في التعامل والاستعمال.
كما تتوجه إلى وسائل الإعلام المرئية، لا سيما القنوات
الخاصة، بضرورة احترام اللغة الوطنية والحرص على سلامتها، لقطع الطريق عن العابثين
بها، وذلك من خلال البرامج والحصص التي تقدمها.
وهي تناشد المواطنين أن يتحملوا المسؤولية الأخلاقية، في
الدفاع عن لغتهم وحمايتها؛ كل من موقعه.