يُنتظر أن تسلم خمس قنوات من مقصلة الحكومة التي قررت
غلق عشرات القنوات الفضائية الخاصة بسبب عدم قانونية نشاطها، وفيما يضع أصحاب
وعمال 55 فضائية أيديهم على قلوبهم، توجسا من تنفيذ قرار الغلق خلال الأيام القليلة
القادمة، تبدو قنوات: النهار والشروق والهقار والجزائرية ودزاير “تي في” خارج
الدائرة المعنية بالغلق.
وأورد موقع “الجزائر والعالم”، نقلا عن مصدر حكومي قائمة
القنوات الخمس التي تملك ترخيصا بالنشاط في الجزائر.
وحسب الموقع الذي يديره الإعلامي المتميز رمضان بلعمري،
فإن الأمر يتعلق بقناة “النهار” وقناة “الشروق” وقناة “دزاير تي في” وقناة
“الجزائرية” وأيضا قناة “الهقار” المتوقفة.
ونُقل عن المسؤول الحكومي تأكيده أن الترخيص يختلف عن
الاعتماد، مشيرا إلى أن القنوات الأخرى، يتعين عليها التكيف مع دفتر شروط يتم
إعداده.
قرار
بغلق 55 قناة..
وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد أمر وزير الاتصال
حميد قرين بما سماه “تطهير قطاع السمعي البصري” من القنوات غير المرخص لها وعددها
55 قناة.
وقال سلال في كلمة له خلال ترأسه منتدى دوليا حول
الملكية الفكرية بقصر الثقافة في الجزائر العاصمة في إطار عملية إتلاف 2 مليون قرص
مقلد، يوم الإثنين 23 ماي 2016: "لقد كلفت الحكومة الجزائرية وزير الاتصال
بتنظيم وتطهير الأوضاع (في قطاع الإعلام الفضائي) في أقرب الآجال، في انتظار تنصيب
سلطة ضبط القطاع السمعي البصري خلال أسابيع″.
وأضاف "من بين 60 قناة فضائية موجودة في الجزائر
هناك 5 فقط معتمدة بصفة نظامية والباقي ينشط بصفة غير قانونية وخاضع لقوانين
أجنبية”.
ووفق الوزير الأول، فإن هذا الفراغ القانوني في القطاع
كان "مقصوداً” وذلك "في انتظار ضبط ذاتي لم يحدث مع الأسف، وحان الوقت
ليعرف المواطنون الحقيقة لتطبيق القانون بشفافية وإنصاف”.
وتابع: "علينا الاعتراف أن بعض القنوات تعتمد
الإشهار الكاذب وانتهاك الحياة الخاصة واستعمال الكراهية والجهوية والفتنة والعمل
الإعلامي تلوث بسلوك قلة لا يحركها إلا الجشع″.
واستطرد سلال يقول: "نقول نعم لحرية التعبير
والصحافة، ولكن الخط الأحمر هو احترام مبادئ المجتمع الجزائري”.
وقال بهذا الخصوص "علينا الاعتراف أن بعض القنوات
تمارس الإشهار الكاذب و انتهاك الحياة الخاصة والمساس بالشرف والتضليل وما هو أخطر
من ضرب توازن المجتمع باستعمال الكراهية والجهوية والفتنة".
كما تأسف السيد سلال لما وصفه بـ"تلوث" الجهود
التي بذلها أغلبية الفاعلين من أجل تلفزيون جزائري متعدد ومتنوع ومبدع من طرف
"قلة لا يحركها إلا الجشع"، متابعا بالقول "نعم (...) لقد تم
المساس بالأسس الأخلاقية للجزائريين بإشاعة السب و القدح والدفع إلى التخلي عن الأخلاق
التي تجعل منا بشرا مكرمين ومسؤولين".
ما مستقبل
هذه القنوات الفضائية؟
وشدد سلال مجددا
على أن احترام مبادئ المجتمع الجزائري هو "خط أحمر"، منبها إلى أنه و"من
اليوم فصاعدا لن يسمح بأي تجاوز" قد يحدث في هذا الاتجاه.
غير أنه طمأن بالمقابل بأن
إصرار الحكومة على تنظيم القطاع السمعي-البصري "لا يعني التراجع عن فتحه بل
هو تنظيم نشاط" على غرار ما يتم في كل دول العالم، وهو المسعى الذي يرمي إلى
الحفاظ على الأخلاق ببلادنا.
كما أبرز رفض الحكومة القاطع لبعض الممارسات التي يقوم
بها البعض تحت غطاء النشاط الإعلامي والتعددية الإعلامية والبحث عن المعلومة على
غرار "الابتزاز و القذف وإفشاء أسرار التحقيق القضائي والضغط على إطارات
الدولة"، وكذا "خطابات الفتنة والعنف" و"التهرب الضريبي وإخفاء
عوائد الإشهار في شركات الإتصال".
وتوجه الوزير الأول إلى من
يريدون استغلال هذه المهنة النبيلة من أجل تحقيق "مصالح شخصية والمساس
بالجزائر" قائلا "إن خصمكم ليس فقط الحكومة بل الشعب الجزائري أيضا الذي
يرفض مغامراتكم ويعلن بكل قوة تمسكه بالأمن والاستقرار ومشروع التجديد الوطني
لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة".
وخلص السيد سلال إلى التذكير بأن الالتزامات
بقطع الطريق أمام أي تجاوز في قطاع السمعي-البصري هي نفسها التي تقع على أعوان
الدولة مهما كان مستواهم والذين "لا يمكنهم في نشاطهم العام اتخاذ مواقف
غامضة حين يتعلق الأمر بقيم وأسس الأمة"، ليشدد في ختام قوله على أنه
"سيتم معاقبة كل تقصير في هذا الجانب".
وعن مستقبل هذه القنوات الفضائية أوضح سلال أن
"هناك مشروع قانون أعدته الحكومة يحدد الشروط الواجبة للنشاط (لم يكشف
مضمونه) وكل القنوات التي ستلتزم بالشروط ستعتمد كقنوات جزائرية تستفيد من الدعم
الذي ينص عليه القانون، أما تلك التي تخالف القانون ستمنع من النشاط في التراب
الجزائري”.
وصادق البرلمان بغرفتيه في ديسمبر 2011 على قانون جديد
للإعلام ينهى خمسين سنة من احتكار الحكومة للقطاع السمعي والبصري، لكن القانون
الخاص لتنظيم عمل القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية الخاصة لم يصدر بعد.
وبدأت في الجزائر منذ سنة 2012 عشرات القنوات الفضائية
الخاصة ببث مضامين إخبارية وفنية وبرامج سياسية واجتماعية، وتُسَجل لدى وزارة الاتصال
كقنوات أجنبية معتمدة للعمل في الجزائر وتضطر إلى بث برامجها من الخارج لعدم وجود
قانون محلي حول السمعي البصري.