بقلم: الشيخ بن خليفة
قد يقول قائلون كثر
أن اللغة هي مجرد وسيلة للتواصل، ومجرد حامل وناقل للفكر والمعلومات، وأداة
للتفاهم بين الناس لا أكثر، لكن الحقيقة أكبر من ذلك، فاللغة في بعض الأحيان تصبح
هي الغاية بحد ذاتها، وتتحول من أداة ووسيلة للتواصل ونقل المعلومات إلى جهاز
معرفي متكامل، يمكنه أن يساهم في تطور البلاد، كما يمكنه أن يحول دون تقدمها، بل
قد يكون سببا في تخلفها كما هو حال اللغة الفرنسية مع الجزائر التي تواصل تخبطها
في قائمة البلدان السائرة على نهج التخلف، على الرغم من إمكانياتها الهائلة التي
تؤهلها للسير على خطى البلدان النامية، حتى لا نقول المتطورة، فهي تمتلك الأدوات
اللازمة لذلك، غير أنها تفتقر لأدزات وأمور أخرى عديدة، وبها كثير من العقبات التي
تحول دون تحقيق النقلة النوعية من بلد متخلف إلى دولة باحثة عن معالم التطور، ومن
هذه العقبات لغة فرنسا التي ظلت لصيقة بها، تستخدمها في التواصل مع العالم
الخارجي، وفي محاولات التحكم في التكنولوجيا، وهو ما يجعلها بعيدة كثيرا عن الركب
العالمي الذي اتفق على أنه لا بديل عن الإنجليزية للراغبين في خوض سباق العصرنة
والتقدم الحداثي والثورة التكنولوجية..
طبعا قد يقول قائلون
كثر أن من يردد مثل هذا الكلام هو كاره لفرنسا وربما معقد من لغتها
"الراقية"، والواقع أن الفرنسيين أنفسهم يدركون محدودية قدرات لغتهم في
العصر الحالي، كما أن من جرّبوا التعامل بها وبغيرها أدركوا الفارق على الفور..
من هؤلاء الباحث الجزائري محمد الهاشمي رئيس جامعة
راييرسون الكندية الذي لم يتردد في القول أن "اللغة الفرنسية عائق أمام البحث
العلمي"، وهي إشارة قوية من خبير إلى أن لغة فافا تعرقل تقدم الجزائر.
محمد الهاشمي ودكتور وباحث جزائري عين شهر أكتوبر الجاري
على رأس جامعة راييرسون في مدينة تورينتو التي تعد من أكبر الجامعات الكندية قال
في تصريح لصحيفة المساء الوطنية أنه "على الجزائر أن تعيد النظر في مسألة
تعليم التكنولوجيا باللغة الفرنسية لأنها لغة ميتة وعائق أمام البحث العلمي. وإذا
بقي سلاحنا في هذه اللغة، فلن نحقق تقدما كبيرا، نحن نعتز بلغتنا العربية لكن أرى
أنه من الضروري الانفتاح على اللغة الانجليزية باعتبارها لغة عالمية ولغة العلوم
في العصر الحديث.
أعطيك مثالا، عندما أسافر إلى فرنسا يطلبون مني إلقاء
محاضرتي باللغة الانجليزية رغم أنني زاولت دراستي في الجزائر باللغة الفرنسية".
ونضم صوتنا إلى صوت الهاشمي الذي نصح الشباب الجزائري "أن
يقبلوا على تعلم اللغة الانجليزية على المستوى الشخصي تعلمت الانجليزية بمفردي لم
يسبق لي في حياتي أن دخلت مدارس لتعلم هذه اللغة لا في الجزائر ولا خارجها، يكفي فقط
توفر الإرادة والمثابرة.. وأنا أشغل اليوم منصب رئيس الجامعة".