-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

هل هناك علاقة بين الجيل الخامس وكورونا؟

أثير مؤخراً جدل عالمي واسع بشأن علاقة انتشار فيروس كورونا بأبراج شبكات الجيل الخامس للاتصالات (G5)، وهو ما نفته منظمة الصحة العالمية وأكدت أنه "لا يمكن أن ينتقل الوباء عبر موجات الراديو أو شبكات الهاتف المتحرك، بما في ذلك شبكات الجيل الخامس المصنوعة في الصين".
وحسب ما نقلة موقع هسبريس المغربي، فقد قالت الوكالة الأسترالية للوقاية من الإشعاع والسلامة النووية (ARPANSA)، وهي وكالة حكومية مكلفة برصد وتنظيم التعرض للإشعاع، إن التعرض للموجات اللاسلكية من الجيل الخامس لم يثبت أنه "يؤثر على جهاز المناعة أو يسبب حدوث أي أمراض أخرى".
ودعا باحثون إلى الاستعانة بالبحث العلمي لكشف علاقة الترددات العالمية لتقنية الجيل الخامس من الاتصالات بعدة مشاكل صحية، من ضمنها إضعاف الجهاز المناعي للجسم البشري، وهو أحد الأسباب الرئيسية في انتشار فيروس كورونا.
ويرى الدكتور عبد الصمد ملاوي، أستاذ جامعي وخبير التكنولوجيا الإلكترونية المدمجة، أنه من المفيد البحث في هذه العلاقة لنكون على علم بما يقع حولنا، من أجل أخذ الحيطة والتعامل الإيجابي مع هذه التقنية الجديدة والاستفادة منها دون مضرة.
وأشار الأستاذ بالكلية متعددة التخصصات التابعة لجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، في مقال حول الموضوع لهسبريس، إلى أن هذا الافتراض تصاعد في العالم مع بدء انتشار فيروس كورونا وتأثيره المخيف على البشرية، وكذلك تزامنه مع تسارع أحداث صراع ملحوظ بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين حول تقنية الجيل الخامس للاتصالات المعروفة بتقنية "5G"، وأيضا ظهور عدة نظريات مختلفة ومتباينة حول علاقة هذه التقنية بانتشار الفيروس وكذلك احتمال ظهور فيروسات وأوبئة أخرى في المستقبل.

هل تسبب تقنية "5G" مخاطر على صحة الإنسان؟
يقول الخبير المغربي، في مقال تحليلي، إن استعمال تقنية "5G" مازال في سنواته الأولى، ولذلك فإن مدى تأثيره على صحة الإنسان مازال قيد الدراسة والبحث، رغم إجراء بعض الأبحاث والدراسات التي تبقى أولية ومحدودة وفي بدايتها؛ علما أن معظم التجارب بهذا الخصوص تتطلب وقتا طويلا نسبيا لاستخلاص نتائج واضحة محسومة. لكن جل الآراء وبعض هذه الأبحاث والدراسات تصب في اتجاهين مختلفين تماما تعبر عنهما نظريتان رئيسيتان:
أصحاب النظرية الأولى: يعتقدون بوجود عواقب لهذه التقنية ومخاطر جد محتملة على الصحة العامة للبشرية. فعلى سبيل المثال قامت مجموعة علمية في 29 مارس 2020، وتضم عدة أطباء وعلماء وأعضاء منظمات بيئية ومواطنين من حوالي 168 دولة، بنشر تقرير تحليلي يتحدث عن تأثيرات خطيرة لا رجعة فيها على البشر وتلف دائم لجميع النظم البيئية الأرضية بسبب تقنية "5G".
ويرى هؤلاء المشككون في براءة وسلامة هذه التقنية أنها لا تخلو من تأثيرات سلبية على صحة الإنسان، وخصوصا على مستوى الرأس والدماغ، على اعتبار أن تقنية الجيل الخامس تعمل بأمواج كهرومغناطيسية ذات ترددات جد عالية، وهو ما يرفع من طاقتها. وكما هو ثابت علميا أن طاقة هذه الأمواج الكهرومغناطيسية تساوي التردد مضروب بثابتة بلانك (E = h.v) ليصير المجال الذي يتواجد به الإنسان، والذي يعج بهذه الأمواج الكهرومغناطيسية، شبيها من حيث المبدأ بفرن الميكرويف الذي يعمل بنفس ترددات هذه الأمواج. ويعتقد أن هذا يتسبب في تسخين الأنسجة وخلل في ضبط درجات الحرارة بالجسم البشري، وكذلك إنتاج خلل في توازنات الهرمونات الناتجة عن تغير في سلوك الدماغ، ما قد يتسبب في ضعف المناعة البشرية.
النظرية الثانية: تنفي أي آثار سلبية على الإنسان. فقد أشارت تقارير أصحاب هذه النظرية إلى أنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن تقنية "5G" تمثل خطرًا على صحة الإنسان، وذلك شريطة أن يظل التعرض العام أقل من القيم والحدود المسموح بها دوليا؛ خصوصا أن العمل بتقنية "5G" يحترم ويراعي معايير وإرشادات التعرض الدولية للمجالات الكهرومغناطيسية التي أوصت بها اللجنة الدولية للسلامة الكهرومغناطيسية المتكونة من أعضاء من هيئتين دوليتين، وهما اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع غير المؤين، ومعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات؛ ورغم أنه حتى الآن تم إجراء عدد قليل من الدراسات على الترددات التي تعمل بها تقنية "5G"، فقد خلصت إلى عدم وجود تأثير سلبي للأجهزة التي تستخدم ترددات هذه التقنية على الصحة البشرية.

هل هناك علاقة بين انتشار كورونا و"5G"؟
يلاحظ الأستاذ الجامعي أنه بالنسبة لأصحاب النظرية الأولى فالترددات العالية لأمواج تقنية "5G"، التي يعتقد أنها سبب المشاكل سابقة الذكر، تضعف الجهاز المناعي للجسم البشري، وهو أحد الأسباب الرئيسية في انتشار فيروس كورونا، "ما قد يكون سببا غير مباشر في انتشار الفيروس بالأماكن التي تتواجد بها هوائيات أجهزة الجيل الخامس، كبعض المناطق بالصين، والولايات المتحدة وأوروبا، بشكل أكبر مقارنة بالأماكن الأخرى غير المغطاة بهوائيات هذه التقنية".
"ومما عزز الشكوك لدى أصحاب هذه النظرية تزامن انتشار مجموعة من الفيروسات والأوبئة الخطيرة مع وقت بدء تشغيل ترددات بعض تقنيات الاتصال في السنوات الأخيرة، إذ تزامن انتشار فيروس كورونا سنة 2019 ببدء العمل بتقنيّة اتصالات الجيل الخامس، وأيضا سنة 2009 تزامنت ببدء العمل بتقنية الجيل الرابع، وهو وقت ظهور فيروس "H1-N1". وكذلك تزامن ظهور وباء الأنفلونزا مع بدء تشغيل تقنيّة الجيل الثالث سنة 1998. كل هذا جعل الشائعات تتزايد مؤخرا بشكل كبير، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما دفع مجموعة من الناس إلى مهاجمة وإحراق بعض تلك الأبراج الهاتفية ببريطانيا ودول أوروبية أخرى".
من جهة ثانية، يُفسر الباحث ذاته أن مجموعة من العلماء أصحاب النظرية الثانية يرون أنه لا توجد علاقة علمية واضحة ومباشرة لهذه التقنية بانتشار الفيروس، خصوصا أن الآلية الرئيسية للتفاعل بين جسم الإنسان ومجالات ترددات الأمواج الكهرومغناطيسية المنخفضة والترددات الراديوية العادية (أمواج الراديو والتلفزيون وأنظمة الاتصالات (1G، 3G، 4G، 5G) تكون أكثر تأثيرا من ترددات التقنيات الحالية "5G"، وتؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة في جسم الإنسان بنسبة ضئيلة.
وزاد المصدر موضحاً أنه "مع زيادة ترددات هذه الأمواج الكهرومغناطيسية، كما هو شأن تقنية الجيل الخامس، يكون هناك اختراق أقل لأنسجة الجسم ويصبح امتصاص الطاقة كبيرا وبشكل حصري على مستوى سطح الجسم (أي فقط على مستوى الجلد والعين).
ولفت المتحدث إلى أن الأبحاث مازالت مستمرة وجارية في هذا المجال، رغم أن بعض المنظمات الدولية قالت كلمتها في هذا الخصوص، موردا أن "منظمة الصحة العالمية نفت في بيان لها بتاريخ 27 فبراير 2020 وجود أي دور لهذه التقنية في انتشار الفيروس أو في أي مضار أخرى"، وزاد: "ستقوم منظمة الصحة العالمية قريبا بنشر نتائج دراسة تقييم للمخاطر الصحية من جراء التعرض للترددات الكهرومغناطيسية الراديوية، بما فيها ترددات تصل إلى 300 جيجاهيرتز، وهي ترددات تضم الجيل الخامس للاتصالات.كما ستقوم هذه المنظمة، مع توفر المزيد من البيانات المتعلقة بالصحة العامة، بمراجعة الأدلة العلمية المتعلقة بالمخاطر الصحية المحتملة من التعرض لترددات إشعاعات تقنية "5G".
وذكر الباحث أن هذه المنظمة الدولية قامت سنة 1996 بإنشاء مشروع "المجالات الكهرومغناطيسية الدولية"، المعروف اختصارا بـ (EMF)والذي يقوم بدراسة التأثير الصحي للتعرض للمجالات الكهربائية والمغناطيسية في نطاق ترددات تصل إلى 300 GHz جيجا هرتز، وسيتم نشره بحلول سنة 2022.
وخلصت منظمات دولية أخرى، كالمفوضية الأوروبية، والاتحاد الدولي للاتصالات، وكذلك وكالة الأمم المتحدة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى أن انتشار فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية لا علاقة له بتقنية بـ"5G"، وتزامنهما هو من قبيل الصدفة ليس إلا؛ والدليل على ذلك أن الصين شهدت ظهور أمراض فيروسية عدة قبل اليوم، إذ لم تكن تقنية "5G" موجودة، وكذلك انتشار الفيروس في بلدان لا تتوفر أساسا على تقنية 5 جي.
"الأمر نفسه أقر به مجموعة من المتخصصين الذين درسوا وتعاملوا مع هذا الفيروس، مثل البروفيسور "مالكوم سبرين"، مدير قسم الفيزياء الطبية والهندسة السريرية في مستشفيات جامعة أوكسفورد، والدكتور"سيمون كلارك"، أستاذ علم الأحياء الدقيقة الخلوي في جامعة ريدينغ، وكذلك أستاذ طب الأطفال في جامعة بريستول الدكتور"آدم فين"، وآخرين، حيث نفوا بشكل قاطع أي علاقة محتملة بين تقنية "5G" وتفشي كوفيد 19"، وفق توضيحات الخبير المغربي.

البحث العلمي يقطع الشك باليقين
وخلص عبد الصمد ملاوي، أستاذ جامعي وخبير التكنولوجيا الإلكترونية المدمجة، في مقاله، إلى أن السبيل الوحيد لمعرفة مدى تأثير تقنية الجيل الخامس للاتصالات جي 5 على الصحة البشرية واحتمالية مساعدتها في انتشار الأوبئة هو البحث العلمي.
وشدد الأكاديمي على ضرورة التسلح بمنهجية البحث العلمي الدقيق، وخصوصا التجريبي، لقطع الشك باليقين في مثل هذه التساؤلات. ويرى ملاوي أنه بغض النظر عن تأثير هذه التقنية السلبي من عدمه على صحة الإنسان عموما أو في انتشار الأوبئة، تبقى 5 جي كغيرها من التقنيات التي جاء بها التقدم التكنولوجي، والتي يمكن أن ينشأ عنها قلق لدى السكان، ولكن بالمقابل يمكن الاستفادة منها بشكل كبير.
ويُبرز دور التكنولوجيا خلال الوباء الحالي، حسب الخبير ذاته، مشيرا إلى أن تكنولوجيا الاتصالات الحالية لعبت دورًا أساسيًا في ضمان واستمرار مجموعة من الخدمات الضرورية للعيش مع تطبيق الحظر الصحي، "فقد مكنت من توظيف المعلومات الضرورية في الوقت المناسب لمواجهة هذا الوباء الكوني، وبدونها كان العالم بلا شك سيعرف نتائج كارثية من حيث عدد الوفيات لم يسبق للبشرية أن عرفته".
وأورد الباحث أن تقنية الجيل الخامس للاتصالات حسب التوقعات العلمية العالمية ستعرف انتشارا كبيرا في المستقبل، وستكون لها فوائد كثيرة ومتعددة جدا للبشرية.
وتعتبر هذه التقنية، وفق ورقة الأكاديمي المغربي، من أسرار التقدم التقني والعلمي في المستقبل القريب "الذي لا يدركه إلا القليل، والذي سيؤثر بشكل أساسي وبلا شك في قطاعات إستراتيجية مهمة مبنية على قيمة وسرعة المعلومة ودقتها في صنع القرار مثل الاقتصاد، التجارة، الصناعة، تدبير المخاطر، التعليم، الأمن بمختلف جوانبه..."، ويرى أن الثورة التكنولوجية المستقبلية المبنية على هكذا تقنية ستعيد رسم خريطة العالم، ما يفسر الصراع الظاهر والمحتدم في بعض معالمه بين القوى الكبرى للاستفراد أو على الأقل التموقع بالنسبة لهذه التقنية.
ودعا الخبير ذاته إلى الاستعداد الجيد والمدروس لهذه الثورة الرقمية والإلكترونية القادمة، "وذلك عبر التوجيه الصحيح لأبنائنا والأجيال القادمة من الطلبة والباحثين بالمدارس العليا، والجامعات ومعاهد التكوين المهني"، وأضاف أنه "من واجبنا حث وتنبيه المؤسسات المعنية وصانعي القرار، في الأخذ بعين الاعتبار هذه التقنيات المستقبلية في كل البرامج والخطط القادمة لنكون مستعدين لذلك"، وزاد: "اليوم، الكل مطالب باعتبار هذه التقنية الواعدة في الاختيارات المستقبلية، سواء تعلق الأمر بالخطط أو التصميمات والاستثمارات المستقبلية، وتأهيل التكوينات، وكذلك البنيات التحتية للمنشآت العمومية والخاصة والمعدات والأجهزة لتكون مستعدة، مؤهلة وملائمة لهذه التقنية المستقبلية".

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020