-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

أبيض وأسود.. ورمادي: أحمد شوقي أنموذجاً

Angel or human or satan

ملاك أم شيطان؟.. إنسان..


فكرة: الشيخ بن خليفة



اعتدنا، اجتماعياً، في الغالب على تصنيف الناس إلى أبيض وأسود.. ملاك وشيطان.. وننسى أن هناك لونا رماديا، وأننا في البدء والمنتهى بشر، نصيب ونُخطئ، نقترب من الملاكئية أحياناً ومن الشيطنة في أحيان أخرى.. وأن علينا أن نتقبل بعضنا ونتعايش مع الآخرين على ما هم عليه وما هو فيهم من خير وشر، من صلاح وفساد..

وإن أردنا أن نضرب مثالا على ما يختلج في صدورنا من تناقضات تجعلنا نسأل الله أن يختم لنا بالصالحات أعمالنا وأن يتجاوز عنا خطايانا، يمكن لكلٍ منا أن يتأمل نفسه وحاله وأحواله وحالاته، ولعل أكثرنا يشعر بأنه من النوع الذي "خلط عملاً صالحاً وآخر سيئا"، على أمل أن يكون إلى المهتدين أقرب، وعلى رجاء أن ينجو في الدار الآخرة برحمة وعفو ربه رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما..

وقد تبادرت إلى العبد الضعيف الشيخ بن خليفة، صاحب "مدونة أخبار الجزائر والعالم" هذه الفكرة البسيطة وهو يتأمل بعضاً من أشعار أمير شعراء العرب في العصر الحديث، الشاعر المبدع المصري الراحل أحمد شوقي، رحمه الله، فوجد فيها ما هو أبيض ناصع البياض، مثل مديحه لسيد الخلق، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها ما هو أسود، كتلك القصيدة "العجيبة" التي يمتدح فيها الخمر "أم الخبائث" ـ قد لا يصدّق البعض ذلك ولكنها الحقيقة ـ ومنها ما هو رمادي، مثل العديد من القصائد التي لا يمكنها تصنيفها في خانة الدعوة إلى الخير أو إلى نقيضه..

إنه أحمد شوقي.. لا ملاك.. ولاشيطان، بل إنسان.. وما أحوجنا إلى أن نتأمل حكمة الله في خلقه، ونتطلع إلى رحمته وغفرانه، ونتوقف عن إصدار الأحكام المطلقة على الآخرين، فالله أعلم بنا وبهم.. نسأله الرحمة والمغفرة..

وفي السطور اللاحقة تجدون نماذج من أبيض أحمد شوقي، وسواده.. ورماديّه.. ومطالعة ممتعة يا من شرّفتمونا بزيارة "مدونة أخبار الجزائر والعالم".. ونسعد باستقبال ملاحظاتكم وانتقادتكم واقتراحاتكم دائما..

للإشارة، فقد عاش أمير الشعراء "المسلم السنّي" أحمد شوقي ـ والذي يقال إنه من أصول مختلفة عربية وتركية وكردية وشركسية ويونانية ـ 64 سنة، حيث ولد بالقاهرة عاصمة مصر يوم 16 أكتوبر سنة 1868، وانتقل إلى رحمة ربه يوم 14 أكتوبر سنة 1932..



أبيض


وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ

وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ

الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ

لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ

وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي

وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا

بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ

وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ

وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ

نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ

فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ

اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ

أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ

يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً

مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا

بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي

إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ وَالحُنَفاءُ

خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ آدَمٌ

دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت حَـوّاءُ

هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت

فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِزَّةُ القَعساءُ

خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها

إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ

بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت

وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ

وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ

حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ

وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ

وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِهِ سيماءُ

أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ

وَتَـهَـلَّـلَـ ت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ

يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ

وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ وَضّاءُ

الـحَـقُّ عـالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ

فـي الـمُـلـكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ

ذُعِـرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت

وَعَـلَـت عَـلـى تيجانِهِم أَصداءُ

وَالـنـارُ خـاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم

خَـمَـدَت ذَوائِـبُها وَغاضَ الماءُ

وَالآيُ تَـتـرى وَالـخَـوارِقُ جَمَّةٌ

جِــبـريـلُ رَوّاحٌ بِـهـا غَـدّاءُ

نِـعـمَ الـيَـتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ

وَالـيُـتـمُ رِزقٌ بَـعـضُهُ وَذَكاءُ

فـي الـمَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ

وَبِـقَـصـدِهِ تُـسـتَـدفَعُ البَأساءُ

بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم

يَـعـرِفـهُ أَهـلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ

يـا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا

مِـنـهـا وَمـا يَـتَعَشَّقُ الكُبَراءُ

لَـو لَـم تُـقِـم ديناً لَقامَت وَحدَها

ديـنـاً تُـضـيءُ بِـنـورِهِ الآناءُ

زانَـتـكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ

يُـغـرى بِـهِـنَّ وَيـولَعُ الكُرَماءُ

أَمّـا الـجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ

وَمَـلاحَـةُ الـصِـدّيـقِ مِنكَ أَياءُ

وَالـحُـسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ

مـا أوتِـيَ الـقُـوّادُ وَالـزُعَماءُ

فَـإِذا سَـخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى

وَفَـعَـلـتَ مـا لا تَـفعَلُ الأَنواءُ

وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً وَمُـقَدَّراً

لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ

وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ

هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ

وَإِذا غَـضِـبـتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ

فـي الـحَـقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ

وَإِذا رَضـيـتَ فَـذاكَ في مَرضاتِهِ

وَرِضـى الـكَـثـيـرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ

وَإِذا خَـطَـبـتَ فَـلِـلمَنابِرِ هِزَّةٌ

تَـعـرو الـنَـدِيَّ وَلِـلقُلوبِ بُكاءُ

وَإِذا قَـضَـيـتَ فَـلا اِرتِيابَ كَأَنَّما

جـاءَ الـخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ

وَإِذا حَـمَـيـتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو

أَنَّ الـقَـيـاصِـرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ

وَإِذا أَجَـرتَ فَـأَنـتَ بَـيتُ اللَهِ لَم

يَـدخُـل عَـلَـيهِ المُستَجيرَ عَداءُ

وَإِذا مَـلَـكـتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها

وَلَـوَ اَنَّ مـا مَـلَكَت يَداكَ الشاءُ

وَإِذا بَـنَـيـتَ فَـخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً

وَإِذا اِبـتَـنَـيـتَ فَـدونَـكَ الآباءُ

وَإِذا صَـحِـبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّماً

فـي بُـردِكَ الأَصـحابُ وَالخُلَطاءُ

وَإِذا أَخَـذتَ الـعَـهـدَ أَو أَعطَيتَهُ

فَـجَـمـيـعُ عَـهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ

وَإِذا مَـشَـيـتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ

وَإِذا جَـرَيـتَ فَـإِنَّـكَ الـنَـكباءُ

وَتَـمُـدُّ حِـلـمَـكَ لِلسَفيهِ مُدارِياً

حَـتّـى يَـضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ

فـي كُـلِّ نَـفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ

وَلِـكُـلِّ نَـفـسٍ فـي نَداكَ رَجاءُ



أسود


هل تصدق أن من كتب الأبيات السابقة في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو الشخص نفسه الذي كتب الأبيات الآتية عن "مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ"..

رَمَضانُ وَلّى هاتِها يا ساقي *** مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ

ما كانَ أَكثَرَهُ عَلى أُلّافِها *** وَأَقَلَّهُ فى طاعَةِ الخَلّاقِ

اللَهُ غَفّارُ الذُنوبِ جَميعِها *** إِن كانَ ثَمَّ مِنَ الذُنوبِ بَواقي

بِالأَمسِ قَد كُنّا سَجينَي طاعَةٍ *** وَاليَومَ مَنَّ العيدُ بِالإِطلاقِ

ضَحِكَت إِلَى مِنَ السُرورِ *** وَلَم تَزَل بِنتُ الكُرومِ كَريمَةَ الأَعراقِ

هاتِ اِسقِنيها غَيرَ ذاتِ عَواقِبٍ *** حَتّى نُراعَ لِصَيحَةِ الصَفّاقِ

صِرفاً مُسَلَّطَةَ الشُعاعِ كَأَنَّما *** مِن وَجنَتَيكَ تُدارُ وَالأَحداقِ

حَمراءَ أَو صَفراءَ إِنَّ كَريمَها *** كَالغيدِ كُلُّ مَليحَةٍ بِمَذاقِ

وَحَذارِ مِن دَمِها الزَكِى تُريقُهُ *** يَكفيكَ يا قاسى دَمُ العُشّاقِ

ويبدو واضحاً تغزل شوقي بالخمرة هنا، وهي "أم الخبائث"، وليس هو من يجهل ذلك، وقيل إنه قد عوتب على ما قاله في القصيدة التي وصفت بالرائعة من حيث البناء، فرد قائلا بأن "الشعراء يقولون ما لا يفعلون.."، وليس غريباً أن يتبعهم الغاوون..



رمادي

يقول الشاعر المبدع المصري الراحل أحمد شوقي، رحمه الله، في واحدة من أشهر قصائده التي يمكن تصنيفها ـ إن صحّ التوصيف ـ في خانة الرمادي:

خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ *** وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ

أَتُراها تَناسَت اسمِيَ لَمّا *** كَثُرَت في غَرامِها الأَسماءُ

إِن رَأَتني تَميلُ عَنّي كَأَن لَم *** تكُ بَيني وَبَينَها أَشياءُ

نَظرَةٌ فَابتِسامَةٌ فَسَلامٌ *** فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ

فَفِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواءٌ *** أَو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ

يَومَ كُنّا وَلا تَسَل كَيفَ كُنّا *** نَتَهادى مِنَ الهَوى ما نَشاءُ

وَعَلَينا مِنَ العَفافِ رَقيبٌ *** تَعِبَت في مِراسِهِ الأَهواءُ

جاذَبَتني ثَوبي العصِيَّ وَقالَت *** أَنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراءُ

فَاتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى *** فَالعَذارى قُلوبُهُنَّ هَواءُ.



متفرقات من أجمل أشعار أحمد شوقي:



تأتي الدلال سجية

تأتي الدلال سجية وتصنعا * وأَراك في حالَيْ دَلالِكَ مُبْدِعا

تهْ كيف شئت ؛ فما الجمالُ بحاكم * حتى يُطاع على الدلال ويُسْمَعا

لك أن يروعك الوشاة ُ من الهوى * وعليّ أَن أَهوى الغزالَ مُروَّعا

قالوا: لقد سَمع الغزالُ لمن وشَى * وأقول : ما سمع الغزالُ، ولا وعي

أنا من يحبك في نفارك مؤنسا * ويحبُّ تيهكَ في نفاركَ مطمعا

قدّمتُ بين يديَّ أَيامَ الهوى * وجعلتُها أَملاً عليكَ مُضيَّعا

وصدقتُ في حبِّي، فلست مُباليا * أن أمنحَ الدنيا به أو أمنعا



رُدّت الروح

رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ * أحسن الأيام يوم أرجعك

مَرَّ من بُعدِك ما رَوَّعَني * أَتُرى يا حُلْوُ بُعدي روّعك ؟

كم شكوتُ البيْن بالليل إلى * مطلع الفجر عسى أن يطلعك

وبعثتُ الشوقَ في ريح الصَّبا * فشكا الحرقة مما استودعك

يا نعيمي وعذابي في الهوى * بعذولي في الهوى ما جَمعَك ؟

أَنت روحي ظَلَم الواشي الذي * زَعَم القلبَ سَلا، أَو ضيَّعك

مَوْقِعي عندَك لا أَعلمُه * آهِ لو تعلمُ عندي موقِعَك !

أَرْجَفوا أَنك شاكٍ مُوجَع * ليت لي فوق الضَّنا ما أوجعك

نامت الأعين، إلا مقلة * تسكُب الدمعَ، وترعى مضجَعك



لا والقوام الذي

لا والقوامِ الَّذي، والأَعينِ اللاتي * ما خُنْتُ رَبَّ القَنا والمُشْرَفيَّاتِ

ولا سلوتُ، ولم أهممْ، ولا خطرتْ * بالبالِ سَلْوَاكِ في ماضٍ ولا آت

وخاتَمُ الملكِ للحاجات مُطَّلَب * وثَغْرُكِ المتمنَّى كلُّ حاجاتي



يا ناعما رقدت جفونه

يا ناعما رقدت جُفونُه * مضناك لا تهدا شجونه

حملَ الهوى لك كلَّه * إن لم تعنه فمنْ يعينه ؟

عُدْ مُنعِما، أَو لا تَعُدْ * أَوْدَعْتَ سرَّكَ مَن يصُونُه

بيني وبيكَ في الهوى * سبب سيجمعنا متينه

رشأ يعابُ الساحرو * ن وسحرهم، إلا جفونه

الروحُ مِلْكُ يمينه * يَفديه ما مَلَكَتْ يَمِينه

ما البانُ إلاَّ قدُّه * لو تيمتْ قلباً غصونه

ويزين كلَّ يتيمة * فمُه، وتحسبُهَا تَزينُه

ما العمرُ إلا ليلة * كان الصباح لها جبينه

بات الغرامُ يَديننا * فيها كما بتنا ندينه

بين الرقيب وبيننا * واد تباعدُه حزونُه

تغتابه ونقول : لا * بَقِي الرقيبُ ولا عيونُه



يا ويح أهلي

يا ويح أهلي أبلى بين أعينهم * ويدرج الموت في جسمي وأعضائي

وينظرون لجنب لا هدوء له * على الفراش ولا يدرون ما دائي



طرقت حماها

وليل كأن الحشر مطلع فجره * تراءت دموعى فيه سابقة الفجر

سريت به طيفـا إلى من أحبها * وهل بالسهى فى حالة السقم من نكر

طرقت حماها بعد ما هب أهلها * أخوض غمار الظن والنظر الشزر

فما راعني إلا نساء لقينني * يبالغن فى زجري ويسرفن فى نهري

يقلن لمن أهوى وآنسن ريبة * نرى حالة بين الصبابة والسحر

إليكن جارات الحمى عن ملامتي * وذرن قضاء الله في خلقه يجري

وأحرجني دمعي فلما زجرته * رددت قلوب العاذلات إلى العذر



من هو أحمد شوقي؟


جاء في موقع "سطور" أن أحمد شوقي شاعرٌ مصريّ وأمير شعراء العرب، وواحد من روَّاد مدرسة البعث والإحياء، ولد أحمد شوقي عام 1868م في القاهرة في حي الحنفي، أبوه شركسي وأمُّه يونانية، وجدته كانت تعمل في قصر الخديوي إسماعيل، وقد عاش في عائلة ثرية فلم يذق طعم الفقر في حياته أبدًا، التحق شوقي وهو في الرابعة من عمره بالكُتَّاب ليتعلم على يد الشيخ صالح، فتعلَّم الكتابة والقراءة وحفظ ما تيسر له من القرآن الكريم، ثمَّ درس في مدرسة المبتديان الابتدائية، وكانت علامات النباهة والنبوغ بادية عليه، وقد بدا اهتمامه بالشعر والشعراء مبكرًا حيث حفظ عددًا كبير من شعر فحول شعراء العرب وهو في بدايات حياته.

وفي عام 1885م التحق شوقي بمدرسة الحقوق، وفي هذه الفترة من حياته بدأتْ ملامحه الشعرية بالظهور، فلقي التشجيع والدعم من أستاذه الشيخ محمد البسيوني، الذي علَّمه البلاغة العربية ووثق بموهبته وقدَّمه بين يدي الخديوي توفيق، تزوَّج شوقي وسكن في كرمة ابن هاني وأنجب ثلاثة أبناء، وقد سافر شوقي إلى فرنسا في حياته بدعم من الخديوي توفيق، وهناك اطلع على الأدب الفرنسي وتأثر بعض شعراء الأدب الفرنسي، ثمَّ وبعد عودته إلى مصر بأ شوقي يكتب المدائح للخديوي عباس حاكم مصر الذي كان عرشه مهددًا من الإنكليز، ثمَّ وبعد سقوط عرش الخديوي نفى الإنكليز أحمد شوقي إلى إسبانيا عام 1915م، وهذا ما أتاح له الفرصة للاطلاع على الثقافة الإسبانية والحضارة الأندلسية، ثمَّ عاد إلى مصر عام 1920م، وبقي فيها حتَى وافته المنية عام 1932م ليرحل شوقي تاركًا وراءَهُ جبلًا عظيمًا من الشعر العربي العريق الذي لم يزلْ يُتلى حتَّى هذه الأيام.

المسرح الشعري عند شوقي بعد أخذ نبذة عن الشاعر أحمد شوقي، لا بدَّ من تسليط الضوء على المسرح الشعري عند أحمد شوقي، ففي عام 1893م أصدر أحمد شوقي عملًا أدبيًا فريدًا من نوعه، كان شوقي السبَّاق إلى مثله في الأدب العربي، حيث قام بإصدار أول عمل مسرحي شعري عربي، ثمَّ وبعد أن بايعه الشعراء العرب أميرًا للشعراء عام 1927م، وجد شوقي الفرصة مواتية لكتابة المزيد من المسرح الشعري، فأصدر مسرحيته مصرع كيلوباترا عام 1927م، ثمَّ أصدر مسرحية مجنون ليلى عام 1932م ومسرحية قمبيز أيضًا عام 1932م، ومسرحية عنترة وغيرها، وقد سار على نهج شوقي غيره من الشعراء العرب الذي كتبوا في المسرح الشعري ماشين على الضوء الذي أشعله أمير الشعراء أحمد شوقي من قبل، والله تعالى أعلم.



أحمد شوقي.. فنان عالمي كبير


ثمَّة في سيرة حياة أمير الشعراء أحمد شوقي حقائق عديدة، ومنها أنَّ أحمد شوقي عُيِّن في عام 1891م بعد أن عاد من فرنسا رئيسًا للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي، ثمَّ انتدبته الحكومة المصرية ليقوم بتمثيلها في مؤتمر المستشرقين الذي تم عقده في مدينة جنيف في سويسرا عام 1896م، كما أنّ الحكومة الإيطالية عام 1962م أمرت مجموعة من النحاتين الطليان أن يقوموا بصناعة تمثال للشاعر أحمد شوقي، ليتم وضع التمثال في حديقة من حدائق فيلا بوزغيري في العاصمة الإيطالية روما؛ تكريمًا له كفنان عالمي كبير، وقد تمَّ الأمر وحضر حفل التدشين كلٌّ من وزير الثقافة المصري والإيطالي وعدد من الفنانين والشعراء العرب.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020