الراحلان الشيخ زايد وياسر عرفات |
الشيخ زايد: "إسرائيل عدونا.. ومن شذ عن موقفنا ليس منا"
"إسرائيل العدو الأول للعرب وللإسلام، ومن شذ عن هذا الموقف فليس منا".. هذه العبارة ردّدها الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان أشهر رئيس في تاريخ دولة الإمارات، وباني نهضتها، وكأنه بها يتبرأ من حكام الإمارات اليوم "عيال زايد" الذين لم يكتفوا بالكف عن اعتبار ما يسمى بإسرائيل عدواً للعرب والمسلمين، بل بادروا بمد يد الاستسلام لها، من دون حتى أن يطلقوا رصاصة واحدة.. سلام بلا حرب، واستسلام وانبطاح لا يكفي وصف "العار" للتعبير عن مدى الخزي الخاصل بسببه..
وقد حلّت قبل أيام قليلة الذكرى الثانية والأربعون لاتفاقية العار المسماة اتفاقية كامب ديفيد التي أبرمها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات مع نظيره الإسرائيلي مناحيم بيغن برعاية الرئيس الأمريكي وقتها جيمي كارتر.
في ذلك التاريخ الأسود 17 سبتمبر/أيلول 1978، انطلق قطار التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي وصل الجزيرة العربية وهرولت إليه دولتان خليجيتان، رغم كل الرفض الشعبي الذي واجه لفكرة والقرار ومازال يواجهها ولو على استحياء.
يومها واجهت مصر رداً عربياً عنيفاً نحو القرار بالتطبيع، وأعلن العرب مقاطعتها وسحبت الدول العربية سفراءها وأجهض حلم الهيئة العربية للتصنيع وقتذاك، وكان هو أكبر حلم عربي بتأسيس هيئة معنية بصناعة السلاح العربي وتأمين احتياجات الجيوش العربية، واختيرت مصر مقراً لها، كونها أكبر الدول العربية كثافة وأقواها جيشاً.
وقد سجل التاريخ أن من أقوى مواقف الحكام العرب تجاه التطبيع مع «العدو الإرهابي الصهيوني»، موقف الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات وقتها.
لقد ظل الشيخ زايد حاداً وصارماً في موقفه المعلن تجاه الاحتلال إلى أن رحل، لكن برحيله تغير كل شيء، وأخذ أبناؤه ينحرفون ببوصلة أبيهم من تأييد القضية الفلسطينية إلى الانسحاب من ساحتها، ثم التصالح والتطبيع التدريجي مع إسرائيل، حتى أعلن التطبيع الكامل قبل أيام، فكيف جرى ذلك؟ إليك بعض محطات التحول في الموقف الإماراتي.
«يقال أن إسرائيل ديمقراطيون.. مادام إسرائيل ديمقراطيين، لماذا يقتلون الأطفال ويقتلون النساء وهم بلا سلاح ولا بأيديهم سلاح.. يقتلون النساء والأطفال، ويهدمون بيوتهم ويحرقون مزارعهم، هل هذه هي الديمقراطية؟»
كلمات ترصد واحداً من مواقف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، وأول رئيس لها، وهو تصريح يحمل انتقاداً واضحاً لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين العزل.
كلمات الشيخ زايد بن سلطان السابقة، كانت جزءاً من مواقف داعمة للقضية الفلسطينية ومن الموقف العربي ككل ضد الاحتلال الإسرائيلي، واستمر مدافعاً عنها حتى وافته المنية في نوفمبر 2004، ومازالت الذاكرة العربية تحفظها له.
كان الشيخ زايد حريصاً دائماً على توضيح موقفه الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، في افتتاح الجلسة الأولى في دور الانعقاد العادي الثاني للمجلس الوطني الاتحادي.
وقال الشيخ زايد خلالها: «إن دولة الإمارات أعلنت دعمها وتأييدها لشعب فلسطين فى نضاله العادل ضد قوى البغي والعدوان لأنه لا يمكن إقرار السلام في الشرق الأوسط طالما أن شعب فلسطين قد حرم من حقوقه وأرض أجداده».
وأثناء انتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية ضد الاحتلال، التي اندلعت في سبتمبر/أيلول عام 2000 أدان الشيخ زايد الاعتداءات الإسرائيلية، وطالب خلال استقباله مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ويليام بيرينز بأبوظبي في 14 يناير/كانون الثاني 2002، الولايات المتحدة بتحمل مسؤولياتها لوضع حد للعدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
وعلى الصعيد الإنساني والإغاثي، نفذت المؤسسات الإماراتية خلال حكم الشيخ زايد الكثير من المشروعات في الأراضي الفلسطينية.
للإشارة، فقد توفي الشيخ زايد بن لطان آل نهيان، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 وبوفاته انتهت حقبة الدعم الإماراتي الكامل للقضية الفلسطينية ووقوفها ضد الاعتداءات الصهيونية، ثم بدأت بالتدريج مرحلة التقارب بين أبو ظبي وتل أبيب، عبر إجراءات عديدة توجت مؤخراً بالتطبيع والاستسلام الإماراتي التام لبني صهيون عليهم من الله ما يستحقون.