أثبتت وقائع الأزمة الليبية، وما
سبقها وأعقبها من أحداث ومآسي في ليبيا غير ليبيا أن هناك بدل المؤامرة الخارجية
الواحدة مؤامرات عديدة تحاك بحق مختلف البلدان العربية، وقد بيّنت محاولات الشحن
والتجييش والتحريض والتضليل التي تعرض لها الجزائريون على مدار الشهور الأخيرة أن
المؤامرة الخارجية جزء لا يتجزأ من مشهد الجزائر اليوم..
وحين نسمع أحد صانعي هذه المؤامرات
الخارجية، وهو الفيلسوف الصهيوني برنار هنري ليفي يفخر بصهيونيته ويعترف بعظمة
لسانه بسعيه لتكريس مصالح الصهيونية العالمية في مشارق الأرض ومغاربها، ويقدم
الإملاءات والدروس لـ"أصدقائه" و"تلامذته" في ليبيا وغيرها،
ندرك أن المؤامرة الصهيونية على بلاد المسلمين أمر لا ريب فيه، ونتيقن أن ليفي هذا
يعد أحد أبرز أعدائنا على الإطلاق، إلى جانب أعداء آخرين يناصبوننا العداء
ويجاهرون بكرههم لنا، ويدبرون لنا المكائد، ولا يتوانون من أجل تجسيد مآربهم في
تدمير بلداننا، وتوجيهنا نحو المزالق والمهالك متى ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا..
ليفي عدونا، وهو فخور بصهيونيته،
وساركوزي يتوعدنا سرا ويطلق ابتسامات صفراء نحونا في العلن، وقد أسّر لأحد أصدقائه
بليبيا أن دو الجزائر آت.. ولكن ليفي ليس عدو الجزائر الأكبر، وساركوزي ليس أخطر
أعدائنا..
أكبر أعداء الجزائر هم أبناؤها
الذين لا يقومون بواجباتهم تجاهها، وأخطر أعداء الجزائر هم أولئك المسؤولين الذين
استأمنهم الشعب على بلاده، ووضع فيهم الرئيس ثقته، فأضاعوا تلك الأمانة وخانوا هذه
الأمة..
بعض المسؤولين انتخبهم الشعب
لخدمته، فحوّلوه إلى خادم لهم، وتحولوا إلى سلاطين، ومسؤولون آخرون عيّنهم الرئيس،
أو من بيده سلطة التعيين، في مناصب هامة، فاستغل المنصب للنصب والاحتيال والنهب،
وقضايا محاكمنا تعج بمثل هذه الملفات المسيئة لسمعة البلاد بأسرها..
ليس هناك من خطر أشد وأكبر على أي بلد من البلدان من
خيانة أبنائه وفسادهم.. وإذا كان ليفي عدو كبير للجزائر، وساركوزي عدو خطير على
استقرارها، فإن هؤلاء الفاسدين من أبناء الجزائر، مهما كانت درجة فسادهم، ومستوى
مسؤوليتهم، أشد ضررا وأكبر خطرا على الجزائر..