-->
أخبار الجزائر والعالم أخبار الجزائر والعالم

هكذا تخطط أمريكا لتقسيم البلدان العربية



هل تُعجّل "الفوضى الخلاقة" بتفعيل الخُطّة الأمريكية القاضية بتقسيم الشرق الأوسط على أسس أثنية وطائفية وهل تسلم ‏الدّول الخليجية من التّفكيك قبل تحرّر الولايات المُتّحدة من الاعتماد على نفط الخليج؟
تذكر تقارير صحفية غربية أن بعض الدّوائر الأمريكية تريد إعادة تقسيم دول الشرق الأوسط، من ضمنها السعودية، ‏على أسس أثنية ودينية وطائفية بعد أن اجتاحت المنطقة العربية الفوضى الخلاقة التي أفصحت عنها وزيرة الخارجية ‏الأمريكية كوندوليزا رايس في حكومة جورج بوش الابن.‏
وأعادت بعض الصحف نشر خُطّة التّقسيم والخارطة التي تتضمّن إعادة رسم الحدود في المنطقة العربية والإسلامية بما ‏يتّفق مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية، والتي نُشرت فى جوان 2006 في "مجلة القوات المسلحة" ‏الأمريكية، ‏بعنوان "حدود الدّم - نحو نظرة افضل للشرق الأوسط"، ووضعها رالف بيترز (‏Ralph Peters‏)، الجنرال المتقاعد ‏ونائب رئيس هيئة الأركان للاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع سابقا.‏

سيناريــوهات ودُويــلات...
تتضمّن هذه الخُطّة تقسيم دول مثل تركيا وسوريا والعراق وباكستان والسعودية والإمارات العربية المتحدة لكن على أسس ‏طائفية وقبلية ودينية.
وتتضمّن الخُطّة تأسيس دول جديدة، من بينها "دولة عربية شيعية" على أراض سعودية غنية بالنفط - ستشمل جنوب ‏العراق والجزء الشرقي من السعودية والأجزاء الجنوبية الغربية من إيران (الأهواز) - و"دولة كردستان الحرة" على ‏أراض من تركيا وسوريا والعراق وإيران وتكون أكثر الدول تبعية للولايات المتحدة. ‏
وسيختفي العراق الحالي من الوجود. وتخسر إيران ساحلها على الخليج ويتبقى لها المناطق المركزية بالقرب من ‏طهران، لأن المناطق الشرقية سيتم ضمها إلى أفغانستان وإلى دولة جديدة تُسمّى "بلوشستان الحرة" تستقطع ‏أراضيها من الجزء الجنوبي الغربي لباكستان والجزء الجنوبي الشرقي من إيران. وستفقد سوريا سواحلها على البحر ‏الأبيض المتوسط لصالح "دولة لبنان الكبرى" الجديدة.‏

تحجيم السعودية

وبحسب رالف بيترز، لن يشفع للسعودية تحالفها الإستراتيجي مع الولايات المتحدة منذ حفر أول بئر للنفط في المملكة (1933) والذي ‏ترسّخ سنة 1945 باللّقاء التاريخي بين الملك المُؤسس عبدالعزيز آل سعود والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على ‏ظهر السفينة الحربية "كوينسي".‏
فمن أبرز ملامح الخُطّة التي رسمها، تقسيم السعودية إلى دولة إسلامية تضمّ المدن المقدسة مكة والمدينة ويتمّ إدارتها من قبل ‏جميع الطوائف الإسلامية وتحصل الأردن على جزء من البلاد لتتحول إلى "الأردن الكبير"، لتشمل على كل فلسطيني ‏الداخل والشّتات. كما تُلحق أراض سعودية باليمن.‏
في حديثه عن السعودية، إعتبر بيترز أن "أحد أسباب الجمود الكبير في العالم الإسلامي هو تعامل أسرة آل ‏سعود المالكة مع كل من مكة والمدينة باعتبارهما خاضعتين لسلطانها، حيث تقع أهم الأماكن الإسلامية المقدسة تحت ‏سيطرة دولة بوليسية تعتبر واحدة من أشد الأنظمة القمعية في العالم، فهو نظام يستحوذ على قدر هائل من الثروة ‏النفطية غير المكتسبة والتي استطاع السعوديون بفضلها أن ينشروا الوهابية، الرؤية المتشددة للإسلام، خارج حدود ‏دولتهم".‏
وأضاف بيترز "فلنتخيل كم سيصبح العالم الإسلامي أكثر صحيّة إذا صارت مكة والمدينة محكومتين بمجلس يُدار من ‏مُمثّلين للمدارس والحركات الإسلامية الكبرى وتكون رئاسته بالتناوب في دولة إسلامية مقدسة تشبه فاتيكانا إسلاميا، ‏بدلا من الخضوع لنظام يصدر الأوامر".‏
واسترسل بيترز قائلا أن "العدالة الحقيقية، والتي قد لا نحبها، تقتضي كذلك منح حقول البترول الساحلية في السعودية ‏للشيعة العرب الذين يسكنون هذه المناطق، بينما الربع الجنوبي الشرقي يتم ضمه إلى اليمن".‏
وأعادت الصحيفة الألمانية (‏Neue Rheinische Zeitung‏) الآن الحديث عن خُطّة التّقسيم الأمريكية في تقرير ‏بعنوان "الشرق الأوسط الجديد - الحرب والسلام" (‏Krieg und Frieden‏ ‏:‏ ‏Mittleren Osten neu ordnen‏).‏
أشارت الصحيفة إلى أن الدوائر الأمريكية وضعت الخرائط الجديدة التي قام المُؤرّخ الفرنسي بيير هيلار (‏Pierre Hillard‏) بنشرها مُؤخّرا. وأضافت أنه "من المقرر أن تلعب السياسة الألمانية دوراً محورياً في تنفيذ خطط التقسيم، خاصة ‏وأنها لعبت دوراً مهما في تقسيم يوغسلافيا إثنياً ودينياً". ‏

الربيع العربي ليس بدعة ‏في الخليج
ويتساءل بعض المُحلّلين السّياسيين عن الغرض من الحديث عن مشروع بهذا الحجم يرجع وضعه إلى أكثر من ستّ ‏سنوات ولا يتّفق مع السياسة الحالية للولايات المتحدة التي لا زالت تعتبر السعودية أهم حليفة لها في المنطقة وقاعدة ‏الانطلاق، خاصة الآن، ضد إيران.‏
لكن منذ اندلاع الانتفاضات العربية قبل حوالي سنتين، تتحدّث الصحف الغربية عن فُتور نسبي في العلاقات بين ‏السعودية والولايات المتحدة بسبب التقارير المروعة عن غياب الحُريّات والحقوق الدينية للأقليات ووضع المرأة.‏
تتزامن إعادة إثارة خُطّة التّقسيم مع انتشار الفوضى وتفاقمها في بعض بلدان "الربيع العربي"، خاصة في سوريا، ‏وفي وقت يدفع فيه البعض باتّجاه إشعال الفتنة الطائفية في بعض دول المنطقة.
وقبل أيام حذّر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله من خطر تقسيم "مُختلف الدول العربية، وسوريا في المقدمة"، وأضاف "أخطر ما تواجهه منطقتنا وأمتنا في هذه المرحلة، وخصوصا في السنوات ‏الأخيرة، هو مشروع إعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة على أساس طائفي أو مذهبي أو عرقي أو جهوي".‏ ‏
يذكر أن دول الجزيرة العربية لم تشملها مُعاهدة "سايكس بيكو" الاستعمارية التي تم بموجبها سنة 1916 تقسيم العالم العربي ‏‏بين انجلترا وفرنسا.‏
ويتّفق المُحلّلون على أن دول الخليج ليست بمنأى عن موجة التغيير التي تجتاح المنطقة. فشرق السعودية، ذات ‏الأغلبية الشيعية، مثلا يشهد منذ حوالي عام ونصف مُظاهرات شبه يومية للمُطالبة بإصلاحات جوهرية، رغم القبضة ‏الحديدية للقوات الأمنية.‏

النّفـــط مُقابل القمـــع
ويتواتر الحديث منذ أشهر عن قُرب استغناء الولايات المتحدة عن النفط الخليجي، نظرا للقدرات المُتنامية لأمريكا التي ‏سوف تصبح أول منتج عالمي للنفط ما بين 2017 و2020، ليتجاوز الانتاج السعودي، كما ورد في التقرير السنوي ‏للوكالة الدولية للطاقة (‏World Energy Outlook‏)، الذي نشر في شهر نوفمبر الماضي.‏
فقد كشف التقرير أن أكبر الاحتياطيات العالمية من النفط القابلة للاستغلال تقنيا لم تعد متمركزة في الشرق الأوسط ‏‏(1200 مليار برميل) وإنما في أمريكا الشمالية (2200 مليار برميل، من بينها 1900 مليار من الطاقة غير التقليدية).‏
وبحسب وزارة الطاقة الأمريكية، فقد أمّنت الولايات المتحدة في النصف الأول من عام 2012، 83 في المئة من ‏احتياجاتها من النفط (بزيادة قدرها 8 نقاط في غضون أربع سنوات) وانخفضت وارداتها بنسبة 11 في المئة خلال العام ‏نفسه. ‏
ونقلت صحيفة لوموند الفرنسية عن أحد المستثمرين الأمريكيين الأكثر نفوذا في هذا القطاع قوله "إنه من السّخافة ‏رؤية الأسطول الأمريكي الخامس مُجمّدا (في الخليج) من أجل حماية نفط سينتهي به المطاف ليصل إلى الصين أو ‏أوروبا".‏
ويقول المُحلّل السياسي البحريني المُعارض، الدكتور سعيد الشهابي، في مقال بالقدس العربي "هذا النفط نفسه ‏وعائداته أصبح سلاحا بأيدي حكومات دول الخليج ضد شعوبها، فأصبحت تضغط على الدول الغربية بأموال النفط لمنع ‏هذه الدول من المطالبة بالتغيير الديمقراطي او التعاطي مع قضايا حقوق الانسان بشكل جاد يحرج الانظمة الحاكمة".‏
يُضيف الشهابي "كان الموقف الامريكي العام الماضي حماية الانظمة الخليجية بالتوازي مع ممارسة شيء من الضغط ‏عليها لتطوير انظمتها السياسية وحماية حقوق الانسان. ولكن ادركت الآن ان التعويل على اصلاح تلك الانظمة غير ‏واقعي وان تلك الانظمة عاجزة عن انتهاج سياسات ديمقراطية".‏
لكن بعض المُحلّلين الاقتصاديين يرون أن الولايات المتحدة ستضلّ تعتمد على نفط الخليج على الأقلّ إلى أن تبلغ ‏الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة بحلول عام 2020.‏
ويعتبر الدكتور أنس الحجي، كبير الاقتصاديين في "ان جي بي كابيتال انريجي" في هيوستن أن استغناء أمريكا عن نفط ‏الخليج "كلام سياسي ومناف للواقع". ويرى المُحلّل بأن "النفط الذي ينتج في الولايات المتحدة هو نفط ‏عالي الجودة من أنواع النفط الخفيف، وأن قدرة المصافي في أمريكا لا تتناسب ونوعية هذا المنتج. ولذلك ستصدر ‏الولايات المتحدة النفط الخام الخفيف وتظل تستورد النفط الثقيل".
ويختتم قائلا في حديث لقناة "العربية" المُوالية للسعودية "ومن هنا، ستبقى الولايات المتحدة تعتمد على النّفط ‏السعودي".‏

متابعة: حبيب طرابلسي

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

أخبار الجزائر والعالم

2020