هل الجزائر أفضل من مصر وتونس؟
يقول البعض أن الجزائر اليوم أفضل حالا بكثير من الشقيقتين مصر وتونس اللتين شهدتا "ربيعا ثوريا" وضع حدا لحكم نظامين لا يُؤسف عليهما، ويردد كثيرون أن ما تشهده بعض بلدان ما يسمى بالربيع العربي حاليا قد عاشته الجزائر بعض "انتفاضة" أكتوبر 1988، وأن الجزائريين غير مستعدين لمعايشة مأساة أخرى كالتي عايشوها في نهاية القرن الماضي..
ولعل بعض الأشقاء في تونس ومصر، ودول عربية أخرى نتمنى أن يجعلها الله آمنة وكل بلاد المسلمين، يرون ـ بدورهم ـ أن الجزائر اليوم أفضل فعلا من بلدانهم، إن على مستوى "الاستقرار السياسي"، أو على المستوى المعيشي، ولكن هل يعني تمتع الجزائر باحتياطات صرف تناهز المائتي مليار دولار، وابتعادها عن دائرة ما يسمى بـ"الربيع العربي" أن كل شيء على ما يرام؟
ومن دون إنكار جهود الخيّرين من أبناء هذا الوطن، ودون إلغاء تراكم الخبرات نتيجة توالي المحن والأزمات، فإن السبب الأول الذي يجعل الجزائريين أفضل حالا من المصريين والتوانسة حاليا في تقديرنا هو البترول والغاز، فبفضل نعمة النفط التي حبانا الله بها تعيش الجزائر بحبوحة مالية، انعكست، رغم فضائح سوناطراك، بالإيجاب، ولو بدرجات متفاوتة، على عامة الجزائريين، بدليل ارتفاع قيمة الحد الأدنى للأجر القاعدي المضمون عدة مرات في السنوات الأخيرة، وبدليل أن الجزائر العاصمة مصنفة بين أرخص عشر عواصم عالمية في التكاليف المعيشية، وبدليل استفادة عدد كبير جدا من العائلات الجزائرية، في السنوات الأخيرة، من سكنات "مجانية" بصيغة "الاجتماعي"، وبدليل استمرار مجانية العلاج والتعليم، وبدليل انخفاض أسعار الوقود، واستمرار دعم أسعار الخبز والحليب والطاقة..
كل ذلك يعود الفضل فيه أساسا لنعمة النفط، وهي النعمة التي أبقتنا، بعد خمسين سنة من الاستقلال، "نائمين في العسل"، بلا قاعدة صناعية قوية، وبلا اقتصاد حقيقي منتج..
والسؤال الواجب طرحه الآن هو: حين تنفد هذه النعمة وتصبح في خبر كان.. هل سنبقى أفضل من المصريين والتواسنة؟
الخوف كل الخوف أن نصبح نحن أيضا في خبر كان، بعد أن نضطر لأن نأكل بعضنا بعضا حين لا نجد ما نأكله!..
الشيخ بن خليفة
